لم يكن قرار رفع أسعار الفائدة، الجمعة، هو الكارثة الوحيدة التي ارتكبها البنك المركزي
المصري، لكنها واحدة من ضمن عدة كوارث تسببت في تفاقم عدد من الأزمات الاقتصادية، بحسب مراقبين.
وتكفي أزمة الدولار وحدها وما خلفته من مجموعة كوارث، وحدها تكفي لاتهام قيادات
البنك المركزي المصري، سواء كان ذلك بسبب سوء إدارتهم للأزمة، أو استمرارهم في استخدام المسكنات التي لم تعد مجدية.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى مستوى 11.75 %، و12.75 % على التوالي، في تحرك لمواجهة موجة التضخم بعد ارتفاع معدلاته لمستويات قياسية منذ سنوات.
وبرر البنك المركزي هذه الخطوة بأنها تأتي في إطار مواجهة الارتفاعات القياسية في معدلات التضخم، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين خلال الشهر الماضي إلى مستوى بلغ 12.3%، وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.
وبذلك يصل سعر عائد الإقراض إلى أعلى مستوى منذ شباط/ فبراير 2009، حيث كان المعدل وقتها وصل إلى 13.5%، ووصل سعر عائد الإيداع إلى أعلى مستوى منذ عام 2005 على الأقل، حيث إن البيانات عن قرارات أسعار الفائدة غير متوفرة على موقع البنك المركزي قبل هذه الفترة.
كما قررت لجنة السياسة النقدية بحسب الموقع الإلكتروني للبنك المركزي، رفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس عند ليصل إلى مستوى 12.25%، وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 12.25%.
وفي آذار/ مارس الماضي قرر البنك المركزي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 150 نقطة مئوية لكل منهما. وكان ذلك في نفس توقيت قيام "المركزي" بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنحو 13.4%.
وفي منتصف شهر أيار/ مايو الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، بمقدار 1.5% من 9.25% إلى مستوى 10.75%، ومن 10.25% إلى 11.75%، وسعر الائتمان والخصم من 9.75% إلى نحو 11.25%.
يقول المحلل المالي، محمود راضي، إن البنك المركزي المصري خلال عام 2016 رفع أسعار الفائدة 250 نقطة أساس في آذار/ مارس 150 نقطة، وحزيران/ يونيو 100 نقطة، لتصبح أسعار الفائدة في أعلى مستوى لها في 19 عاما منذ مايو 1997.
وأشار في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن هذه السياسات تسببت في تدمير الاقتصاد المصري، ونتج عن هذه السياسات الخاطئة العديد من الأزمات التي تمثلت في ارتفاع تكلفة الدين العام، وزيادة عجز الموازنة، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وزيادة الأسعار على المستهلك النهائي، وتراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية نظرا لارتفاع تكلفة الاستثمار.
هذا بالإضافة إلى سحب السيولة من الأسواق، وحالة هروب جدماعية من البورصة المصرية والاستثمارات الأخرى وتجميعها وركودها في القطاع المصرفي دون استثمارها، والتأثير السلبي على أداء البورصة المصرية، وإحجام البنوك عن تمويل المشروعات الاستثمارية وتوجهها لإقراض الحكومة في أدوات الدين ذات الفائدة المرتفعة، لتتفاقم معدلات الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة.
وكل ذلك أدى إلى تراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة، ليصبح الاتجاه نحو سياسة انكماشية واضحة في ظل اقتصاد يعاني من ركود تضخمي.
وأوضح أن الاقتصاد المصري في وضع صعب ويعاني بالفعل من الركود التضخمي وتراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة ورفع أسعار الفائدة بهذة النسبة الكبيرة، سيؤدي إلي زيادة مشاكل الاقتصاد المصري ويتجه أكثر نحو مزيد من السياسة الانكماشية للبنك المركزي، في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة توسعية تقوم على أساس زيادة الإنفاق الاستثمارى، وجذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو الاقتصادى، لنجد حالة تضاد واضحة بين الحكومة والبنك المركزي لعدم الاتساق بين قرارات السياسة النقدية والسياسة المالية، بما لايصب في صالح الاقتصاد المصري.