مع انخفاض وتيرة العمليات العسكرية في حي الوعر، في
حمص السورية، في الآونة الأخيرة، نظمت مجموعة من الشباب الحمصي، فريقا تطوعيا حمل اسم "
الرجل البخاخ"، أحال الحي المحاصر إلى معرض فني مفتوح للرسوم واللوحات الفنية.
فقد أصبحت جدران الحي ومتاريسه؛ لوحات فنية عملاقة، تقف شامخة، معبرة عن سلمية الثورة السورية، رغم ما ألم بالسوريين من دم وألم ودمار.
"الرجل البخاخ أو الرجال البخاخين، هم ملائكة على الأرض، يحولون الجدران التي تأسر حريتنا إلى فضاء واسع من الأمل " بهذه الكلمات آثر عبد العزيز، أحد المتابعين لعمل هذا الفريق، وصف المشهد لـ" "عربي21".
وأضاف عبد العزيز: "قبل الثورة كنا نسمع عن الرجل البخاخ، وأنه رجل خفي. أما الآن في حمص، فقد أصبح الرجل البخاخ مرئيا بالنسبة لنا، حتى أننا نستطيع العمل معه الآن".
وعن هدف الفريق، قالت إيمان محمد، إحدى القائمات على العمل، لـ"عربي21": "نحن فريق عمل نهدف إلى إحياء الأمل في النفوس، وإعادة الناس إلى روح الثورة الحقيقية، وإيصال رسائل متنوعة للمجتمع المحلي والعالمي، عبر رسوم على الجدران ونشاطات أخرى متفرقة".
وأضافت إيمان: "لدينا أهداف مشتركة بعيدا عن أي تبعيات، ونقوم بهذه المهمة إيمانا بقضيتنا، ودعما لها"، حسب تعبيرها.
من جهته، يعبر مهند، مخرج الأفلام القصيرة، عن تفاؤله بمثل هذه اللوحات، ويقول: "نجحت هذه اللوحات المعبّرة من بين الدمار، باختراق قلوب الآلاف ممن شاهدوها عبر مختلف الصفحات في وسائل التواصل (الاجتماعي)".
وتابع: "لقد شجّع الجميع الرجل البخاخ على الاستمرار بهذه الأعمال، وأعربوا عن إعجابهم الشديد بأساليب المحاصرين الاحتيالية على الأمل".
وأضاف المخرج الشاب: "ما لفت انتباهي من أعمال الرجل البخاخ، أنّ جلّ عباراته تدعوا للأمل، كتلك التي تقول: لك شيء في هذا العالم فقم. وأخرى تقول: نحن على قيد الحلم، والكثير من "
الغرافيتي" (رسوم الحائط) الجميل الذي يحرّض على الأمل، بأسلوب حضاري وجميل"، وفق قوله.
وعن الصعوبات التي تواجه فريق الرجل البخاخ أثناء عمله، أوضحت إيمان محمد أنه "حاليا لا توجد أية مضايقات، وقد قررنا العمل مهما كانت صعوبة الظروف"، لكنها لفتت إلى "أن العمل يجري في حي محاصر، وسط ندرة في تأمين المواد اللازمة، وعدم توفر البخاخات والألوان الضرورية، ما دفعنا للاعتماد على الدهان ومزج الألوان".
وترى إيمان، رغم ذلك، "أن هناك مخاطر للعمل فوق الأبنية المهدمة، أو في مواجهة القناص، واحتمالية التعرض للقصف أوالقنص في أية لحظة".
وأضافت قائلة: "هناك انطباعات إيجابية على العمل سواء في الداخل أو الخارج، ومتابعة جادة، وانتظار الجديد باستمرار، وهو كأي عمل إعلامي لا يترك نتائج ملموسة إلا بالاستمرار والجديّة".
يذكر أن عددا من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 15 عاما، كانوا قد اعتقلوا في درعا بداية شهر آذار/ مارس 2011، بسبب كتابتهم على الجدران: "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليكونوا أول "الرجال البخاخين" في
سوريا، الأمر الذي أشعل وقتها فتيل الاحتجاجات في البلاد.
ويشار إلى أن حمص نظمت في الفترة الأخيرة عدد من الأنشطة التي تسهم في التخفيف من أجواء
الحصار والمعاناة، وبينها دورة ألعاب رياضية متكاملة شملت عددا كبيرا من الألعاب والفرق، إضافة إلى أنشطة للأطفال.