الجيش المصري يشن حملة عسكرية واسعة في سيناء- أرشيفية
فتحت العبارة التي كتبها تلميذ سيناوي في الصف الخامس الابتدائي بموضوع التعبير، في امتحانات نهاية العام، قائلا فيها: "أمي ماتت ومات معها كل شيء"؛ ملف التعتيم الإعلامي في مصر على كيفية وفاة أم الطفل، وغيرها من عشرات الحالات بين نساء سيناء، ممن لا يعرف من قتلهن، وتشير أصابع الاتهام إلى مسؤولية الجيش المصري في المقام الأول، عن ذلك.
من جهته، حمّل الناشط المصري، سالم القطامي، مسؤولية مقتل والدة الطفل لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، شخصيا.
ونقلت مدونة "مذكرات تعليمية" عن معلم اللغة العربية في إحدى مدارس إدارة الشيخ زويد التعليمية، المدرس خالد عبدالرؤوف، قوله: "فوجئنا بالتلميذ محمد عبد الكريم يكتب هذه الكلمات المعبرة، في موضوع التعبير: "أمي ماتت ومات معها كل شيء؛ بعدما أجهش بالبكاء في أثناء الامتحان".
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن الطالب ابن لأسرة محدودة تمتهن الزراعة، وقد توفيت والدته في أحداث العنف التي تعصف بسيناء، وإنه ما زال متأثرا إلى أبعد حد بفراقها، لا سيما أن وفاتها كانت منذ وقت قريب.
لكن الإعلام المصري تجاهل الوصول إلى الطالب، وإجراء أي حوارات معه، أو مع والده وأسرته، كما أنه تجاهل الحديث عن كيفية وفاة والدته أصلا، على الرغم من تبني نشر القصة إعلاميا من زاويتها الإنسانية.
وتم الاكتفاء بالإشارة إلى أنها توفيت عقب ثورة 25 يناير، ضمن أحداث قيل إنها "إرهابية"، وإن والده قعيد لا يستطيع الحركة، وإن الطالب كتب ما كتب لشعوره بالحزن لفقدان والدته، في عمليات الجيش.
وتناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورة لسؤال ورد في امتحان اللغة العربية للمرحلة الابتدائية في مصر، يقول: "للأم فضل عظيم على أبنائها.. اكتب في هذا الموضوع موضحا فضل الأم عليك، وواجبك نحوها".
واعتبر وكيل وزارة التربية والتعليم في شمال سيناء في أكثر من مداخلة أجراها مع فضائيات عدة، أن السؤال التعبيري الإبداعي في امتحان اللغة العربية، دفع التلميذ ليكتب تلك العبارة النبيلة و"الرائعة": "أمي ماتت.. ومات معها كل شيء"، وفق تعبيره.
وكشف أن التلميذ محمد عبد الكريم حسن (11 عاما)، هو صاحب تلك العبارة، وأنه يدرس في الصف الخامس الابتدائي، في إدارة الشيخ زويد التعليمية، وأن والدته توفيت عقب ثورة 25 يناير، وأن والده جليس، وقعيد، دون أن يوضح سبب ذلك.
تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي
وأشعلت إجابة الطالب التي اعتبر فيها أنه بموت أمه فقد كل شيء، مواقع التواصل الاجتماعي، وفطرت قلوب المتابعين، فيما قررت إدارة الشيخ زويد التعليمية منح التلميذ 11 من أصل 14 علامة على جوابه هذا المتعلق بالتعبير الإبداعي، مضيفة أنها ستكرمه بمقرها، وستمنحه شهادة تقدير لرفع روحه المعنوية.
وكتب مغرد: "أمي ماتت ومات معها كل شيء.. بلاغة طفل يتيم في إجابته عن موضوع تعبير عن فضل الأم عليك، وواجبك نحوها".
وقال آخر: "بلاغة يتيم، قال خلاصة الكلام أوجز الكلمات، فأصاب القلب بألم لا ينتهي".
خواطر سيناوي: مجزرة جديدة لأم وأبنائها
وفتحت الحادثة ملف الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنو سيناء، لا سيما النساء والأطفال، وكشفت صفحة "خواطر سيناوي"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الخميس، النقاب عن "مجزرة جديدة ومأساة في حق الأبرياء بسيناء"، بحسب تعبيرها.
وأكدت الصفحة مقتل سيدة وأبنائها الخمسة في منطقة الزوارعة جنوب الشيخ زويد إثر سقوط صاروخ من الطيران الحربي (المصري) على منزلهم الأربعاء، وهم: "حمدة زريعي سلمي" (35 عاما)، وأطفالها الخمسة "صهيب سالم سلمي" (8 سنوات)، و"يونس" 6 سنوات، و"ياسر" 4 سنوات، و"ولاء" سنتان، و"صباح" 15 عاما.
وتساءلت الصفحة: "كم من مجازر حدثت في حق الأبرياء بدعوى محاربة الإرهاب؟".
وقال مسؤول الصفحة: "أقسم بالله.. بتحصل مجازر في سيناء تقشعر لها الأبدان.. لمَّا أسرة بالكامل يتحولوا لأشلاء (أم وخمسة من أطفالها)، ومفيش إعلامي ولا مسؤول يقدر ينطق بكلمة".
وأضاف: "على فكرة بتحصل مجازر كتير جدا خصوصا في المناطق الجنوبية في الشيخ زويد ورفح، ومحدش بيقدر يوثقها، فالشبكات أغلب الوقت مفصولة علشان اللي يتقتل ميلاقيش حد يتكلم عنه.. زي مجزرة منطقة الزوارعة إمبارح محدش عرف غير اليوم (الخميس)، وكمان بالعافية".
جرائم إبادة في سيناء
يذكر أن منظمة "هيومن رايتس مونيتور" أشارت إلى مقتل المئات من المواطنين المدنيين الأبرياء، وبينهم نساء وأطفال من محافظة شمال سيناء، برصاص وقذائف قوات الأمن المصرية، وبعضهم كان معتقلا ثم قتل بظروف غامضة، ضمن عملية "حق الشهيد" المشتركة بين قوات الجيش والشرطة، بحسب المنظمة.
وقال تقرير للمنظمة الدولية إن قوات الأمن المصري ارتكبت "جرائم حرب"، لا تسقط بالتقادم.
وطالبت مجلس الأمن بتقصّي حقيقة الوضع في سيناء، للوقوف على جريمة الإبادة الجماعية، والتصفية العرقية، والتهجير القسري غير المعلن، للتحقيق في قتل المدنيين العُزّل على أيدي السلطات الأمنية المصرية. ويسود شعور عند أهالي سيناء بأن الحملة الأمنية الجارية هناك باسم "مكافحة الإرهاب" تحولت إلى "حملة عشوائية للانتقام من الأهالي"..
ويستشهدون في ذلك بقصف طائرة بدون طيار منزلا في قرية شبانة برفح، قبل فترة، ما أدى إلى مقتل عشرة من الأطفال والنساء، بينهم رضيع لم يمض على مولده سوى عشرين يوما.
ويقول الشهود وأقارب الضحايا إن صاحب المنزل المستهدف كان أحمد نصر فريح (من قبيلة الرميلات بشمال سيناء)، لكنه لم يكن موجودا فيه حين تعرضه للقصف.
وعقب القصف انهمك أقارب عائلة أحمد في جمع أشلاء الضحايا التي تناثرت في المحيط.
وخلال تفقد آثار الدمار التي لحقت بالمنزل، قال شهود العيان إن الصاروخ الأول استهدف الطابق الثاني من المنزل، أما الصاروخ الثاني فاستهدف الأفراد والأطفال وأمهاتهم بعدما هربوا، وتجمعوا بالقرب من المنزل، ليقضى عليهم جميعا، في الحال، بجوار بعضهم بعضا.