إحدى عشرة قضية رأي عام هزت الشارع
المصري، وكان لبعضها تأثير سلبي على حياة المصريين منذ ثورة يناير وحتى اليوم، لكن لا يعرف أحد ما وصلت إليه التحقيقات، فيما تتهم "الدولة العميقة" بإخفاء الحقائق.
وسخرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية من التحقيقات التي تجريها السلطات المصرية في الحوادث التي شهدتها البلاد، بالقول: "إن مصر بارعة في إجراء تحقيقات طويلة لا تؤدي إلى أي نتيجة، أو تقود لنتائج تخدم مصالحها الذاتية".
من قديسين الإسكندرية إلى حرائق القاهرة
ومن القضايا التي تم التكتم على نتائج التحقيقيق فيها، تفجير كنيسة القديسين مطلع 2011، وجرائم "البلاك بلوك" على مدار عام كامل من حكم الرئيس محمد مرسي، ومقتل 16 جنديا برفح، في آب/ أغسطس 2012، وقضية التمويل الأجنبي في عهد المجلس العسكري.
ويضاف إلى ذلك تسريبات مكتب عبد الفتاح
السيسي عندما كان قائدا للجيش، وتفجيرات مديريات أمن القليوبية والدقهلية والقاهرة نهاية 2013 وحتى 2014، ومقتل السياح المكسيكيين في أيلول/ سبتمبر 2015، وحادث الطائرة الروسية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ومقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في كانون الثاني/ يناير 2016، وسقوط الطائرة المصرية في 24 أيار/ مايو 2016 ، إلى جانب التحقيقات في قضايا حرائق القاهرة الشهر الماضي.
المعنى في بطن الشاعر
وفي سؤاله حول أسباب إخفاء نتائج تحقيقات تلك القضايا ولصالح من غير الدولة المصرية، يقول المحامي المصري منتصر الزيات: "المعنى في بطن الشاعر، فنحن في مصر حيث لا قانون، لا دستور، لا مؤسسات، ولا حقيقة، إنما الغموض والإبهام، والمستفيد جهات معروفة قد تتضرر من إحدى هذه القضايا فتمارس نفوذها لمنع النشر وإخفاء الحقيقة عن الرأي العام وفي النهاية لا تتضرر إلا سمعة الوطن".
وأضاف الزيات، في حديثه لـ"
عربي21": "من حق المصري أن يعرف نتائج التحقيقات في كل القضايا، ولكن قرار نشر الحقيقة لا يعتمد فقط على الدستور والقانون، لأن إرادة العمل بالتشريعات وقوة تنفيذ القانون ليست عندنا، والأمر كله في يد من يحكم ويستخدم قضايا الرأي العام لخدمة مصالحة وأهدافه، ومصر عليها السلام"، كما قال.
قرار سياسي بالأساس
ويقول المحامي محمد الدماطي: "معظم هذه القضايا لم تنته فيها التحقيقات وتم حظر النشر (27 قضية تم حظر النشر بها)، رغم أنها قضايا رأي عام وتمس المواطن المصري بشكل ما"، معربا عن اعتقاده بأن "التعتيم الذي تمارسه السلطات هو قرار سياسي بالأساس".
ويتابع الدماطي في حديثه لـ"
عربي21"، موضحا وجهة نظره: "هناك حوادث بها أطراف أجنبية تفاعل معها النظام بشكل سريع بفتح التحقيق فيها، ثم غيّر موقفه حسب هوى إرادته السياسية، مثل قضية التمويل الأجنبي (متهم فيها 43 ناشطا من مصر والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج ولبنان وفلسطين) التي مضى عليها خمس سنوات".
وأوضح أنه رغم ما أحدثته قضية التمويل الأجنبي "من ضجة محلية ودولية، تغلق السلطات ملف القضية ثم تعيد فتحه للضغط على الغرب لوقف الحديث عن الملف الحقوقي المصري"، وفق تقديره.
التستر على قاتل ريجيني
وفي حديثه عن مقتل جوليو ريجيني، قال الدماطي: "القضية خاضعة تماما للسلطة السياسية التي ترفض كشف الستار عن كواليسها، رغم علمها بالمتهم الحقيقي، كما أنها تفرض رأيها في القضية على السلطات الأمنية والقضائية".
واعتبر أن عدم الشفافية في التصريحات والتحقيقات أساء لسمعة مصر، وجعل إيطاليا تطالب بنقل سلطات التحقيق إلى روما، وهو ما اعتبره إهانة وعدم ثقة في مصر.
وحول تأخر التحقيقات في قضية تحطم الطائرة الروسية، قال المحامي الدماطي: "النظام الحالي لديه أولويات في القضايا ويصنفها حسب مصلحته، ولا تعنيه صورة مصر، حيث استخدم ملف (مفاعل الضبعة النووي) كورقة ضغط على الرأي العام العالمي لوقف الحديث عن ملف الطائرة الروسية".
لا حقوق للمصري
وحول حق المواطن المصري في المطالبة بفتح التحقيقات في هذه القضايا حسب الدستور والقانون، يقول الدماطي: "لا يوجد تشريع بذلك، كما أن النيابة العامة هي من تنوب عن المجتمع وهي المسؤولة عن تحريك الدعاوى، والأمر كله يحكمه القرار السياسي فالنيابة شعبة من القضاء ولكن يرأسها وزير العدل وبالتالي تخضع للقرار السياسي".
ويرى الدماطي أن النظام السياسي رغم ما بين أجنحته من صراع، بدا واضحا في قضية مقتل الطالب الإيطالي، إلا أنه صراع مصالح وأفراد في أجهزة الدولة العميقة، ولكن النظام السياسي بجميع أركانه على قلب رجل واحد لخدمة رأس السلطة"، بحسب تعبيره.