نشر موقع "ميديا بار" الفرنسي تقريرا؛ تحدث فيه عن
الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها
مصر ونتائجها التي طالت المجتمع بمختلف شرائحه، مشيرا إلى يأس الشعب المصري الذي أصبح شبابه يحلم بالهجرة؛ دون التفكير في العودة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن مصر تغرق في أزمات اجتماعية، كما أن الشعب يتوقع الأسوأ بعد بلوغ نسبة التضخم حوالي 14 في المئة، مع تعويم الجنية وانخفاض الدعم على أغلب السلع.
وأضاف الموقع أنه لعدة أشهر، سجل غياب العديد من المنتجات وتداول بعضها في الأسواق الموازية بأسعار باهظة تعادل أسعار الذهب في بعض الأحيان. كما كرست الصحافة بشكل يومي فقرة خاصة للحديث عن ارتفاع أسعار السكر والأرز والزيت، فيما يشكو القطاع الصحي من نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات.
وبيّن الموقع أن مصر تواجه تداعيات الاقتصاد الذي يعتمد في مداخيله إلى حد كبير على تدفق العملة الأجنبية. وعموما، منذ سنة 2011، تراجعت مداخيل مصادر التمويل الرئيسية الأربعة للاقتصاد المصري؛ المتأتية أساسا من السياحة والصادرات والسفن المارة عبر قناة السويس وتحويلات العملة الصعبة التي يقوم بها المصريون في الخارج.
وأضاف الموقع أن "القشة التي قصمت ظهر البعير"؛ رفع الدعم عن أغلب المنتجات، ما أثر على كافة شرائح المجتمع. كما أن القرارات التي اتخذها عبد الفتاح
السيسي من أجل مجابهة هذه المشاكل، لم تلاق استحسانا في الشارع المصري، الذي يضم أكثر من 20 مليون شخص تحت خط
الفقر.
ونقل الموقع عن سلمى حسين، المسؤولة عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن "الخطأ الرئيسي للدولة المصرية تمثل في وضعها لسياسة مكافحة الفقر كسياسة ثانوية".
وأضافت حسين أنه "على مصر القيام بإصلاحات ضخمة بهدف حل مشكلة الفقر، والاقتداء بالنموذج الصيني في هذا السياق، إلا أنها في هذه الفترة تركز على إصلاح الاقتصاد أكثر من أي وقت مضى، وتهتم أكثر بتخفيض العجز الذي تعاني منه ميزانيتها".
وأشارت حسين إلى أن "ذلك يتجلى من خلال خطاب السيسي، وكذلك من خلال نقص الخدمات العامة سواء في قطاع الصحة أو التعليم أو النقل. لكن بهذه الطريقة، تنتهك مصر التزاما دستوريا يتمثل في تخصيص 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من أجل تحسين هذه الخدمات العامة".
وبيّن الموقع أن هذه التوجهات السياسية بالطبع لا تخضع للنقاش العام. كما أن الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه بين صندوق النقد الدولي ومصر، يبقى مبهما وغامضا، خوفا من ردود الفعل الاجتماعية التي قد تؤخر عملية صرف القرض المتفق عليه.
وقال الموقع إن الحكومة أعلنت أن مكافحة الفقر تتطلب استثمارات وطنية ودولية. ويرى الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام، أن "الحل الوحيد المتاح أمام مصر على المدى الطويل، هو الاستثمار في الإنتاج المحلي".
وأضاف النجار: "بالطبع، ينبغي دعم الفقراء، لكن المصريين ليسوا في حاجة إلى المساعدات الخيرية أو الأعمال الإنسانية من الخارج؛ فنحن في حاجة إلى التفكير في الاستثمار وتحقيق السيادة الوطنية".
ونقل الموقع قول الشاب المصري أحمد، الذي أكد أنه يستمع إلى هذا الخطاب منذ طفولته، حيث يرى أن الهجرة هي الخيار الوحيد والأمثل للمصريين. كما عبر الشاب عن رغبته في الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بما أن بلده لم يسمح له بتحقيق أحلامه.
وأضاف الموقع أنه في الإسكندرية، ثاني أكبر مدينة في مصر وتقع شواطئ البحر الأبيض المتوسط، يبدو اليأس الاجتماعي أكثر وضوحا، خاصة بين صفوف العمال الكادحين والشبان الذين يحاولون الهجرة عبر البحر.
وأورد الموقع الفرنسي أنه أمام تزايد الشكوك حول اندلاع "ثورة الفقراء" في مصر جراء تأزم الأوضاع، اتخذت حكومة السيسي التدابير اللازمة على طريقتها، وقامت بنشر ترسانة أمنية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر في جميع أنحاء مصر، وخاصة في القاهرة والإسكندرية. كما ألقت السلطات المصرية القبض على عشرات الأشخاص.
وقال الموقع إنه على الرغم من محاولات النظام المصري وحرصه على عدم توتر المناخ في البلاد، إلا أنه لا مفر من حدوث "انفجار اجتماعي" في البلاد.