تتأهب القوات الجوية
السودانية والسعودية لإجراء تدريبات مشتركة يوم الأربعاء المقبل، بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر، في وقت تشهد فيه العلاقات بين القاهرة والخرطوم توترا ملحوظا في الفترة الأخيرة.
وقال نائب رئيس أركان القوات الجوية السودانية، اللواء صلاح الدين عبد الخالق، إن التدريبات ستجرى في القاعدة الجوية العسكرية بمنطقة "مروى" على الحدود الشمالية مع
مصر، مشيرا إلى أنها تهدف إلى رفع القدرات القتالية للقوات الجوية في البلدين، وإعدادها لمواجهة أي عمليات مشتركة مستقبلا.
وأوضح عبد الخالق في تصريحات صحفية، أن التدريبات التي أطلق عليها اسم "الدرع الأزرق1" وتستمر لمدة أسبوعين، سيشارك فيها 700 عنصر، و50 طائرة حربية مقاتلة من الدولتين.
"لا نستهدف أحدا"
ويقول مراقبون إن العلاقات السياسية والتعاون العسكري بين البلدين، شهدت نموا ملحوظا خلال الفترة الماضية منذ مشاركة السودان في الحرب
السعودية باليمن في آذار/ مارس 2015.
وكانت القوات البحرية السودانية والسعودية قد أجرتا في كانون الثاني/ نياير الماضي، تدريبات مشتركة تحت اسم "الفلك 2" في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي للمملكة، وشاركت قوات برية سودانية في شباط/ فبراير 2016 بالمناورات العسكرية "رعد الشمال" في المنطقة الشمالية من السعودية، إلى جانب 19 دولة عربية وإفريقية.
وقدمت السعودية منحة للجيش السوداني قيمتها خمسة مليارات دولار في شباط/ فبراير 2016، وأعلنت المملكة دعم السودان سياسيا أمام العقوبات الدولية المفروضة عليه من قبل مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي خفف العزلة الدولية التي كان يعاني منها الرئيس السوداني عمر البشير.
وأوضح نائب رئيس أركان القوى الجوية السودانية، أن الحاجة للتدريب المشترك برزت من خلال مشاركة السودان في تحالف "عاصفة الحزم"، نافيا أن "تكون للتدريبات أي علاقة بتوتر علاقة السودان بأي من دول الجوار" في إشارة إلى مصر.
وأكد الناطق الرسمي باسم القوات السودانية، العميد أحمد الشامي، أن توقيت التدريب المشترك مع السعودية وموقعه "لا يعنيان استهداف دولة بعينها" على حد قوله.
وشهد الأسبوع الماضي تصاعدا للخلافات والتراشق الإعلامي بين القاهرة والخرطوم بسبب الخلاف على منطقة حلايب وشلاتين، وقد أعلن السودان تشكيل لجنة لإخراج المصريين من المثلث المتنازع عليه.
رسالة لإيران
وقال خبير الشؤون الأفريقية أحمد حجاج، إن هذه التدريبات لها أكثر من مدلول استراتيجي وسياسي، "فهي توضح مد السعودية لنفوذها وسيادتها في أفريقيا، وبالتالي تعزيز دورها الريادي في المنطقة عموما، وإظهارها في صورة الدولة العظمى التي تساند كل الدول العربية والأفريقية".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "من جانب آخر؛ فإن السعودية ترسل رسالة لإيران، مفادها أن نفوذ المملكة ممتد إلى الدول الأفريقية كلها، بما في ذلك السودان التي كانت على علاقة جيدة بإيران، فهي تريد أن تقول لإيران إن الدعم الذي كانت تتلقاه من الرئيس السوداني عمر البشير قد انتهى".
وبيّن أن "العلاقة بين السعودية والسودان قديمة ومتشابكة، وشهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة بعد القطيعة التي حدثت بين البلدين في عام 2008، حيث عززت حرب اليمن والسياسات الجديدة للمملكة التي ينفذها ولي ولي العهد محمد بن سلمان العلاقات بينهما"، مشيرا إلى أن "السعودية تحتاج إلى الدعم السياسي والعسكري الكبير الذي يقدمه لها السودان في حربها باليمن".
واستبعد حجاج أن يكون وراء هذه التدريبات رسالة للنظام المصري، خاصة أن العلاقات بين القاهرة والرياض بدأت تعود إلى طبيعتها نسبيا، وتمثل ذلك في استئناف ضخ البترول السعودي مرة أخرى إلى مصر.
سياسة سعودية جديدة
من جانبه؛ قال الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد شوقي، إن السعودية بسياستها الجديدة "أصبحت تعتمد على ضخ استثمارات ضخمة في دول حوض النيل وشرق أفريقيا تحديدا، في مشروعات زراعية وكهربائية ومائية، وهناك العديد من الشركات السعودية التي تستثمر في مشروعات زراعية بالسودان، ومشروعات قريبة من سد النهضة في إثيوبيا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن السعودية تحاول فرض سيطرتها الاقتصادية والسياسية على أفريقيا؛ لأنها أيقنت أن بسط نفوذها على الشرق الأوسط يتطلب مزيدا من التحكم في دول أفريقية بعينها، ومن بينها السودان.
وأشار إلى وجود رسائل سياسية وراء
المناورات العسكرية بين السعودية والسودان، موجهة من النظام السعودي لدول أخرى في المنطقة، وخصوصا مصر، حيث إن الرياض تتقرب من السودان "في وقت تشهد فيه العلاقة بين الأخيرة وبين مصر توترا متزايدا؛ بسبب الخلاف على مثلث حلايب وشلاتين".
ورأى شوقي أن هذه التدريبات بمثابة مكافأة من السعودية للسودان بعد مشاركته في حرب "عاصفة الحزم" باليمن، متوقعا أن تؤثر المناورات على العلاقات بين مصر من جانب، وبين النظامين السعودي والسوداني من جانب آخر.