أكدت تقارير حقوقية محلية ودولية صادرة الأربعاء تزايد حالات التعذيب الممنهج والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون في السجون
المصرية.
وقالت التقارير إن تلك
الانتهاكات وصلت إلى حد القتل والاعتداءات الجنسية، ولم يسلم منها الطلاب أو الفتيات أو حتى
الأطفال المعتقلين منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو الماضي.
وكانت منظمتا "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" أعلنتا - في بيان مشترك - أن أزمة
حقوق الإنسان في مصر هي الأسوأ في تاريخها الحديث، حيث شملت القتل الجماعي وإصدار أحكام قضائية جماعية غير مسبوقة بالإعدام، والاعتقال العشوائي والتعذيب.
مقتل 197 طالبا مصريا
وأكد تقرير حقوقي حديث ارتفاع أعداد القتلى بين طلاب الجامعات المصرية على يد قوات الأمن ليصل إلى 197 قتيلا حتى يوم الخامس من حزيران/ يونيو الجاري.
وأشار التقرير الذي نشره "مرصد طلاب حرية" الأربعاء - ووصل "عربي 21" نسخة منه - إلى أن جامعة الأزهر تتصدر القائمة، حيث قتل من بين طلابها 72 طالبا وطالبتين اثنتين.
وحول الطلاب المعتقلين في السجون وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز الأخرى أكد التقرير على ارتفاع أعدادهم إلى 1812 معتقلا بينهم 32 طالبة.
وأكد التقرير أيضا على أن عدد الطلاب الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية بالسجن وصل إلى 371 طالبا، وتسع طالبات، بينما صدرت أحكام غيابية بالسجن ضد 54 طالبا و26 طالبة، مشيرا إلى أن مجموع تلك الأحكام التي صدرت ضد الطلاب بلغت 1721 سنة، بينهم 13 حكما بالمؤبد بالإضافة إلى 50 سنة وضع تحت المراقبة الأمنية.
وحول مجموع الكفالات والغرامات المالية التي صدرت بها أحكام على الطلاب المعتقلين، قال التقرير إنها بلغت خمسة ملايين و220 ألف جنيه.
وتساءل المرصد عن الهدف من فرض هذه المبالغ الطائلة مقابل الإفراج عن الطلاب المعتقلين "وكأنها جباية تفرض على من يريد الخروج من غياهب السجون وأقسام الشرطة، وكأن لسان حال السلطات الأمنية يقول ادفع حتى تنال حريتك".
وأكد "مرصد طلاب حرية" على أن الطلاب المعتقلين يتعرضون للتعذيب والمعاملة السيئة داخل أماكن احتجازهم غير الآدمية، حيث تعرض بعضهم للقتل، محذرا من تعرض حياة بعض هؤلاء المعتقلين الآن لخطر الموت المحقق.
وقال إن من وسائل التعذيب الممنهج التي يتعرض لها الطلاب، المنع من الطعام ومنع الزيارة عنهم، ومنعهم من أداء امتحاناتهم الدراسية، واحتجازهم في سجون بعيدة عن مناطق إقامتهم، وهو ما يضيف عبئا كبيرا على ذويهم.
وطالب المرصد بالإفراج الفوري عن جميع الطلاب المعتقلين، كما ناشد المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المصرية والعالمية التدخل لوقف مسلسل القمع المستمر ضد الطلاب، وفضح ما ترتكبه السلطات المصرية من انتهاكات.
تعذيب الفتيات
وكشف الصحفي عمار مطاوع عن قيام سلطات
سجن القناطر للنساء بالاعتداء بالضرب المبرح على المعتقلات الأربعاء، ما أدى إلى إصابة ثلاث فتيات منهن بنزيف حاد في الرحم كسر أذرع سبع أخريات.
وقال مطاوع عبر تدوينة له على صفحته على "فيس بوك"، إنه لم يتم نقل المصابات إلى المستشفى حتى الآن، وتم حبس بعضهن في زنازين التأديب الانفرادية، وحبس الباقيات مع الجنائيات، كما تم حرق كل متعلقاتهن الشخصية والأدوية.
وأكد على أنه تم ترحيل خمس فتيات إلى سجن دمنهور وسبع إلى سجن بنها ومجموعة أخرى إلى سجن جمصة، وتم منع الزيارات في سجن القناطر، مشيرا إلى أنه تم منع حضور الفتيات جلسات المحاكمة أو العرض أمام النيابة.
واختتم تدوينته بأنه من تمت رؤية بعض الفتيات، الأربعاء، دون غطاء الرأس وحافيات وثيابهن متسخة وملطخة بالدماء.
وتعليقا على هذا التطور، أصدرت حركة "نساء ضد الانقلاب" بيانا أكدت فيه على أن ما حدث هو جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم "مليشيات السيسي"، على حد وصفها.
وقالت الحركة إنها تحمل وزارة الداخلية المؤقتة مسؤولية ما جرى للمعتقلات اللائي تم التعدي عليهن بالضرب من قبل قوات السجن، وفض الشغب السجينات الجنائيات، وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع النساء المعتقلات وتقديم المسؤول عن هذه الجريمة إلى المحاسبة فورا.
وأكدت على أن هذا التعدي "الصارخ" على حقوق الإنسان لن يمر مرور الكرام، وأن القصاص قادم للمعتقلات بكل السبل القانونية والإجراءات السلمية المتاحة، محذرة من تكرار "هذا الإجرام أو المساس بأمن وسلامة المعتقلات في سجون الانقلاب"، على حد قولها?.
انتهاكات جنسية لمئات الأطفال
وفي سباق ذي صلة، أصدر مركز حقوقي مصري، الأربعاء، تقريرا كشف فيه عن تعذيب وانتهاكات جنسية يتعرض لها الأطفال المعتقلين داخل سجون الانقلاب.
وأكد "المركز العربى الافريقى للحريات" على أن أكثر من 750 طفلا محبوسا في قضايا سياسية في سجون مصر يتعرضون للاعتداء الجنسي والتعذيب الممنهج من الجنود والسجناء الجنائيين، في انتهاك "صارخ" لحقوق الإنسان ومخالفة واضحة لكافة المواثيق الدولية والقوانين المنظمة لحقوق الأطفال.
وبيّن التقرير أنه تم توثيق 15 حالة انتهاك جنسي داخل أماكن احتجاز الأطفال في السجون المصرية، منها حالات في مؤسسة الأحداث بكوم الدكة بالإسكندرية، والمؤسسة العقابية للأحداث بالقاهرة.
وأشار إلى أنه تم انتشار وباء الغدة النكافية بين الأطفال المعتقلين، وأن إدارات السجون امتنعت عن تقديم العلاج المناسب لنحو 24 طفلا أصيب بالمرض، واكتفت بعزلهم عن باقي الأطفال، فيما تم رصد إصابة 12 طفلا بكسور مضاعفة وكدمات، نتيجة للتعذيب داخل السجون.
ودعا المركز العربي الإفريقي للحريات، المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، للدفاع عن الأطفال المعتقلين، والضغط من أجل إطلاق سراحهم جميعا، ووقف أي محاكمات سياسية للأطفال، والمساعدة في التأهيل النفسي لضحايا العنف والانتهاكات الجنسية منهم.
وفي ختام تقريره، حمل المركز السلطات المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات التي تحدث للأطفال، مطالبا بفرض رقابة دولية على السجون المصرية، أو فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الحكومة في حال امتناع السلطات عن الخضوع للمراقبة الدولية على السجون.