بعد منع صدور كل من جريدتي "الحرية والعدالة" و"الشعب"، تعرضت صحيفة "الوادي"
المصرية المستقلة لمنع صدور عددها الأخير هذا الأسبوع، لتصبح بذلك ثالث جريدة مصرية تتعرض للمنع من الصدور منذ الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013.
ويأتي هذا الإجراء بالمخالفة للدستور الجديد الذي تقول مادته رقم (52): "يحظر بأي وجه فرض رقابه علي الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها".
وتعرضت "الوادي" للمنع بالطريقة نفسها التي تم بها منع "الحرية والعدالة" و"الشعب" من الصدور"، وذلك بإصدار أوامر غير مكتوبة من جهة غير معلومة إلى جهة الطباعة بعدم الطبع.
وقد فوجئ القائمون على إدارة "الوادي" بصدور قرار من مطابع مؤسسة الأخبار بمنع طباعتها وتداولها دون إبداء أي أسباب قانونية.
وقال رئيس تحريرها خالد البلشي، وهو عضو مجلس نقابة الصحفيين، نه فوجئ بعدم صدور العدد الثالث من الجريدة دون وجود أي قرار إداري بإيقافها. وأضاف في تصريحات صحفية أنه أرسل العدد كعادته لمطابع مؤسسة الأخبار، إلا أنه فوجئ بأن مطابع الأخبار امتنعت عن طبع العدد أو طرحة في الأسواق دون أي أسباب.
محتويات العدد
البلشي رجح أن يكون سبب وقف الجريدة هو أن العدد تضمن مقالين للناشطين السياسيين أحمد ماهر وعلاء عبد الفتاح، المحبوسين حاليا على خلفية رفض قانون تنظيم التظاهر الذي أصدرته السلطات في تشرين الثاني/ نوفمير الماضي، علاوة على نشر ملف كامل عن "3 سنوات على اقتحام مقرات أمن الدولة، وهل شارك مجلس طنطاوى فيها، وشهادات مواطنين حضروا وقت اقتحامها".
كما نشرت الجريدة ملفا خاصا عن حكومة محلب بعنوان "حكومة مبارك العاشرة برئاسة محلب"، واستطلعت آراء عدد من الخبراء حول تشكيلها وتوقعاتهم من مناصبها الوزارية، وملفا حول دور المجلس العسكري بعد ثورة يناير، ولقاءات مع فتيات "لا للمحاكمات العسكرية"، وشهادات زوجات المختطفين والمفقودين في أحداث الثورة، وملفا بعنوان: "زيارة لعيادة الدكتور كفتة"، وملف عن الشخصيات التي وضعت البرنامج الانتخابي لـ"السيسي".
واستنكر البلشي قرار وقف صدور الجريدة، مؤكدا أنه انتهاك صريح لحرية الرأي والصحافة، وأنه حلقة جديدة من حلقات تكميم الأفواه ومصادرة الصحف التي أعقبت 30 يونيو كما حدث مع جريدتي "الحرية والعدالة" و"الشعب".
وأضاف أنه نشر على الموقع الالكتروني للجريدة مقال الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، ومقالا للدكتور علاء عوض، أستاذ الكبد في معهد "تيودور بلهارس"، بعنوان: "وهم العلاج بالكفتة"، عندما أبلغ بعدم صدور العدد الورقي.
ونشرت بسمة مصطفى، الصحفية بالجريدة، على صفحتها على فيسبوك صورة للصفحة الأولى للعدد الموقوف، وقالت إن العدد كان يتضمن موضوعا بعنوان: "خطة السيسي لإعلان ترشحه للرئاسة"، وبه معلومات عن لقاءاته مع عمرو موسى، وموضوعا آخر بعنوان: "زيارة خاصة لعيادة "الدكتور كفتة" صائد الفيروسات"، ومناقشة حول جهاز القوات المسلحة لعلاج الفيروسات، بعنوان: "جهاز القوات المسلحة لكفتة الفيروسات"، وملف عن كاتبى برنامج المشير السيسى، بالإضافة إلى قصة "فيلا الزمالك وكر التجسس على المصريين"، وأجهزة التجسس التي اشتراها جهاز أمن الدولة لاختراق الحياة الشخصية للنشطاء.
استنكار
واستنكر الدكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام، وقف إصدار عدد الجريدة، مطالبا بسرعة الكشف عن أسباب الوقف.
وقال الدكتور عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن وقف إصدار عدد "الوادي" مخالفة دستورية واضحة، لأن الدستور يمنع إغلاق الصحف بدون إذن قضائي مسبب، ويمنع أيضا مصادرة الصحف أو إغلاقها بقرارات إدارية.
وأضاف أنه لا بد من تشكيل رأي عام قوي ضد مثل هذه
الانتهاكات الصريحة للدستور والقانون، مؤكدا ضرورة معرفة الأسباب التي أدت للمصادرة. وقال: "نتمنى ألا يكون وراء وقفها أسباب سياسية".
كما استنكر نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد وقف طباعة الصحيفة، مشيرا إلى أن قرار الوقف غير دستوري، وغير قانوني.
وقال حازم الملاح، منسق المبادرة المصرية للدفاع عن الصحفيين، إن هناك غموضا حول عدم إصدار "الوادي"، ولا أحد يعلم حتى الآن الجهة المسؤولة عن منعها. وأشار إلى أن منع إصدار الصحف، وإهانة الصحفيين، وانتهاك آدميتهم واعتقالهم ما زال مستمرا، وأنه "إذا كانت السلطة الحالية تريد صوتا واحدا، فلتعلن ذلك صراحة بدلاً من هذه الانتهاكات".
و"الوادي" جريدة علمانية أقرب إلى اليسار. ويرأس تحريرها الصحفي اليساري خالد البلشي عضو مجلس نقابة الصحفيين. وقد تحدثت الصحيفة في عدديها السابقين عن ممارسات الانقلاب القمعية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في ظله. وأعلن البلشي أنه لم يترك رئاسة تحريرها حتى الآن إلا أن الأمر محل دراسة.