صحافة إسرائيلية

هل يضغط أردوغان على بوتين بعد اندلاع المعارك بين المعارضة والنظام في سوريا؟

المعارك بين النظام والمعارضة متواصلة في سوريا لليوم السابع على التوالي- جيتي
اختار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توقيتا حاسما بهدف ممارسة ضغوط على روسيا في سوريا، مستغلا الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تواجهها موسكو في ظل تراجع الدعم الروسي لنظام بشار الأسد، بحسب مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية.

وقال أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة تل أبيب"، يفغيني كلاوبر، أن هذه التحركات التركية تأتي في وقت تتعقد فيه العلاقات بين أنقرة وموسكو، حيث يواجه الطرفان خلافات تاريخية ومواقف متناقضة في الملف السوري.

وأضاف في المقال المشار إليه، أن "المسلحين التابعين لهيئة تحرير الشام، بقيادة أبي محمد الجولاني، لعبوا دورا حاسما في تغيير موازين القوى على الأرض بعد تمكنهم من السيطرة على مواقع استراتيجية في إدلب وحلب، بما في ذلك مطار حلب، خلال ثلاثة أيام فقط".

واعتبر الأكاديمي الإسرائيلي أن "هذا الإنجاز يعكس تراجع القوة الروسية في سوريا، حيث كانت روسيا قد احتاجت شهورًا طويلة وبخسائر كبيرة لتحقيق نتائج مماثلة"، مشيرا إلى أن "هذه التطورات أثبتت للعالم أن الاتفاقات التي أبرمتها روسيا، خاصة تلك الناتجة عن مفاوضات أستانا 2020، لم تعد تحمل أي قيمة فعلية".

ولفت الكاتب إلى "التوترات بين المتمردين بقيادة أبي محمد الجولاني ونظام الأسد منذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش في 2020، الذي جاء نتيجة ثماني جولات من المفاوضات في كازاخستان. لكن التحركات الأخيرة تشير إلى تغير في المشهد العسكري والسياسي السوري".

وأوضح كلاوبر أن الجولاني أصبح لاعبا سياسيا مستقلا وقادرا على تحدي النظام والروس في آنٍ واحد. وقال: "ما يحدث الآن يُعد تطورا غير مسبوق من الناحية الرمزية في تاريخ سوريا المعاصر".

إضافة إلى ذلك، ألقى المقال الضوء على العوامل التي أسهمت في هذا التحول. وأشار إلى أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة أضعفت حزب الله والقوات الإيرانية في سوريا، ما وفر فرصة لمن وصفهم بـ"المتمردين السنة" من أجل تعزيز مواقعهم بدعم غربي وخليجي.

كما أنه أوضح أن الإيرانيين، على الرغم من موقفهم المحرج، حاولوا الحفاظ على نظام الأسد، إلا أن تركيزهم على مواجهة إسرائيل حد من قدرتهم على التصدي لتحركات الجولاني ومسلحيه.

وفي الوقت نفسه، تعاني روسيا من أزمة اقتصادية خانقة أثرت بشكل كبير في قدرتها على دعم نظام الأسد. فقد رفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة مؤخرًا إلى 22%، وهو أعلى مستوى منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، مع توقعات بمزيد من الارتفاع إلى 25%.

ولفت كلاوبر إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل استنزاف الموارد الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا، ما يُضعف من مكانة الكرملين الجيوسياسية.

تركيا، من جانبها، تُعتبر من أبرز وجهات رأس المال الروسي الهارب من العقوبات الغربية. وأوضح كلاوبر أن أردوغان اختار اللحظة المناسبة لاستغلال الوضع الاقتصادي المتأزم في موسكو، على حد زعمه. 

وقال: "في ظل الأزمة الاقتصادية في روسيا، يبدو أن الكرملين عاجز عن تقديم دعم إضافي للأسد، ما يمنح تركيا فرصة للتأثير بشكل أكبر على مسار الأحداث في سوريا".

وأضاف أن العلاقة بين أنقرة وموسكو كانت دائمًا محفوفة بالتوترات، رغم الاعتماد التركي على الغاز الروسي، موضحا أن تركيا لطالما دعمت أعداء الأسد، في حين دعمت روسيا نظامه.

وتابع الكاتب بالقول إن "الأحداث الأخيرة في سوريا توضح أن أنقرة وجهت طعنة جديدة في ظهر الكرملين، وهو تصرف يتكرر في العلاقات بين البلدين".

واختتم كلاوبر مقاله بالإشارة إلى أن التطورات الأخيرة في سوريا تمثل تحديا كبيرا للكرملين، الذي يواجه ضغوطا داخلية وخارجية غير مسبوقة. وأضاف أن "الضعف الروسي الحالي يمنح أردوغان فرصة لتعزيز نفوذه الإقليمي وتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب موسكو، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تحولات أعمق في الموقف الروسي".