شبان سوريون يبحثون عن طريق للعودة من ألمانيا إلى سوريا
عربي21 - محمد إقبال بلو26-Oct-1508:07 PM
شارك
لم يستطع الشبان الخمسة التأقلم مع ظروف معسكرات اللجوء في ألمانيا - أرشيفية
حلم الرفاق الخمسة طويلا بالوصول إلى أوروبا. في بلدتهم بريف إدلب، والتي تدعى "معارة النعسان"، استمرت سهراتهم لأسابيع طويلة وهم يخططون للطريقة التي سيستطيعون من خلالها بلوغ الحلم الأوروبي، تناقشوا في الدولة التي سيختارونها، وبأسلوب الحياة الجديد المبهر الذي سيعيشونه، كما درسوا فيما بينهم تفاصيل الرحلة الصعبة من ريف إدلب إلى تركيا، ومن ثم عبر البحر إلى اليونان فألمانيا بلد الطموح والأمل، ولكنهم لم يجدوا ما كانوا يتوقعونه.
جمال، أحد الشبان الخمسة الذين صمموا على الهجرة، وباعوا كل ما يملكون لتأمين الكلفة المالية لذلك. باع قطعة الأرض التي يملكها، فيما باع معظم أصدقائه بيوتهم بأثمان منخفضة لكي يتمكنوا من البيع سريعا. رحل الخمسة عن "معارة النعسان" معا ليبلغوا ألمانيا بعد 10 أيام تقريبا، حيث بدأت الصدمات واحدة تلو الأخرى، بحسب ما روى اثنان منهم لـ"عربي21" عن أسباب رغبة المجموعة بالعودة.
يقول جمال لـ"عربي21": "الله لا يسامح اللي قلنا ألمانيا منيحة، وصلنا إلى غرب ألمانيا منذ شهر ونصف بعد أن لم يبق لدينا ما نملكه في سوريا، وكلنا أمل أن نحظى بالحياة الجميلة التي سمعنا عنها، وأن نقوم باستقدام زوجاتنا وأطفالنا، لكن فيما يبدو أن الواقع مختلف تماما عن كل ما سمعنا به".
يضيف جمال: "تم استقبالنا في أحد الكامبات (المعسكرات) مع خليط من اللاجئين، كان أفضلهم العراقيون واللبنانيون، وأسوأهم الأفغان والمغاربة. مضت ثلاثة أسابيع في الكامب الأول لم يخل يوم منها من مشاجرات بين اللاجئين، وإشكالات كثيرة تتعلق بالطعام والخدمات الأخرى، كل ذلك يعود للازدحام الذي أصبح أمرا عاما في كل مقاطعات ألمانيا، بحسب ما أخبرنا مسؤولو الكامب".
لم تكن الأسباب السابقة هي الدافع الأساسي لأن يبدأ جمال بالتفكير بالعودة، بل إن السبب الرئيسي لخصه بقوله: "تم فرزنا إلى كامب آخر، أو بالأحرى مخيما وليس كامبا، حيث يقيم في كل خيمة 10 أشخاص، ونصطف ساعة على طابور الطعام في كل وجبة".
وأضاف: "الأسوأ أنني التقيت في هذا المكان بعشرات الأشخاص ممن أخبروني أنهم هنا منذ ستة أو سبعة شهور ولم يحصلوا على إقامات حتى اللحظة، كما أنه لم يتم فرزهم إلى مساكن جيدة بحسب ما الوعود التي قطعت لهم. وحسبت الموضوع جيدا.. إن كنت سأمكث ستة شهور للحصول على الإقامة ومن ثم سأنتظر عاما أو أكثر لأستطيع لم شمل أسرتي، سيكون الأولاد حينها قد نسوا شكلي ولم يعودوا يدركون أن هذا المرء أباهم، لذا قررت العودةز كنت أعتقد سابقا أنني خلال ستة شهور سأكون قد أنهيت لم الشمل وسأرى أطفالي هنا معي"، وفق قوله.
أما صديقه محمود، فتجمعه الأسباب ذاتها مع جمال وباقي المجموعة في الرغبة بالعودة. وتحدث لـ"عربي21" عن تفاصيل محاولاتهم الفاشلة للعودة.
يشرح محمود قائلا: "طلبنا من إدارة المخيم أن تتم إعادتنا بأسرع ما يمكن إلى تركيا، من حيث جئنا، وأننا لم نعد نرغب بالبقاء هنا. وبالفعل أخبرتنا الإدارة أنها ستقوم بالإجراءات اللازمة لذلك، إلا أنهم وبعد أيام طلبوا منا جوازات السفر السورية التي سيتم بموجبها تسفيرنا بالطائرة إلى تركيا، والمعضلة أننا لا نملك جوازات سفر أصلا، بل كل ما نملكه بطاقة الهوية السورية".
ويضيف محمود لـ"عربي21": "بعد أخذ ورد لعدة أيام، أكد لنا المسؤولون أن إرسالنا إلى تركيا مستحيل، إذ إن المطارات التركية لن تستقبلنا دون أن نحمل جوازات سفر سورية، أو على الأقل بطاقات آفاد المستخدمة في تركيا، أي الكومليك، ولهذا اتفقنا معا أننا سنعود بالطريقة التي أتينا فيها إلى هنا، الطريقة غير الشرعية التي لم نجدها صعبة جدا"، كما يقول لـ"عربي21".
وشرح محمود وجمال كيف حاولا مغادرة ألمانيا، حيث سافرا في إحدى المرات مع المجموعة بالقطار من غرب ألمانيا، بالقرب من دورتموند، وحتى مدينة ميونخ على حدود النمسا، ومن ثم إلى البلدات الألمانية الحدودية، لكن الشرطة الألمانية ألقت القبض عليهم وأعادتهم إلى مخيمهم. وأكدا لـ"عربي21" أنهم قاموا بثلاثة محاولات مشابهة لكنها فشلت جميعا، مؤكدين أنهما سيقومان مع رفاقهما بمحاولات أخرى حتى تنجح إحداها.
وذكر جمال لـ"عربي21" أنه تحدث مع موظفين عديدين ألمان داخل الكامب وخارجه، وتحدث مع عرب يتقنون اللغة الألمانية، وقاموا بالتواصل مع مسؤولين من أجل مساعدة الشبان الخمسة للعودة إلى سوريا، إلا أن الجميع فشل في إيجاد طريقة.
ويوضح جمال: "اتصل أحد السوريين المجنسين هنا بوزارة الداخلية الألمانية وسألهم عن الموضوع، وأخبروه بأنه لا حل لعودتنا بشكل رسمي وقانوني، وأن بإمكاننا العودة بالطريقة التي وصلنا فيها، لكننا نخشى أن نكرر المحاولات الفاشلة، كما نخشى أن نتعرض لإشكالات قانونية في الدول الأخرى التي سنمر بها خلال رحلتنا. فهنا في ألمانيا نحن مسجلون كلاجئين، وكل ما يحدث أن يعيدنا البوليس إلى المخيم، أما في دول أخرى قد نتعرض للسجن أو لإشكالات أكبر من التي تحدث أو حدثت معنا"، وفق قوله لـ"عربي21".
يرى الشبان الخمسة أن لا حل حقيقيا سوى بتسفيرهم من قبل السلطات الألمانية إلى تركيا، إلا أن الألمان يرون أن لا حل سوى بقاءهم حتى يحصلوا على إقامات ووثائق سفر، ومن ثم يعودون بشكل نظامي إلى تركيا لو رغبوا، بينما هم يقولون إن ذلك سيطول لشهور عدة، والأجدى القيام بالمحاولة الرابعة.