لم تملك الصحف
المصرية الصادرة الأربعاء 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، إزاء اليوم الأول من جولة الإعادة للمرحلة الأولى للانتخابات النيابية، الثلاثاء، سوى الإقرار بغياب الناخبين عن المشاركة، مستعرضة شواهده المختلفة، وتصدَّرتها صور اللجان الخاوية، ورأت إحداها في المشهد: "غضبا شعبيا صامتا".
"غضب شعبي صامت.. شعب مصر الحضاري يعلن غضبه بالصمت والعزوف.. المقاطعة التي تحدث الآن غير مسبوقة على مدار تاريخ مصر الانتخابي.. الحالة الاقتصادية المتردية والارتفاع الجنوني في الأسعار وسوء الخدمات والبيروقراطية الإدارية المدمرة.. وراء المقاطعة".
هذه ليست عناوين صحيفة معارضة في مصر، لكنها عناوين صحيفة كانت "نارا" على نظام حكم الرئيس محمد مرسي.. لكنها تنطق اليوم بلسان الحال.. إنها "الدستور"، لرئيس مجلس إدارتها، رجل الأعمال المتطرف، رضا إدوارد.
لم تكتف الصحيفة بالمانشيتات السابقة، التي تصدرت صفحتها الأولى، بل واصلت رسم المشهد بدقة، ونقل المفاجآت: "3 ناخبين فقط صوتوا في ثلاث لجان ببني سويف.. ميكروفونات تطوف المدن والقرى وتدعو المواطنين للذهاب للصناديق والشعب لا يستجيب.. رئيس الوزراء يناشد شركات قطاع الأعمال بحشد المواطنين لإنقاذ
الانتخابات.. الشباب يواصل مقاطعة الانتخابات.. وحضور باهت للسيدات وكبار السن".
في الختام تساءلت "الدستور": "هل سيخرج علينا رئيس اللجنة العليا مرة أخرى، ويعلن بكل هدوء أن نسبة الحضور كانت "كذا"، وهي نسبة جيدة طبقا للمعدلات العالمية".
وشددت الصحيفة على أن "أقرب طريق للوصول إلى الشعب هو الصدق".
في السياق نفسه، استخدمت صحيفة "اليوم السابع" - في مانشيتها - تعبير: "حضرت الصناديق وغاب الناخبون"، مشيرة إلى انخفاض الإقبال بشــكل عام حيــث حضــرت الصناديق، وغــاب الناخبــون، في وقت قالت فيه أيضا إن الإقبــال كان ملحوظــا من كبار الســن.
لكن "غاب الناخب.. وحضرت القطط"، وفق صحيفة "الأخبار"، التي نشرت صورة طريفة لقطة تطل من نافذة إحدى اللجان الانتخابية على صندوق الاقتراع الخاوي، فيما قالت الصحيفة في المانشيت: "تصويت خافت.. في انتخابات بلا طعم".
وخصصت "الشروق" مانشتيها أعلى "الترويسة" وأسفلها، لتتسجيل "غياب في ملحق الانتخابات"، وكشف أن "عزوف الناخبين يتصدر جولة الإعادة"، مشيرة إلى أن لجان الاقتراع أغلقت أبوابها في التاسة مساء، مع استمرار عزوف الناخبين عن المشاركة في عملية التصويت، والغياب الواضح للطوابير والشباب أمام اللجان، مع تصدر كبار السن المشهد، على حد تعبيرها.
لكن الجديد هو أن "الشروق" نقلت عن مصادر قضائية قولها إن نسبة مشاركة الناخبين الثلاثاء بلغت نحو 8%.
ونقلت "الشروق" عن المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، عمر مروان، إن اللجنة تلقت 60 شكوى حول الدعاية الانتخابية، وإنها حجزت سيدة بعد دعايتها لشقيقها داخل مجمع انتخابي بالبدرشين، فأحالتها للنيابة العامة.
وقائلة في مانشيتها إن "مباراة إعادة النواب" بلا جمهور"، أكدت "الوطن" أن الإقبال الضعيف ميَّز جولة الإعادة، التي انطلقت الثلاثاء وسط إجراءات أمنية مكثفة من قوات الجيش والشرطة.
وأشارت إلى شكوى بعض المرشحين الأقباط بمحافظة المنيا، من حشد ضدهم، وذكرت أن تقارير مراقبة بالمنيا وأسيوط، أظهرت حشدا طائفيا لصالح مرشحين أقباط.
ونقلت "الوطن" تصريحات أدلى بها رئيس حزب النور "السلفي"، يونس مخيون، بمسقط رأسه بالبحيرة، قال فيها إن عزوف الناخبين عن المشاركة رسالة قوية للرئيس عبدالفتاح
السيسي لابد أن يقرأها جيدا، وإن عدم الاهتمام بها سيكون له آثار سلبية، وفق قوله.
ونقلت عن أحد المستشارين من رؤساء اللجان الانتخابية بمدينة 6 أكتوبر قوله عن ضعف الإقبال: "ربنا يبعت"، مشيرا إلى أن خمسة فقط أدلوا بأصواتهم حتى ظهر الثلاثاء.
أما "الجمهورية" (صاحبة مانشيت: إقبال الناخبين أبهر العالم" في الجولة الأولى)، فقد خرجت هذه المرة بمانشيت يقول: "ملحق الإعادة بارد"، قائلة إن كبار السن والنساء أنقذوا الانتخابات (!)، وإن الأمن 100%.
ومن الإعادة "الباردة" إلى الإعادة "الصامتة"، وهو الوصف الذي أطلقته "المصري اليوم" في مانشيتها على الانتخابات، أقرت الصحيفة - كبقية الصحف - أن "جولة الإعادة شهدت الثلاثاء، إقبالا ضعيفا في معظم المحافظات التي تجري بها، بسبب الأمطار في بعض المناطق (!)، وعزوف الناخبين في مناطق أخرى، وتبادل بعض المرشحين الاتهامات بشراء الأصوات ونقل الناخبين، فيما كان الحشد الطائفي والقبلي السمة الغالبة في الصعيد"، وفق وصفها.
هكذا "جاءت انتخابات الإعادة لتعيد جميع مشاهد انتخابات الأسبوع الماضي: نسخة مكررة من اللجان الخاوية إلا من القضاة والموظفين وصناديق الاقتراع الفارغة، وكاميرات الفضائيات، إلى جانب مشاهد المسنين، وكبار السن، وغيرها من الصور التي لم تتحرج الصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية من إعادة نشرها بالتزامن مع إجراء الانتخابات، ليقينهم بتكرارها، على شاكلة جندي يحمل عجوزا، وآخر يساعد قعيدا على كرسي متحرك، أو كفيفا من أجل الإدلاء بصوته، وهكذا".
الوصف السابق لصحيفة "المقال"، التي أكدت أنه "ما زال الناخبون غائبين"، وذلك في تقريرها عن الانتخابات، تحت عنوان: "مسلسل اللجنة العليا للانتخابات.. العرض مستمر" - مضيفة أن اليوم الأول لجولة الإعادة حمل شعار: "يبقى الحال على ما هو عليه".
"الأهرام" تغرد خارج السرب
وحدها "الأهرام"، غردت خارج السرب، وتجاهلت عزوف الناخبين عن المشاركة، مكتفية بتقرير حمل عنوان "اليوم الحاسم بجولة الإعادة"، وأشارت فيه إلى أن "مصر شهدت الثلاثاء جولة الإعادة وسط تباين في نسبة المشاركة في المحافظات الـ 14 التي تشملها هذه الجولة الحاسمة، التي تنتهي في التاسعة مساء اليوم".
أخيرا، يبقى نقل ما نقلته "المصري اليوم" على لسان المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، عمر مروان، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، من أرقام "مذهلة" تتعلق بنسب المشاركة، إذ قال إن نسب المشاركة في اليوم الأول لجولة الإعادة تمثلت في مشاركة 55% من الرجال، و45% من السيدات، ومن سن 18 إلى 45 عاما بلغت 41%، ومن 46 إلى 60 عاما بلغت 32%، ومن فوق 60 عاما بلغت 27%"، موضحا أن النسب المعلنة ناتجة عن عينة عشوائية للناخبين في اليوم الأول. (!)