يوشك شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري على النهاية، ورواتب الموظفين التابعين لحكومة
غزة المقالة والتي تديرها حركة
حماس لم ترَ النور بعد، إلا من سلفةٍ قدرها ألف شيكل ما يعادل (300 دولار) لم تكفيهم لتأمين لوازم العيد، وتلبية احتياجاتهم اليومية.
وفي مشهد يتكرر منذ ثلاثة أشهر، تعجز حركة حماس عن صرف راتب كامل لـ"42" ألف موظف يعملون في دوائرها الحكومية وأجهزتها الأمنية.ومنذ توليها الحكم في قطاع غزة في صيف يونيو/ حزيران 2007 بعد الاقتتال الداخلي مع حركة فتح تعكف حركة حماس على دفع رواتب الموظفين التابعين لها بفاتورة تبلغ قيمتها الشهرية 37 مليون دولار شهريا بحسب بيانات لوزارة المالية المقالة.
وليست وحدها
الأنفاق المصابة بالشلل هذه الأيام من تسببت بالضائقة المالية لحكومة حماس، إذ تراكمت العديد من الأسباب التي ترصد وكالة "الأناضول" أبرزها:
_ انخفاض عائدات ضرائب البضائع الواردة عبر الأنفاقفقدت حكومة حماس موردا ماليا هاما عقب إغلاق وهدم الأنفاق التي كانت ممرا لعبور الوقود ومواد البناء وكافة مستلزمات الحياة لقرابة مليوني مواطن، ولم يعد تحصيل الضرائب عن حركة السلع الواردة ممكناً بعد شلل حركة الأنفاق.ومنذ ثلاثة أشهر وعقب تداعيات الأحداث
المصرية الأخيرة، تم تجميد العمل في نشاط تهريب البضائع من مصر إلى غزة، بسبب التشديدات الأمنية التي فرّضها الجيش المصري بمختلف أنحاء شبه جزيرة سيناء، واستمراره في حملة الهدم المكثفة للأنفاق.ووفق إحصائيات صدرت مؤخراً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية فإن استمرار السلطات المصرية في هدم الأنفاق أدّى إلي نقص ملموس وواضح في حركة البضائع.
ويعمل فقط قرابة 10 أنفاق, بالمقارنة بـ300 نفق كانت تعمل قبل30 يونيو_حزيران الماضي وفق تأكيدات مكتب الأمم المتحدة.ويؤكد مالكو أنفاق لـ"الأناضول" أن أكثر من 98% من الأنفاق توقفت بشكلٍ شبه كامل، ولا يتم تهريب سوى كميات محدودة من السلع والبضائع.ويقول مالكو الأنفاق إن 500 ألف لتر يوميا من الوقود المصري كانت تتدفق إلى القطاع وتحصل حكومة حماس على اللتر الواحد ضريبة بمبلغ 1.6 شيكل، فيما تفرض على طن الأسمنت الواحد 20 شيكل والذي كان يدخل بمعدل أربعة آلاف طن يوميا وفق تأكيد تجار الأنفاق.وتعمل لجنة تابعة للحكومة على ترخيص ومراقبة تبادل البضائع وحركة السلع عبر الأنفاق وتفرض الضرائب على السجائر والسيارات ومواد البناء وغيرها من الواردات.
وتكشف مصادر مطلعة في وزارة الماليّة في غزّة عن أن إيرادات الضرائب المفروضة على البضائع التي تدخل عبر الأنفاق تشكّل حوالي 40% من مجموع إيرادات الحكومة .ويؤكد
اقتصاديون أن حجم مصادر ربح الأنفاق بحوالي 365 مليون دولار سنوياً تدخل لحكومة حماس وأن دخل ما تجنيه الحركة من نشاط الأنفاق يغطي أكثر من 70% من
الميزانية الشهرية للحكومة.
وتقدر وزارة الاقتصاد في غزة الخسائر الناجمة عن تعطيل حركة الأنفاق بنحو 460 مليون دولار.
-التمويل والدعم الإيراني :لا تكشف حركة حماس عن مصادر تمويلها غير أن مصادر مطلعة في الحركة تؤكد أن التمويل يأتي أولا من المصاريف الثابتة لأبناء الحركة والمدفوعة من قبلهم كميزانية للحركة، وهناك ما يتم جمعه من أصدقاء الشعب الفلسطيني وأصدقاء حماس من الشعوب والمنظمات الأهلية والأحزاب وهناك الدعم الرسمي من بعض الأنظمة وفي مقدمتها إيران .غير أن هذا الدعم الإيراني توقف بعد مغادرة حركة حماس مقرها في دمشق في يناير/ كانون ثاني من العام الماضي، احتجاجا على المجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد والمتحالف مع إيران ضد الثورة الشعبية الدائرة في سوريا منذ ثلاث سنوات.وتقول صحف أجنبية إن العلاقات بين الجانبين لم تعد متوترة، وأن محادثات واجتماعات جرت بين إيران وحماس من أجل تنقية الأجواء وإعادة التأكيد على الاهتمام المشترك في معارضة اسرائيل، وإعادة التمويل للحركة.وكان مسؤولون في حركة حماس قد صرّحوا في وقت سابق لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية إن إيران أوقفت مساعدات تبلغ نحو 15 مليون جنيه إسترليني ( 24 مليون دولار) كانت تقدمها للحركة شهريا.فيما يؤكد دبلوماسيون إيرانيون لذات الصحيفة أن الدعم المالي لحركة حماس يتجاوز الـ"250" مليون دولار سنوياً.ولا تفصح قيادات حركة حماس عن حجم علاقتها مع إيران في الوقت الراهن، فيما يستبعد مراقبون عودة الدعم المالي كما كان في السنوات السابقة.
_منع دخول قوافل التضامن مع غزةيقول أمين عام مجلس وزراء
حكومة غزة " عبد السلام صيام" في مقابلةٍ سابقة مع "الأناضول" إن عدة عوامل تراكمية ساهمت في انخفاض منسوب الإيرادات المالية للحكومة.وأضاف صيام أنّ من بين هذه العوامل غياب القوافل التضامنية والتي كانت وفودها تضخ الحوالات المالية في القطاع، وتساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية.وأدّى تعطل حركة دخول الوفود التضامنية إلى غزة، إلى وقف المساعدات الإغاثية والمالية التي كانت تحملها لفقراء القطاع وما يمده الناشطون الداعمون للقضية الفلسطينية من عون ومساعدات مالية تساهم في رفع الأداء المالي لحكومة حماس.وغاب وصول الوفود إلى القطاع عبر معبر رفح، منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي مطلع يوليو/ تموز الماضي .وتقلصت أعداد هذه الوفود بشكل شبه كامل كما تؤكد اللجنة الحكومية لاستقبال الوفود التابعة لوزارة الخارجية المقالة بغزة.وتأثرت حركة قدوم المتضامنين إلى غزة بشكل كبير منذ نهاية يونيو/ حزيران الماضي، حيث كان متوسط وصول الوفود نحو 27 وفدا شهريا انخفض إلى وفدين فقط، وصلوا إلى غزة مطلع يوليو/ تموز الماضي، وقد حصلا على تأشيرة الدخول من السفارات المصرية بأوروبا قبل ثلاثة أشهر.وفي شهر آب/ أغسطس لم يصل سوى وفد هو الوحيد الذي تحصل على تأشيرة عقب الأحداث الأخيرة، ولم يسجل شهر أيلول/سبتمبر حضور أي وفد تضامني إلى القطاع.وتؤكد خارجية غزة أن السفارات المصرية في الدول العربية والأجنبية تغلق أبوابها في وجه المتضامنين مع القطاع، وتمتنع عن إعطائهم شهادات براءة ذمة، وعدم الممانعة، بشكل يمنع من وصولهم إلى إغاثة المحاصرين.وعقب تداعيات الأحداث المصرية الأخيرة تفتح السلطات المصرية معبر رفح بشكل جزئي لدخول العالقين داخل مصر، وسفر أصحاب الحالات الإنسانية وحملة الجوازات الأجنبية فقط.
_ثورات الشعوب العربيةعقب ثورات الشعوب العربية تحول الدعم المالي إلى دول أخرى غير فلسطين، كما وانشغلت الحركة الأم "الإخوان المسلمين" بتداعيات الثورات وخاصة السورية، إذ عكفت على تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين ومن تشرد من السوريين.وإلى جانب تداعيات الأحداث المصرية فإن حجم الضائقة المالية لحكومة حماس، يكبر ويزيد أمام هذه التحديات كما يؤكد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية " محمد مقداد"، والذي قال في حديثٍ لـ"الأناضول" إن كل هذه العوامل ستؤثر على موازنة الحكومة.وقال إن الضائقة المالية والظروف التي تمر بها حماس ستدفعها نحو التقشف في الصرف المالي والابتعاد عن الكماليات والنفقات التشغيلية للوزارات.وبلغت موازنة الحكومة لعام 2013 (890 مليون دولار) بإقرار من المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة.وتشرع حكومة حماس، هذه الأيام بمناقشة الموازنات المقدمة من الوزارات والمؤسسات الحكومية، لإعداد مشروع الموازنة العامة لعام 2014.ووفق مصادر مطلعة في حركة حماس فإن الحركة بدأت تواجه صعوبة بالغة في تحويل الأموال من الخارج إلى القطاع، وكيفية الحصول على التبرعات الخارجية، إلى جانب الملاحقات التي يتعرض لها من يقوم بتقديم الدعم المالي لغزة في العديد من الدول العربية والأجنبية.
-السياحة الداخليةشهد قطاع غزة في العامين الأخيرين نهضة عمرانية ملموسة، وتم تشييد عشرات المنتجعات الترفيهية على طول شاطئ بحر المدينة المحاصرة.ووفقا لأحدث الإحصائيات من وزارة السياحة بغزة فإن عدد المنشآت السياحية يبلغ 120 منشأة من بينها 18 فندقا.ويدير مقربون من حركة حماس العديد من المنتجعات بغزة والتي تجلب لها مصادر دخل وتمويل، وتساهم في نفقات الحكومة.ويقف الوضع الاقتصادي الحالي عائقا أمام تنزه الغزيين وارتيادهم للمنتجعات، وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 27.9% خلال الربع الثاني من عام 2013 الجاري، في وقت يعاني 40% من سكانه وعددهم 1.8 مليون نسمة من الفقر.وتزداد أرقام العاطلين عن العمل، إذ تؤكد وزارة الاقتصاد في الحكومة المقالة أن 276 ألف مواطن تعطلوا عن أعمالهم في كافة القطاعات وفي مقدمتها قطاع الإنشاءات عقب تداعيات الأحداث المصرية الأخيرة.