أثارت الصواريخ الأمريكية التي أطلقت باتجاه قاعدة جوية للنظام السوري، تساؤلات في مصر حول مدى تغير موقف قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي من نظام (رفيقه) بشار
الأسد في
سوريا.
وأطلقت مدمرات أمريكية في شرق البحر المتوسط، ما يقرب من 59 صاروخا فجر الجمعة، باتجاه قاعدة الشعيرات العسكرية التي يعتقد أن الهجوم الكيماوي الذي استهدف بلدة
خان شيخون بريف إدلب الثلاثاء الماضي قد انطلق منها.
لقاء السيسي-ترامب
وإثر زيارة السيسي لأمريكا، والتي استمرت ستة أيام؛ بدت علامات التوافق السياسي بين النظامين الانقلابي والأمريكي، وأثناء لقائهما الاثنين الماضي؛ وصف ترامب سياسات السيسي في مصر والمناطق الملتهبة بمحيطه الإقليمي بـ"الشجاعة"، ما اعتبره مراقبون إشادة بموقف السيسي المؤيد للأسد في سوريا.
وفي اليوم التالي للقاء ترامب والسيسي؛ شن النظام السوري هجوما كيميائيا على بلدة خان شيخون في ريف إدلب، مخلفا عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال، ما استدعى الرد الأمريكي بضرب القاعدة العسكرية السورية التي انطلق منها الهجوم الكيميائي، بحسب خطاب متلفز وجهه ترامب للشعب الأمريكي عقب الضربات.
صمت السيسي
وفي الوقت الذي يوصف فيه النظام المصري بـ"المحامي الإقليمي" عن بشار الأسد، و"الداعم الأكبر" لسياساته بعد إيران؛ خلا بيان وزارة خارجية الانقلاب، الصادر الجمعة، من أية إشارة للضربة الأمريكية في سوريا، ما دفع محللين إلى التساؤل حول استمرار دعم السيسي للأسد من عدمه.
وردا على صمت نظام السيسي على ضربة ترامب للأسد؛ طالب الكاتب الصحفي وائل قنديل متابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بكتابة "تصريح لنظام السيسي يخرجه من ورطة إعلان موقف من
قصف ولي نعمته ترامب، لرفيقه في الاستبداد والإجرام بشار الأسد".
وانتقدت الإعلامية إيناس الشواف "صمت السيسي على ضرب صديقه ترامب لصديقه الأسد"، متسائلة عبر صفحتها في "فيسبوك": "مع من سيقف السيسي" بعد الضربات الأمريكية للنظام السوري.
الصمت أو التنديد
وقال عضو حزب الوسط المصري المعارض، وليد مصطفى، إن مشكلة السيسي وباقي حكام العرب في مثل هذه المواقف؛ هي أنهم لا يملكون حيالها سوى "الصمت، أو إصدار بعض التنديدات للاستهلاك الداخلي ليس أكثر".
وردا عن ما يقال من أن السيسي باع الأسد وانحاز لترامب مع أول أزمة؛ أوضح مصطفى لـ"
عربي21" أن "السيسي لم يبع ولم يشترِ، وإنما هي مصالح"، مؤكدا أن "الأنظمة العربية رضيت دائما بأن يكون الريموت كنترول بأيدي دول أخرى" على حد تعبيره.
كسب رضا الأمريكان
أما الكاتب والمحلل السياسي أسامة الهتيمي، فرأى أن "النظام المصري لا يجد أية غضاضة في أن تكون علاقاته مفتوحة على الجميع، انطلاقا مما تسميه الخارجية المصرية (سياسة التوازن في العلاقات)، حتى لو كان بين هذه الأطراف تباينات شديدة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الإرادة السياسية المصرية لا يمكنها أن تصطدم بالإرادة الأمريكية، التي تعرف جيدا أهدافها وكيف لها أن تحققها"، مؤكدا أن "هدف النظام المصري الآن في علاقاته مع القوى الدولية، وفي مقدمتها أمريكا، ينحصر في كسب الرضا والقبول، بغض النظر عن بعض مواقفه وقناعاته السياسية".
وأوضح أن "النظام المصري يدرك أن الضربة الأمريكية لا تعني تحولا جذريا في الموقف من الأسد، وإنما تأتي كرد فعل اضطراري للحد من استخدام السلاح الكيماوي"، متابعا: "لو كانت واشنطن ترغب في إسقاط الأسد؛ فإن لديها ألف طريقة وطريقة للتخلص منه وإزاحته عن المشهد منذ عام 2011، ومع ذلك فإنها لم تتخذ إجراءات حاسمة لفعل ذلك، وآثرت إبقاء حالة الصراع في سوريا في حرب مفتوحة لا غالب فيها ولا مغلوب".
ورجح أن تكون "الضربة الأمريكية عبارة عن عقاب محدود، وقد اتضحت الصورة جلية ببيان وزارة الخارجية المصرية بعد ساعات من الضربة، والذي خلا من أية إشارة لها، بل تضمن دعوة لكل من واشنطن وموسكو؛ إلى التحرك الفعال على أساس ما أسمته بمقررات الشرعية الدولية".
الأسد لا يهم السيسي
من جهته؛ قال الباحث ماهر فرغلي إن "مواقف السيسي تجاه الأزمة السورية تنطلق من ثلاثة أمور، أولها أن لا تقع سوريا في يد إيران، وثانيها أن لا تقع سوريا في يد الجماعات المسلحة، وثالثها أن يبقى الجيش السوري وسوريا موحدين"، مضيفا: "أما بشار الأسد؛ فلا يهم مصر السيسي".
ورأى أن "مصر ليست في ورطة بعد ضرب ترامب للأسد"، ذاهبا إلى القول بأن "الضربات الأمريكية ستؤدي إلى حل الأزمة سياسيا".
وفي وصفه للوضع السوري على الأرض؛ أوضح فرغلي لـ"
عربي21" أن "قوات روسيا تتمركز حاليا في شمال البلاد، وقوات أمريكا في الشرق مع الأكراد"، مؤكدا أنه "لا حل للأزمة السورية سوى بالمفاوضات".