لا تزال
دول الخليج وفي مقدمتها
الإمارات تحافظ على الحد الأدنى من الدعم المالي والعيني لمصر، والذي تقلص بشكل ملحوظ، منذ مطلع العام الجاري؛ لأسباب مختلفة.
وتباينت تقديرات عدد من الخبراء والمحللين السياسيين والاقتصاديين بشأن هذا التراجع وأسبابه، ما بين عدم رضا الإمارات عن نظام
السيسي وأدائه، وما بين تأثر دول الخليج سلبا بأسعار النفط، وما نتج عنها من مراجعات في سياساتهم الاقتصادية.
خيار شفيق الأفضل
في هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أحمد عبد العزيز، لـ"
عربي21": "في اعتقادي أن الإمارات اضطرت لدعم السيسي؛ لمواجهة جماعة الإخوان، والتيار الإسلامي، ولكنها كانت تريد (الفريق) أحمد شفيق على رأس السلطة؛ لأسباب تتعلق بأجندتها الخاصة".
وأردف قائلا: "ولكن أعتقد أنه في الفترة الأخيرة بعد تراجع أداء السيسي سياسيا واقتصاديا، وتواتر الأخبار عن سحب الإمارات لمستشاريها، فإن هذا يؤكد حدوث تململ من دعم السيسي لأسباب تتعلق بالمعادلة السياسية وطريق الحكم، وتحقيق رغبتها في استبدال رأس النظام".
وربط تخلي الإمارات عن السيسي "لحين إعداد سيناريو لخلافته بأحد الأشخاص الموالين لها من المؤسسة العسكرية"، مشيرا إلى أنه "بقدر ما تخصم الإمارات من دعم السيسي ونظامه حاليا، بقدر ما هناك دعم لشفيق"، مؤكدا أن "أبو ظبي يهمها استمرار الثورة المضادة، سواء في شكل السيسي أو في غيره".
تأخر وليس تراجعا
في المقابل، نفت نائبة العضو المنتدب لبنك الإمارات دبي الوطني سهر الدماطي، في حديث لـ"
عربي21"، "أن يكون خفض الدعم الخليجي سببه خلافات بين
مصر ودولة الإمارات".
وأوضحت أن "كل مرحلة لها ظروفها الخاصة، وهناك معطيات على الأرض فرضتها الظروف الراهنة عالميا وإقليميا"، مشيرة إلى أن "تدني سعر البترول أثر على التدفقات النقدية الخاصة بالخليج".
وتابعت: "تأخر المال الخليجي عن مصر لا يعني أنه تراجع عن قرار استمرار مساعدة مصر، فلم يصدر أي تصريح رسمي بشأن هذا الأمر".
بديل السيسي
أما الكاتب الصحفي، قطب العربي، فقد رأى أن غياب الشفافية، وانعدام الكفاءة، "أسباب تضاف إلى تراجع الدعم الإماراتي، والخليجي؛ نتيجة هبوط أسعار النفط"، وقال لـ"
عربي21" إن الإمارات رغم تحفظها على أداء السيسي "لا تزال داعما رئيسيا له".
وعرج العربي على تصريحات مستشار ولي عهد أبوظبي، عبد الخالق عبد الله، التي حث فيها السيسي بقبول نصيحة مجلة "إيكونومست البريطانية" بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية.
واعتبر أن تصريحات بمثل هذه الوضوح "لها دلالة على ضجر مكتوم للدول الخليجية التي رغم استمرار دعمها للسيسي إلا أنها تشعر أنه أصبح عبئا كبيرا عليها، وقد تبحث عن بديل أقل كلفة منه".
وردت الخارجية المصرية على تقرير مجلة "إيكونوميست"، ببيان شديد اللهجة اتسم بالحدة والانزعاج، ولكنها لم تعقب على تغريدة عبد الله عبد الله وتجاهلتها تماما.
تراجع وليس خلافا
بدوره، أقر أستاذ العلوم السياسية، عمار علي حسن، بتراجع المعونات الخليجية والإماراتية لمصر، لكنه أشار إلى أنه "لا يوجد ما يؤشر على وجود خلافات بين الجانبين".
وقال لـ"
عربي21": "لم تعلن أي دولة خليجية، أنها على خلاف واضح مع السلطات الحالية"، مؤكدا أن "الحكام في الخليج أصبحوا غير مطمئنين حيال مستقبلهم مثل ما كان الحال قبل خمس سنوات مضت، بعد إعلانها نهاية عصر ثورة النفط".
وبين أن دول الخليج "كانت تريد من السلطة الحالية أن تحسن استغلال المعونات التي قدمت لها، وأن تديرها بطريقة أكفأ، تُحدِث قدرا من الانطلاقة للاقتصاد المصري؛ بما يجعله مستقلا عن المعونات الخليجية".
الكف عن السؤال
استمرار اعتماد مصر على دولارات الخليج؛ كان محل انتقاد أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عالية المهدي، التي قالت لـ"
عربي21": "ليس من المفروض أن تعتمد مصر على مساعدات الآخرين، ويجب ألا ننتظر منهم أموالا أو مساعدات أخرى".
وفي معرض ردها على ما يعنيه تراجع الدعم الإماراتي، والخليجي لمصر، قالت: "يُسأل في ذلك المسؤولون الإماراتيون، عماذا حدث ولماذا؟"، ولكنها استدركت قائلة: "هذه الدول تعاني الآن من الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط، ولديهم مشاكلهم الخاصة".
وتساءلت: "لماذا نتوقع منهم أن يمنحونا أموالا كل يوم؟"، وحملت استمرار الأزمة الاقتصادية الحالية "للدولة المصرية، رئاسة، وحكومة"، مؤكدة أن "هناك سوء إدارة للأموال والمساعدات، وأي دعم آخر لن يضيف جديد في ظل السياسة الاقتصادية الراهنة".