كشف الإعلامي والكاتب الصحفي المقرب من السلطات
المصرية، عادل حمودة، النقاب عن أن لجنة مصرية عليا مكونة من رئيس الحكومة، ووزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات العامة، وافقت من حيث المبدأ على اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، (التي أقرت
التنازل المصري عن جزيرتي
تيران وصنافير إلى
السعودية)، لأنها رأت أنه لا استفتاء شعبي ولا تحكيم دولي بشأن الجزيرتين لأنهما ملك للسعودية، ولأن مصر لا تدعي حيازتهما.
وأكد حمودة في الوقت نفسه أن البعد الأمني في القرار المصري (بالتنازل عن الجزيرتين للسعودية) لا يزال قيد الدراسة، وأن عليه تحديد مصير القوات المحلية (المصرية)، التي تحمي الجزيرتين، ومصير القرار الدولي الخاص بوجود قوات الأمم المتحدة على الجزيرتين.
وأماط الكاتب اللثام عن أن زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة قد تأجلت ثلاث مرات بطلب من مصر حتى تتأكد الأخيرة من ملكية السعودية للجزيرتين.
جاء ذلك في أحدث مقال لعادل حمودة بصحيفته بعنوان: "صيف سياسي ساخن في مصر والشرق الأوسط الجديد".
وفي بداية مقاله، أكد حمودة أن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة "قد تأجلت ثلاث مرات حتى نستكمل البحث في جنسية الجزيرتين، وكان البحث مستمرا، وطائرة العاهل السعودي تستعد للهبوط".
وأشار إلى أن لجنة عليا شُكلت من رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والخارجية ومدير المخابرات العامة تولت بحث موضوع الجزيرتين، واجتمعت 11 مرة قبل أن تتوصل إلى قرارها" (التنازل عن الجزيرتين باعتبارهما سعوديتين).
وأضاف: "كان السؤال (أمام اللجنة): هل نحتاج إلى عرض الأمر على الشعب في استفتاء عام يقرر مصير الجزيرتين؟ وكانت الإجابة أن الدستور ينص على ضرورة الاستفتاء إذا ما تقرر التنازل عن جزء من أرض تمتلكها الدولة"، مشيرا إلى أن "مصر لا تمتلك الجزيرتين، حتى نفوض فيهما الأمر للشعب".
وتابع: "كان السؤال الثاني: هل نلجأ للتحكيم الدولي كما حدث في طابا؟ وكانت الإجابة أن التحكيم الدولي يفترض تمسك كل طرف بسيادته على شيء ما، ونحن هنا لا نملك مستندا واحدا يفرض علينا النزاع"، على حد زعمه.
الكشف عن ضغوط سعودية
وتابع حمودة في مقاله الكاشف: "كان السؤال الثالث: لِمَ سكتت السعودية طوال عقود ممتدة، وضغطت لاسترداد الجزيرتين؟ وكانت الإجابة أنه ربما هناك ضغوط داخلية تتعرض لها قيادتها الجديدة لإظهارها ضعيفة، كما أن من حقها المطالبة بما تملك في الوقت الذي تشاء، وربما صبرت طويلا على ذلك، كما تثبت الوثائق والمستندات".
واستطرد: "كان السؤال الأخير: هل يملك الرئيس صلاحية إعادة الجزيرتين للسعودية؟ وكانت الإجابة أن الرئيس لم يتدخل في عمل اللجان المختصة في تحديد تبعية الجزيرتين، كما أن القرار النهائي في يد مجلس النواب.. السلطة التشريعية المنتخبة".
وبعد هذا الاستطراد علق حمودة بالقول: "لم يكن القرار سهلا.. فقد كان على مصر دراسة أبعاده الفنية والسياسية والأمنية معا".
وأردف: "كان عليها فنيا التأكد بما لا يترك ذرة من الشك أن الجزيرتين سعوديتان.. ولا تزال محاولات التأكد مستمرة.. فالأمر ليس سهلا على الإدارة المصرية".
وأشار إلى أنه "في البعد السياسي للقرار.. راعت مصر علاقتها الاستراتيجية بالسعودية، خاصة أن دول الخليج الست صفت وراء شقيقتها الكبرى، وأخذت جانبها، بما جعل مصر لا تغامر بأوراق غير رابحة بأزمة معها، لا مبرر لها".
وزعم أنه تجمعت لدى مصر تقارير وأدلة من دولة كبرى راهنت على أن مصر لن تعيد الجزيرتين للسعودية مما يسبب أزمة حادة، مطلوبة بين البلدين، والشعبين، على حد قوله.
وأوضح أن البعد الأمني في القرار لا يزال قيد الدراسة، خاصة أن هناك طرفا إقليميا هو إسرائيل يفرض نفسه بحكم معاهدة السلام على المعادلة، كما أن هناك طرفا دوليا لا يجب تجاهله هو قوات الأمم المتحدة (متعددة الجنسيات) المكلفة بحفظ السلام بين مصر وإسرائيل.
سؤال بلا إجابة
"حمودة" استدرك في مقاله: "لكن السؤال الذي ظل بلا إجابة: هل استجابت السعودية لضغوط خارجية فطلبت من مصر، بحسن نية، الجزيرتين لتبدأ دعوات التظاهر والنزول إلى الشارع بهتافات تبدأ بالأرض، وتمتد إلى حكم العسكر، وتنتهي بطلب انتخابات رئاسية مبكرة.. في تكرار لسيناريو سبق تنفيذه؟".
السيسي: "أهلي فقراء والناس مش لاقية"
ومضى حمودة في مقاله قائلا: "كان من الضروري توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية"، مدعيا أنه "بدون هذه الاتفاقية لا تستطيع مصر الاستفادة من مواردها، وقد أتاح ترسيم الحدود البحرية مع قبرص التنقيب عن الغاز في مياهنا الإقليمية دون منازع، وظهر أكبر حقل للغاز سينتج في العام القادم وينقذ مصر من متاعب اقتصادية حادة".
والأمر هكذا، نفى الكاتب بشدة أن يكون أي مسؤول مصري قد تنازل عن الجزيرتين إلى السعودية قائلا: "لقد انتهى زمن المكاسب التي يمكن جنيها من وراء المناصب العليا، ولم يعد هناك من يمنحهم فور صدور قرار يعينهم.. "شاليه" في مارينا.. أو أرض في القاهرة الجديدة.. أو شركة يستثمر فيها أبناؤهم مواهبهم المالية".
وأردف: "أصبح المنصب مسؤولية بلا فائدة.. يعتذر عنه كثير من الكفاءات.. خشية الهجوم عليه.. وإهانته.. أو توريطه في قضية تنتهي بسجنه.. وسمعت من وزراء خرجوا من الحكومة أنهم سجدوا لله شكرا لأنهم تركوا أماكنهم بلا إصابات شخصية أو عائلية".
واستطرد: "بجانب أنه لا أحد ممن يشاركون في الإدارة مستعد للتفريط في حبة رمل واحدة نمتلكها، وليس أفضل دليل على ذلك معركة طابا التي لم تزد مساحة الخلاف فيها مع إسرائيل عن أمتار قليلة.. بها أربع شجرات صحراوية".
وواصل حديثه: "يضاف إلى ذلك أن صلاحيات الرئيس تقلصت بالدستور.. فلم يعد الحكم ترفا واستمتاعا كما كان، ولم تعد تصرفات الرئيس خفية كما كانت.. أصبحت العيون مفتوحة عليه بكامل اتساعها".
ومستخدما لغة عاطفية تابع: "سمعت من أحد المسؤولين أن الرئيس (يقصد السيسي) في شرم الشيخ وجه لوما لهم عندما وجد أمامه فطائر وحلوى قائلا: أنا أهلي فقراء، والناس برة (في الخارج) مش لاقية".
واختتم حمودة مقاله بالقول: "تحتاج مصر كل صباح إلى ما يقرب من 3 مليارات جنيه لتتناول إفطارها، مما يجبر الدولة على الانحياز للفقراء، غير مستسلمة للأثرياء الذين فازوا بمليارات وظفوها في الخارج، لكن بعضهم لم يكتف، وسعى للحصول على المزيد، وعندما فشل وظف مؤسسته الإعلامية في الهجوم على ما يصدر من قرارات، وما يوضع من سياسات".