قال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر، إن "الحق الواضح الذي يجب أن يقال في يوم القدس العالمي هو أن
فلسطين من البحر إلى النهر أرض مغتصبة، محتلة، ومسروقة من أهلها وأصحابها الشرعيين، وأن تقادم الزمان لا يحول المسروق والمنهوب إلى ملك شرعي للسارق والناهب ولو اعترف به كل العالم".
وأضاف
نصر الله خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، الجمعة، أن "
إسرائيل كيان غاصب ومحتل وسارق وناهب أنجز كل ذلك بالإرهاب"، مشددا على عدم الاعتراف به أو التسليم له.
وأكد على ضرورة زوال "إسرائيل" من الوجود "ليعود الحق كاملا لأهله وأصحابه.. وأي كلام آخر هو خداع وتزوير وظلم وتجاوز لحقائق الدين وأخلاق وقيم الإنسانية".
وكشف نصر الله عن تواطؤ بعض الأنظمة العربية مع "إسرائيل" ضد "المقاومين والصامدين والرافضين للاستسلام والخنوع"، وخاطبهم بالقول: "لا تعترفوا بإسرائيل ولا تعطوها الشرعية، فإن كنتم ضعافا ولستم أهلا لهذه المعركة المصيرية والتاريخية فاتركوا هذا الأمر للأجيال القادمة التي ستحرر المقدسات".
وقال إن الطريق الوحيد المتاح أمام الشعب الفلسطيني وأمام شعوب المنطقة التي تستهدفها دولة الاحتلال وتحتل بعض أراضيها هو "طريق الصمود والمقاومة" ولو بالنفس الطويل.
وانتقد الأمين العام لحزب الله المفاوضات التي تجري مع "إسرائيل" وقال إنها أدت إلى إعطاء القسم الأكبر من أرض فلسطين إلى دولة الاحتلال، و"طوقت المقاومين، وخلقت ظروف عيش صعبة للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة".
وحذر نصر الله من بعض القوى التي تحاول أن تحبط مشروع المقاومة التي عمادها إيران ولبنان وسوريا، وقال إن هذه القوى أخذت المنطقة إلى حروب ومواجهات تحت عناوين كاذبة، من قبيل الحرية والطائفية والمذهبية، واخترعت تهديدات ومخاطر، وأعدت إمكانات مادية وعسكرية هائلة لهذه الحرب، "والهدف ضرب دول المقاومة وحركات المقاومة، وثقافة المقاومة لشعوب أمتنا وإرادة المقاومة لدى هذه الشعوب".
وقال إن دولا عربية فتحت وتفتح أبوابا لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، من خلال لقاءات علنية وصولا إلى التصويت لصالحها في الأمم المتحدة، و"محاولة تقديمها كصديق وحليف"، وشدد على أن هذه الدول تعتبر المقاومة "إرهابا" يجب محاربته.
وأضاف "الملاحظ أن الأنظمة نفسها والعائلات نفسها هي ذاتها الحاكمة التي عملت منذ البداية على فتح الطريق والقتال لتبقى إسرائيل موجودة، ويحاربون كل مظاهر المقاومة لتبقى لهم عروشهم.. هؤلاء هم أنفسهم، قبل عقود وفي بداية القرن الماضي ما قاتلوا إسرائيل بل ساعدوها، وعندما قامت المقاومة ضدها تآمروا عليها".
ووجه نصر الله حديثه إلى من وصفهم بخدم أمريكا و"إسرائيل" بالمنطقة، وقال عليهم "أن ييأسوا من إمكانية أن تتخلى شعوبنا وحركاتنا عن القدس وفلسطين"، وأعطى الدليل باليمن التي قال إنها منذ 50 سنة ونصف تعرضت لحرب شعواء باسم الإسلام ولم تستسلم، وأضاف: "الذي ارتكب في اليمن على مدى عام ونصف العام مهول وكارثي"، وتابع: "هل خرج شعب اليمن ليقول كفرنا بالدين وبالقدس والمقدسات، أبدا، خرجوا ليقولوا نحن متمسكون بالإسلام وبالقدس وشعب فلسطين".
وشدد على أن الأنظمة التي تساعد "إسرائيل" لن تستطيع أن تفرض لا بالحديد ولا بالنار ولا بالقتل والمجازر والحرب والتضليل الإعلامي، والتحريض الطائفي على أهل محور المقاومة التخلي عن فلسطين والقدس، أو أن تسمح لـ"إسرائيل" بالسيطرة على هذه الأرض المقدسة، على حد تعبيره.
وطالب نصر الله الشعوب العربية والإسلامية بأن تخرج مما وصفه بـ"الإعلام المضلل"، لتعرف أن كل ما يجري في الأمة اليوم تحت ذريعة الطائفية والمذهبية "هو تضليل وتكذيب حقيقي بغية تمزيق المنطقة من أجل حماية إسرائيل وبقائها".
وقال إن الربيع العربي أرعب دولة الاحتلال وجعلها "تقف من جديد أمام الخطر الوجودي"، غير أن بعض الأنظمة العربية حول هذا التهديد إلى فرصة لـ"إسرائيل".
وأكد أنه لو أنفق ما بذل من جهد بشري ومادي في سوريا واليمن لكان كفيلا بتحرير فلسطين عشر مرات، وأضاف: "ليس هناك بعث، وليس هناك عجز وفقر في هذه الأمة، هناك أموال طائلة وجنود، ولكن هناك مجموعة من خدم أمريكا وإسرائيل ما زالوا يتسلطون على رقاب الأمة، وكلما استيقظت هذه الأمة وضعوا في طريقها السدود، لئلا تقاتل في ساحة فلسطين".
وأشار نصر الله إلى أن طريق المقاومة ممكن لكن يجب على كل شعوب الأمة العربية والإسلامية أن تضرب على "أولئك الذين يصرون على مواصلة الحروب ويعطلون أي حل سياسي في سوريا واليمن والبحرين أو في أي بلد، ويدعمون الحركات التكفيرية والإرهابية التي نشأت في فكرهم وأحضانهم"، مشددا على أنه "يمكن أن تقف هذه الفتنة، ويمكن أن نعود جميعا إلى الطريق الصحيح والصواب وإلى المعركة الحقيقية التي بالتأكيد سننتصر فيها جميعا".
وحول مؤتمر هرتسيليا للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي الذي حظي بمشاركة عربية، قال نصر الله إن مشاركة ممثل المعارضة السورية في هذا المؤتمر "تظهر الشكل الذي تريده المعارضة لسوريا"، مشيرا إلى أن التصريحات الإسرائيلية في هذا المؤتمر "عكست الرعب الإسرائيلي من هزيمة داعش في سوريا، وانتصار محور المقاومة بها".
وشدد نصر الله على أن الدعم الإيراني لبعض حركات المقاومة الفلسطينية لم يتوقف بسبب موقفها من سوريا، وقال: "اختلفنا بالرأي في موضوع سوريا مع بعض الفصائل الفلسطينية لكن في موضوع فلسطين لا خلاف".
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لم يقدموا أي جديد في مؤتمرهم الأمني سوى أنهم "عم بتكتروا حكي، وهذا جديد عندكم"، وأضاف: "ما الجديد في الكلام الإسرائيلي؟ هل أنكم سوف تدمرون؟ أنتم تدمرون منذ عقود.. دمرتم فلسطين ولبنان وغيرهما.. قلتم ستقتلون، أنتم أصلا كيان قاتل".
وأكد أن المهم هو "ما تعرفه المقاومة اللبنانية من معلومات وكم هائل من نقاط ضعف وقوة العدو وكيفية إلحاق الهزيمة به"، مؤكدا أن "إسرائيل" اعترفت في مؤتمر هرتسيليا أن
حزب الله "قوة لا يستهان بها وتهدد أمنه".
وحول الأوضاع الداخلية للبنان والهجوم الإرهابي الذي استهدف القاع، قال نصر الله: "إن الهجمات الإرهابية في القاع شكلت تطورا خطيرا"، وتابع: "سيكتشف البعض من هو المدير والمشغل الذي أرسلهم إلى القاع عن سبق إصرار وتصميم".
وأكد أن كل المعطيات والمعلومات تظهر أنهم لم يأتوا من سوريا ولا من مخيمات مشاريع القاع، وإنما جاؤوا من جرود عرسال.
وتساءل نصر الله عن سبب مهاجمة القاع التي هي بلدة مسيحية لم تقاتل في سوريا وتنتمي إلى خط سياسي معارض لحزب الله وتؤيد الثوار في سوريا.
وقال: "لولا هذه الحرب الاستباقية التي شنها حزب الله على التكفيريين لكنتم ستجدون كل يوم ثمانية انتحاريين وعشرات السيارات المفخخة التي تدخل لبنان"، محذرا الشعب اللبناني بأن "لا تدعوا أحدا يخيفكم بأن الوضع الأمني في لبنان سينهار، الوضع الأمني ممسوك".
وأوضح نصر الله "أن الوضع الأمني ممسوك وتحت السيطرة والمطلوب استراتيجية وطنية رسمية لمكافحة الإرهاب"، وتابع: "نحن في حزب الله وحركة وأمل لن نسمح بأن يحصل أي عملية تهجير لأهلنا في القاع وسنحميكم بعيوننا"، مشددا على أنهم "قادرون على هزيمة الإرهابيين لكن المهم التضامن والتعاون والوحدة الوطنية، وأن يكون هناك دولة تتحمل المسؤولية".