أثار ما ذكره، رئيس مجلس إدارة مدينة زويل العلمية مصطفى السيد، من أن رئيس الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي، يفكر في اقتراح تقدَّم به إليه بإنشاء جيش ثان على غرار
الصين؛ حالة من الجدل في مصر، بين مؤيد للأمر، ومعارض له.
وكانت صحيفة "الفجر" المصرية، الموالية لسلطات الانقلاب، ذكرت أن السيسي يفكر في اقتراح بإنشاء جيش ثان على غرار الصين. ونقلت عن السيد قوله إنه اقترح على السيسي، إنشاء جيش تجاري، وصناعي.
وأضافت أن السيد قال في مؤتمر صحفي، بمقر مدينة زويل الإداري بالقاهرة، الأحد: "عندما التقيت السيسي قلت له: نفتح جيش ثاني، مثل الصين، وكل حاجة الجيش عملها طلعت مضبوطة، ولازم تفتح مصنعا كبيرا للخريجين من طلاب الجامعات، ويتم تخصيص رواتب لهم".
وأوضح السيد، بحسب "الفجر"، أن فكرة المشروع تتلخص في بناء مصانع كبيرة يعمل فيها المصريون لمدة خمسة أيام، وتضم أماكن للإقامة فيها، على أن يحصلوا على يومي إجازة، ويتم إدراج مكاسب المشروعات لوزارة المالية، مشيرا إلى أن السيسي لا يزال يفكر في الأمر، وفق الصحيفة.
رأي المؤيدين: نحتاج لتشغيل الشباب بالفعل
وبينما يأتي هذا المقترح في ظل المحاولات المتتالية، من أنصار السيسي، للبحث عن أفكار، للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي تعاني منها مصر، حاليا، إلا أنه أثار الجدل، بين مؤيدين له، ومعترضين عليه.
ونقل الكاتب الصحفي سعيد الشحات، في مقال بعنوان: "انتبهوا لاقتراح مصطفى السيد"، بموقع "انفراد"، الثلاثاء، ما جاء في المؤتمر الصحفي، للدكتور مصطفى السيد.
وعلَّق بالقول: "لفت نظري في المؤتمر فكرة طرحها السيد، هي: فتح الجيش لمصنع كبير للخريجين من طلاب الجامعات، ويتم تخصيص رواتب لهم، وبناء مصانع كبيرة يعمل فيها المصريون لمدة خمسة أيام، وتضم أماكن للإقامة فيها، على أن يحصلوا على يومين إجازة، ويتم إدراج مكاسب المشروعات لوزارة المالية".
ونقل الشحات عن "السيد" تأكيده في المؤتمر أنه "عرض الفكرة على عبد الفتاح السيسي في لقائهما، وأن السيسي ما زال يفكر في الأمر".
وعلق الكاتب بالقول: "هو اقتراح مثير ولافت، وميزته أننا أمام فكرة تتحدث عن التصنيع بعد أن يكاد يختفي الحديث عنه، بينما هناك إفراط في الحديث عن مشروعات البيزنس في المجالات الخدمية والترفيهية وغير الإنتاجية التي تدر ربحا سريعا لكنها لا تضيف تراكما مفيدا ومؤثرا في طاقتنا الإنتاجية، وتعظيم هذا النوع من النشاط هو سبب جوهري فيما نعانيه الآن من أزمات اقتصادية".
وأضاف: "نعم نحتاج إلى بناء مصانع كبيرة، ولو تم ذلك سيجرى إليها الخريجون من الجامعات بخطوات سريعة، وكل خريج سيكون على استعداد أن يعمل، ويقيم فيها الأسبوع كاملا، وليس الخمسة أيام فقط.. وقتها سيكون هناك معنى ومنطق لمن يتهم الشباب بأنهم يضيعون الوقت، وسيكون هناك معنى ومنطق لمن يتهم المصريين بأنهم لا يعملون"، حسبما قال.
واختتم مقاله بالقول: "اقتراح مصطفى السيد لا يجب أن تفوت الفرصة لتعظيمه، والبناء عليه، فالدولة هي التي تتحمل هذا النوع من البناء، وليس رجال الأعمال"، على حد وصفه.
وقريبا من الرأي السابق، قال الخبير الاقتصادي، هشام إبراهيم، في تصريحات صحفية، الثلاثاء، إنه من الممكن أن يتقبل فكرة تدخل القوات المسلحة في الشأن الاقتصادي في الوقت الحالي؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن لا يجب أن يستمر ذلك، وأن يكون بشكل مؤقت.
المعارضون: يضيف أعباء أخرى للجيش
في المقابل، نقلت صحيفة "الوفد"، الصادرة الثلاثاء، تعليقات معارضين للمقترح، أولهما الخبير الاستراتيجي، اللواء طلعت موسى، الذي رفضه، باعتباره يمثل أعباء إضافية يتم تحميلها للقوات المسلحة، مؤكدا أن إشراف القوات المسلحة على قوى الدولة الشاملة "العسكرية والسياسية والاقتصادية والبيئية.. إلخ"، ليس هو الحل للأزمات التي نعانيها، وفق قوله.
وتابع موسى بأن الحل يكمن في استنهاض هذه القوى ورفع كفاءتها وتأهيلها للقيام بالدور المنوط بها، وأن تلتزم الهيئات والوزارات المختلفة بمسؤوليتها، مضيفا أن نجاح المشروعات التي يتولاها الجيش سببه الالتزام والانضباط والإدارة والتخطيط، وأنه على الجهات المختلفة الاقتداء بهذا النمط في العمل.
وطالب بمحاسبة الأجهزة المقصرة في أداء مهامها وفقا للقانون، لأن عدم المحاسبة يدعو إلى التواكل والتقاعس، وفق قوله.
أما المفكر السياسي، جمال أسعد عبد الملاك، فقال، بحسب "الوفد"، إنه مع التقدير الكامل للدكتور مصطفى السيد في مجال الطب وعلاج السرطان، إلا أنه يجب أن نفرق بين العالم في تخصصه والعالم، مؤكدا أن اقتراحه لا علاقة له بالواقع، وأن من الصعب تطبيقه عمليا.
وتساءل أسعد: "من يتحمل تكلفة إنشاء هذا الجيش التجاري والصناعي؟ وهل تتحملها ميزانية الدولة أم ميزانية القوات المسلحة؟"، مشيرا إلى أن الدولة لا يوجد بها ما يكفي لتمويل هذه المشروعات كما أن ميزانية الجيش لابد أن توجه للدفاع عن الوطن.
وأوضح أسعد، أن قيام القوات المسلحة بالإسهام في حل بعض الأزمات مؤخرا هو دور وطني وتاريخي ونقدره، إلا أنه في الوقت ذاته لا يجب أن ننظر إليها على أنها بديل للدولة، لأن هذا دلالاته خطيرة.
ورأى أن توقيت عرض هذا الاقتراح خاطئ للغاية، خاصة في ظل الدعوات إلى النزول في تظاهرات 11 نوفمبر الحالي، لأنه يعطي دلالة إلى الرافضين للنظام الحالي بأن الجيش سيصبح متحكما في شتى نواحي الحياة، على حد قوله.