ملفات وتقارير

يوقظ المواجع ويُضاعفها.. هكذا يتخوّف الغزيون من فصل الشتاء (شاهد)

تتوالى معاناة العائلات النازحة وكلّما جاء الشتاء تتضاعف مآسيهم- جيتي
"إما أن تغرق في مياه الصرف الصحّي في المناطق المدمّرة، أو أن يبتلعك المدّ المتزايد في المخيمات على البحر". هكذا باتت توصف الحياة في قلب قطاع غزة المحاصر، مع حلول فصل الشتاء، ومرور أكثر من عام كامل على مواصلة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة، أمام مرأى العالم، وفي خرق سافر للقوانين كافة، المرتبطة بحقوق الإنسان.

تتوالى معاناة العائلات النازحة، وكلّما جاء الشتاء تتضاعف مآسيهم وتتفاقم، حيث باتوا يفتقدون لأبسط متطلبات الحياة، من خيام وأغطية، وملابس دافئة تقيهم البرد، وحتى وجبات غذائية بعيدا عن المعلّبات الباردة.

وخلال الساعات القليلة الماضية، أطلقت بلدية غزة مُناشدة لتوفير المواد اللازمة لصيانة شبكات المياه في غزة، بالقول: "استهدافات الاحتلال المتكررة لشبكات المياه، أدّت لانقطاع المياه في مناطق واسعة بمدينة غزة".

وفي السياق نفسه، ناشدت البلدية، عبر بيان مقتضب، وصل إلى"عربي21" نسخة منه، المجتمع الدولي والجهات المانحة من أجل التدخل الفوري، ودعمها في إصلاح شبكات المياه.



مأساة متكررة 
يقول عدد من الأهالي بقطاع غزة؛ إنّ: "الشتاء في السنوات الماضية، كان صعبا على القطاع، وهو الآن أصعب بكثير، حيث تتوالى المشاهد القاسية، وتتزايد التحدّيات"، مبرزين أنه: "حتّى من يتوفّر على الخيام، يُعاني من المياه الغزيرة التي تكاد تغرقه وهو بقلبها".

وفي حديث لـ"عربي21" كشف علي، شاب غزاوي، بأن: "الشتاء في غزة مُختلف، فهو قادر على تهديد أكثر من مليوني نازح، ويزيد من الأزمة البيئية ويفاقم الأمراض، ويجعل المعاناة اليومية للأهالي، أكثر قسوة".

وأضاف: "ستتفشّى الأمراض أكثر وتنتشر خلال الشتاء، خاصّة في ظل تهالك المستشفيات التي أصبحت خارج الخدمة، والنقص الحاد في كل شيء من أدوية وأغطية ومفروشات ولباس ساخن، ناهيك عن صعوبة توفير التدفئة في كل من مراكز الإيواء أو الخيام".

رصدت "عربي21" جُملة صور ومقاطع فيديو، تسارعت على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام القليلة الماضية، توثّق لما آلت إليه الأوضاع في غزة، مع أول هطول للمطر، هذا الشهر.



تحذيرات الإخلاء
كان موقع "موندويس" الأمريكي، قد نشر تقريرا للكاتب طارق حجاج، جاء فيه: "آلاف الخيام تنتشر على بعد أقدام قليلة من مياه شواطئ غزة الرملية. وتحاول العائلات النازحة بناء حواجز من الرمال لمنع المد القادم من إغراق مساكنهم، وقد أدى المد والجزر لفقدان العديد من العائلات خيامها، فيما يحاولون الآن حزم أمتعتهم والعثور على أرض أكثر جفافا".

وأوضح: "تحذيرات الإخلاء للنازحين في غزة لم تعد تصدر من جيش الاحتلال الإسرائيلي فقط، فإن البلديات ترسل الآن أيضا تحذيرات للنازحين في المناطق التي غمرت مياه الأمطار أو مياه الصرف الصحي شوارعها، وتوجههم للانتقال إلى أماكن أخرى".

تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال حرب الإبادة الجماعية المُتواصلة، قد دمّر ما قدّر بـ655 ألف متر من خطوط الصرف الصحي و330 ألف متر من خطوط المياه، وذلك بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

ووفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن نحو 345 ألفا من سكان قطاع غزة، سوف يواجهون جوعا وصف بـ"الكارثي" هذا الشتاء، في ظل تراجع تدفق المساعدات الإنسانية؛ إذ حذّرت من خطر توسّع المجاعة في مختلف أنحاء القطاع المحاصر.

وأشار التقرير نفسه، الذي أعدته وكالات أممية ومنظمات غير حكومية، إلى أنّ "هذا العدد، مقارنة بـ133 ألف شخص مصنفين حاليا على أنهم يعانون من انعدام كارثي للأمن الغذائي".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا إلى ضرورة فتح المعابر الحدودية بشكل عاجل، وإزالة العقبات لضمان وصول المساعدات الإنسانية الضرورية. وأكد أنّ: "الوضع الحالي، مع تفشي الجوع وخطر المجاعة في غزة، لا يمكن قبوله".

من جهته، حذّر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، من خطر المجاعة في القطاع الذي يعاني من دمار واسع بسبب العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. إلا أن جُل الدعوات الأممية تُقابل بالصمت، فتتوالى المعاناة وتزيد أكثر.

وبدعم أمريكي، تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا هوجاء على كامل قطاع غزة المحاصر، ما خلّف نحو 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وذلك وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي، حرب الإبادة الجماعية، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنعها ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.