ذكرت صحيفة "الغارديان"، أن المعارضة السورية عبرت عن دهشتها من تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي
يلدريم، المتعلقة بعلاقة بلاده مع
سوريا.
وجاء في تقرير أعده الكاتبان مارتن شولوف وكريم شاهين من بيروت، أنه "بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، ألمحت
تركيا، التي ساعدت المعارضة ضد نظام بشار
الأسد، للتحرك نحو تطبيع العلاقات مع دمشق"، حيث جاءت المقترحات على لسان يلدريم يوم الأربعاء كالصاعقة على قادة المعارضة السورية، التي تستقبلها أنقرة على أراضيها، وكذلك للقادة الإقليميين الذين تحالفوا مع تركيا في جهودها للإطاحة بالأسد في هذه الحرب الطويلة التي لا ترحم.
وينقل الكاتبان عن يلدريم، قوله: "أنا متأكد من استئناف علاقاتنا الطبيعية مع سوريا"، وأضاف: "نحن بحاجة إليها، فقد طبعنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا، وأنا متأكد من عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا"، مستدركين بأنه رغم أن المسؤولين الأتراك زعموا أن التصريحات لم تكن تشير إلى واقع آني، لكن على أمل في المستقبل، إلا أن الدول الإقليمية وقادة المعارضة السورية وجدوا فيها تخفيفا في اللهجة التركية من النظام السوري، ومقدمة لإعادة إصلاح العلاقة مع الأسد، الذي لقي دعما من حلفائه لتقوية وضعه.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول، قوله: "لم نكن نتوقع أن هذا سيحدث؛ لأنه ليس متناسقا مع ما يقولونه في أحاديثهم الخاصة"، مشيرة إلى أن تركيا قامت في الأسابيع الماضية بلملمة أوراقها مع إسرائيل، التي انقطعت العلاقة معها بعد حادث الهجوم على قافلة الحرية التركية، قبل ستة أعوام، بالإضافة إلى روسيا، التي قطعت علاقتها مع تركيا العام الماضي، بعد إسقاط الطيران التركي لمقاتلة روسية دخلت المجال الجوي التركي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن إعادة العلاقات التركية الروسية جاءت بعد تقدم قوات كردية سورية نحو مناطق كانت خاضعة للمعارضة السورية، حيث تخشى تركيا من التحركات الكردية في شمال سوريا، خاصة أن المليشيات الكردية متحالفة مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي في جنوب شرق تركيا، الذي يخوض حربا ضد الدولة التركية من 40 عاما.
ويلفت الكاتبان إلى أن تركيا تتعامل مع التهديد الكردي بصفته الأخطر عليها من مجرد بقاء الأسد، حيث وجدت تركيا في المواقف الروسية، الداعية إلى الحفاظ على وحدة سوريا، أمرا مشجعا لتغيير مواقفها، مشيرين إلى أن روسيا استخدمت الورقة الكردية، التي تعد نقطة الضعف التركية، واستغلتها للضعط على أنقرة.
وتقول الصحيفة إن
الأكراد بقوا متفرجين على النزاع بين الموالين لنظام الأسد والمعارضين له، مستدركة بأن التدخل الروسي العام الماضي غير المعادلة، وسمح للأكراد بالتقدم قرب مدينة حلب، ويقول المسؤولون الأكراد إنه لم يحدث اي تغير على الموقف الرسمي الداعي إلى رحيل الأسد.
وينقل التقرير عن مسؤول تركي بارز، قوله: "لا يوجد فرق بين سوريا وبشار الأسد"، وأضاف: "نأمل أن تعود العلاقات الطبيعية بين البلدين في مرحلة ما"، لافتا إلى أن هذا ما أوضحه يلدريم عندما قال: "نحن بحاجة إلى هذا الأمر، فمن أجل نجاح جهود مكافحة الإرهاب يجب تحقيق الاستقرار في سوريا والعراق، ويجب عليهما تبني نظام حكم ممثل لإخواننا وأخواتنا (في سوريا والعراق) جميعهم، وهذا أمر محتوم".
وينوه الكاتبان إلى أن تصريحات يلدريم تأتي في وقت تتداول فيه الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى، في كل من تركيا ولبنان، تسريبات عن قنوات خلفية ولقاءات على المستوى الأمني بين أنقرة ودمشق؛ لتطبيع العلاقات بينهما، مشيرين إلى أن هذه الاتصالات تكثفت مع قيام قوات النظام، المدعومة بمليشيا حزب الله والمليشيات الشيعية الأفغانية والإيرانية والعراقية، بحصار مدينة حلب، حيث ساهمت المليشيات الكردية بأداء دور بقطع خطوط الإمداد بين المعارضة والأراضي التركية، وسمحت لها بالتقدم في مناطق جديدة لم تكن خاضعة لسيطرتها.
وبحسب الصحيفة، فإن قوات حماية الشعب، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، تسيطر على مناطق واسعة من شمال سوريا، لافتة إلى أن هذه الحقيقة غيرت من واقع التمرد الذي تواجهه أنقرة اليوم، حيث إنه لأول مرة في تاريخهم، يسيطر الأكراد على مساحة 60 ميلا من الحدود المشتركة بين تركيا وسوريا.
ويفيد التقرير بأن الأكراد أعلنوا في الآونة الأخيرة عن المناطق التي طرد منها تنظيم الدولة، لتكون جزءا من المناطق التابعة لها، أو منطقة الحكم الذاتي، التي لا تعترف بها لا حكومة النظام السوري في دمشق، ولا الحكومة في أنقرة، مستدركا بأنه لو تم تحقيق تسوية للأزمة السورية، فإن أنقرة لن تسمح لهذا الواقع الجديد بالاستمرار.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "إبعاد الأكراد هو ثمن صغير يمكن أن تدفعه أنقرة لانتصار الأسد، وربما استعدت تركيا لدفع ثمن أكبر، وهو العودة إلى واقع ما قبل الثورة عام 2011".