اعتبرت جريدة "ليبيراسيون" الفرنسية أن إقدام الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي، على إقالة حكومة إبراهيم محلب، بعد
فضائح الفساد التي تبين تورطها فيها مؤخرا، ليس كفيلا بمحاربة مظاهر
الرشوة والفساد التي تنتشر في مصر منذ عقود.
وحسب تقرير نشرته الجريدة الإثنين، وترجمته صحيفة "
عربي 21"، فإن إقالة
حكومة محلب بعد فضيحة الفساد التي طالت وزارة الفلاحة، الأسبوع الماضي، لم تأت بسبب شيء خارج عن المألوف في مصر، فـ"بيع الأراضي المملوكة للدولة أو للجيش بأثمنة بخسة، والحصول على عمولات مهمة في مقابل ذلك أمر معروف في البلاد"، تورد الصحيفة.
على هذا الأساس، "هذه الخطوة لا تمثل مؤشرا على محاربة الرشوة"، حسب تأكيد محلل سياسي مصري نقلت الجريدة رأيه، والذي ذهب إلى حد اعتبار أن إعفاء حكومة محلب "خطوة انتخابية في المقام الأول"، خصوصا وأن ذلك يأتي بعد تصريحات وزير التعليم العالي سيد عبد الخالق، حول إجراءات تفضيلية لأبناء الضباط والقضاة في التعليم"، والتي خلقت صدمة كبيرة واستوجبت اتخاذ خطوات لإلهاء الرأي العام"، يردف المتحدث ذاته.
وأكد المحلل نفسه أنه "سواء تعلق الأمر بطلب موظف صغير أو شرطي مرور لرشوة، أو طلب ذلك مسؤولون كبار في الحكومة أو الشرطة أو الجيش، فإن النظام بأكمله غارق في الرشوة والفساد على جميع المستويات".
وشدد التقرير على أن الحرب على الرشوة في مصر أسفرت إلى حدود اليوم عن نتائج وصفها بـ"الهزيلة"، مستدلا على ذلك بكون معظم الدعاوى القضائية التي يحاكم فيها مسؤولون من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ما تزال غير محسومة على الرغم من مرور سنوات على عرضها أمام المحاكم، في وقت ما يزال فيه رجل الأعمال أحمد عز، المعروف بتورطه في فضائح فساد، لا يحس أنه منبوذ بسبب ذلك، بل ويطالب برفع الحظر عن مشاركته في الحياة السياسية.
وأضاف المصدر ذاته أن التسامح مع الفساد كان حاضرا أيضا في فترة حكم الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث أنه حاول، كما هو الشأن بالنسبة لعبد الفتاح السيسي، أن يفتح مجالا لـ"التصالح" مع رجال الأعمال المدانين بالرشوة أو عدم أداء مبالغ مهمة من الضرائب.
وأردف كاتب المقال أن الجنرال السيسي، عرض على رجال الأعمال هؤلاء غض الطرف عنهم في مقابل مساهمتهم في صندوق "تحيا مصر"، الذي أنشأه لمكافحة البطالة وتطوير البلاد.
إلى ذلك، لفت تقرير الجريدة الفرنسية الانتباه إلى ما تعرض له هشام جنينة، الذي عينه الرئيس مرسي رئيسا للجهاز المركزي للحسابات، من مضايقات، والتي ذهبت إلى حد تخوينه واتهامه بالعمالة للخارج، بعد تفجيره للعديد من قضايا الفساد، هذا في ما يواجه دعوى قضائية لعزله من منصبه بسبب ذلك.
وفي هذا الصدد، نقلت الجريدة عن خبير مصري في قضايا الرشوة تأكيده أن هذه المضايقات في حق جنينة تصب في محاولات إسكاته، مبرزا أنه حتى نظام مبارك كان يترك مجالا من الحرية للإعلام وللجهاز المركزي للحسابات، فيما النظام الحالي "لا يتسامح مع أي نوع من الانتقادات"، لافتا إلى أن أيام حرية الجهاز المذكور قد انقضت، وذلك بسبب "سن القصر الرئاسي لإستراتيجية انتقائية لمكافحة الرشوة، مبنية على حسابات سياسية في المقام الأول".
إلا أن جنينة لم يتمكن من التطرق للقضايا المتعلقة بالفساد في المؤسسة العسكرية حتى في الأيام التي كان يعبر فيها بحرية، يضيف التقرير ذاته، وذلك بالنظر إلى كون ميزانية الجيش تعتبر من الأمور السرية في مصر على الرغم كون مصالحه حاضرة بقوة في جميع الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والصناعية التي تبرمها البلاد.