أكد باحث غربي بأن استقالة رئيس الوزراء
المصري المعين حازم
الببلاوي تكشف عمق معضلة الحكام الجدد الذين استولوا على الحكم بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقال ديفيد ويرنج الباحث في جامعة سواس والمحاضر الزائر في جامعة ويستمنستر في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" اليوم: "الاستقالة المفاجئة للحكومة المصرية لم تفاجئ أعضاء الحكومة وحدهم، بل فاجأت الولايات المتحدة أيضاً"، وتساءل :"ماذا وراء هذه الإستقالة وماذا تخبرنا عن حالة مصر ما بعد مبارك؟".
وأضاف الكاتب: "لقد تم تعيين حكومة رئيس الوزراء حازم الببلاوي في تموز/ يوليو 2013 بعد أن أطاح الجيش بالحكومة المنتخبة للرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين بعد مظاهرات . ومع أن جنرالات الجيش لعبوا دورا مهما في إدارة البلاد بعد ثورة 2011 إلا أنهم كانوا دائما يفضلون أن يعملوا من خلف الستار للحفاظ على مصالحهم السياسية والإقتصادية الكبيرة بينما يتولى مدنيون مهمة الإدارة اليومية للبلاد".
وأشار إلى التكهنات التي قالت بأن حل الحكومة كان مجرد إجراء رسمي يهدف إلى إعفاء الحاكم الحقيقي المشير عبدالفتاح
السيسي من منصبه كوزير للدفاع وفتح الطريق أمامه للترشح للرئاسة. ولكنه من غير المرجح أن يكون هذا هو السبب حيث أنه تم صناعة هالة حول شخصية السيسي قدمته للجمهور كمخلص وطني عندما قام بقمع الإخوان بدموية وسجن الآلاف وقتل المئات في الشوارع. فشعبيته ووحشية التعامل مع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية، لا توحي بأن السيسي يشعر بحاجة لغطاء لخروجه من وزارة الدفاع للترشح للرئاسة.
ولكن التقارير التي تم تداولها في الإعلام المصري والتي تشير إلى أن الحكومة لم تستقل بل أقالها الرئيس المؤقت بشكل مفاجيء توحي بتفسير آخر، فربما لم يرغب السيسي أن يعلن ترشحه للرئاسة رسميا في ظل حكومة فقدت شعبيتها بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.
ومع أن معظم التحليلات لمصر ما بعد مبارك ركزت على الجانب السياسي والحقوقي؛ إلا أنمشاكل البلاد الإقتصادية لم تتلق كثيرا من الإهتمام مع أنها لا تقل أهمية.
ويقول: "ما كان ينادي به المحتجون في كانون ثاني/يناير وشباط/ فبراير عام 2011 هو (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، وقد حرم المصريون من المطلب الأول والثالث بالضبط كما حرموا من الثاني، وفي الأشهر الأخير أصيب الإقتصاد بنقص الوقود والانقطاع الروتيني للكهرباء وبموجة كبيرة من الإضرابات التي قام بها عشرات الآلاف من العمال المحتجين على عدم تطبيق الحكومة للحد الأدنى من الأجور".
ويتابع: "قضية فشل الاقتصاد المصري المزمن في تقديم أساسيات الحياة للشعب المصري بقيت نفسها من عهد مبارك إلى حكم الجنرالات إلى حكم الإخوان إلى حكم الجنرالات الحالي. وقد تكون حكومة الببلاوي تحملت مسؤولية للموجة الحالية من المشاكل الإقتصادية لحماية السيسي من المسؤولية وهذا بالضبط ما الدور الذي يريده الجنرالات من الحكومات المدنية".
ويقول:" حتى الآن وبعد ثلاث سنوات من الإضطرابات فمن الصعب أن تجد أي جهة سياسية قوية تستطيع أن تقدم خطة جادة لتطوير الاقتصاد المصري على المدى الطويل. والعلاج الليبرالي الجديد عن طريق تخفيض الدعم الذي يعتمد عليه المصريون وفتح البلاد للاستثمارات الأجنبية يبدو علاجا سطحيا وليس واعدا. وبرأي البروفيسور جلبرت أتشسار المختص في دراسات التطوير يقول في كتابه (الشعب يريد) إن المطلوب هو برنامج طويل الأمد من الاستثمار الحكومي لتطوير الإقتصاد على أسس إنتاجية حقيقية، وتلبية الحاجة لخلق وظائف للشباب المصري بصورة مستمرة للمستقبل."
ويختم بالقول: "حتى يحصل هذا فإن البلد ستستمر في تمايلها من أزمة إلى أخرى بينما تسقط حكومات ورؤساء بل وجنرالات بسبب المرض المزمن الذي يعاني منه الإقتصاد المصري."