اعتقلت أجهزة الأمن في
مصر طالبا بتهمة حيازة رواية ''1984'' للكاتب البريطاني جورج أوريل.. هذا ليس خبرا هزليا أو متخيلا، لكنه حدث بالفعل يوم الأحد أمام جامعة القاهرة.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها الأحد -تلقت "عربي21" نسخة منه- أنه أثناء تفتيش الطالب ''محمد.ط'' أمام بوابة الجامعة عثر بحوزته على هاتفين ودفتر ملاحظات مدون به عبارات تتحدث عن "الخلافة الإسلامية" وكيفية تطبيقها في البلاد، وكتاب بعنوان 1984 للكاتب الانجليزي، جورج أوريل، والذي ينتقد فيه فساد أنظمة الحكم العسكرية وقمعها لشعوبها، فتم تحرير محضر بالواقعة وأحيل الطالب إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق معه.
وتدور أحداث رواية (1984) كتبها
جورج أورويل عام 1949 وترجمت إلى أكثر من 60 لغة، حول لندن في عام 1984 و"وينستن سميث" الذي يخضع للرقابة الدائمة من الشرطة والجيران رغم أنه ليس مجرماً، لكن الرقابة في هذا المجتمع يقوم بها الجميع ضد بعضهم البعض تعبيرا عن الولاء للوطن، فيما تتسلط الأنظمة القمعية على المجتمع عبر دكتاتورية الحزب الحاكم الذي أطلق عليه اسم "الأخ الكبير" الذي يمارس القمع وتزوير الوقائع باسم الدفاع عن الوطن.
انتقادات وسخرية
وأثار القبض على الطالب انتقادات واسعة وموجة من السخرية بين النشطاء ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الذين أكدوا أن هذه الخطوة تعكس تسلط وهشاشة النظام الحاكم.
وقال سياسيون مؤيدون للرئيس المصري عبدالفتاح
السيسي إن هذه الممارسات تذكرهم بالحقبة الناصرية حيث كان بعض الطلاب يعتقلون لحيازتهم مجلات وصحف بالرغم من صدروها عن مؤسسة حكومية.
وأكد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي المحسوب على السيسي، الذي وصل بانقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي، أن الأمر سيكون إساءة لمصر في الداخل والخارج، ويضر السيسي أكثر مما يضيف له.
وتساءل الكاتب أحمد الدريني في مقال له بصحيفة المصري اليوم "الاثنين" بعنوان "جورج أورويل.. ده إخوان؟": "المثير للأسى والسخرية معا في قضية طالب جامعة القاهرة الذي ألقي القبض عليه اليوم، لأسباب بدت من كثرة اللغط غير مفهومة، هو اعتبار أن رواية ما تعد حرزا من أحراز التحريات".
وأضاف: "الجهل أخطر على النظام من خطر المتعلمين أنفسهم.. فهذه الدببة هي التي تورط النظام في كل هذه المعارك العبثية التي يود لو لم يخضها من الأساس، وجورج أورويل ليس إخوانا كما نعرف، كما نظن أن الداخلية تعرف، لكن الأنظمة المتطرفة فحسب هي التي تعادي القراءة وتعادي الكتب والروايات.
وتهكم الصحفي سامى كمال الدين قائلا: "من هو المخبر المثقف الذي عرف قيمة الرواية وكشفها لحكم الأنظمة الشمولية العسكرية؟ ونشر له مع الرواية تضامنا وإجلالا للطالب الثوري المثقف، على حد قوله.
ووصف الدكتور سيف عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة اعتقال الطالب بأنه "قمة الجهل والتخلف".
فيما سخر الناشط الحقوقي أمير سالم الأمر وقال عبر "فيس بوك": "جتها نيلة اللي عايزة خلف، رواية 1984 لجورج أورويل، مضبوطات؟ فضحتونا في العالم".
الحشيش أضمن
وكتب إيهاب حسن متهكما هذا الحوار بين اثنين من الطلبة المصريين:
-معايا رواية.. تيجى نقراها سوا
* لا ياعم، افرض اتمسكنا
-ياعم ميبقاش قلبك ضعيف.. أنا أعرف مكان العيال بتقرا فيه الرويات والحكومة مبتروحش هناك! ها هتيجى!
* أنا بصراحة نفسى أجرب من زمان! بس خايف نتمسك، أبويا هينفخنى لو عرف!
- متخافش مش هيعرف.
* لا أنا أبويا بيشم بوقى وبيعرف أنا قريت روايات ولا لا.
حكومة حكومة
*ارمى الرواية بسرعة.. وطلع الحشيش واعمل نفسك بتلف سيجارة!
فيما كتب الكاتب الساخر سامح سمير عبر "فيس بوك": بعد دقائق من القبض على طالب جامعي بحوزته رواية 1984، ذعر بين ركاب المترو بعد العثور على رواية مزرعة الحيوانات أسفل أحد المقاعد".
انتشار الرواية
وتسبب هذا الموقف من أجهزة الأمن في انتشار الرواية بشكل هائل في أوساط الشباب الذي سعوا للتعرف على تلك الرواية التي تسببت في اعتقال الطالب.
ويكفي الآن أن تكتب على محرك البحث "جوجل" حرف "ر" فقط ليكمل هو الجملة "رواية1984" في إشارة إلى كثافة البحث عنها وقراءتها في الساعات الأخيرة.
ويعد هذا تكرارا لما فعله السيسي قبل عدة أسابيع حينما حذر من متابعة عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية بزعم أنها تابعة لجماعة الإخوان وتروج للإرهاب، وتسبب ذلك في زيادة شعيبتها بشكل هائل.
كما نشرت الصفحة الرسمية للأديب البريطاني الراحل جورج أورويل -والتي يتابعها نحو 1.5 مليون شخص حول العالم- خبر القبض على طالب بحوزته رواية 1984.
وقال الشاعر عبدالرحمن يوسف عبر "فيس بوك": "السلطة التي تلقي القبض على طالب بتهمة حيازة رواية تتحدث عن ديكتاتورية الأنظمة العسكرية.. سلطة على راسها بطحة".
وأضاف: "أكثر من 60 ألف شخص حملوا الرواية في أقل من ساعتين، الدرس المستفاد أنه كلما سعت السلطة الفاشية لحجب شيء، انتشر بقوة، وربما ما كان له أن ينتشر بهذه السرعة والقوة إلا لرغبة السلطة ذاتها فى منعه.. شكرا أيها الأغبياء".