ملفات وتقارير

ما الذي يجب معرفته عن كرة القدم الإسرائيلية بعد أحداث أمستردام؟

يفتخر فريق "بيتار" بشعار "طاهر للأبد" في إشارة لعدم تمثيل أي لاعب عربي أو مسلم له- منصة "إكس"
جاءت أحداث العاصمة الهولندية أمستردام وجماهير فريق مكابي تل أبيب التي بدأت الاستفزازات بإطلاقها هتافات عنصرية ضد العرب والفلسطينيين تحديدا قبل مواجهة فريق أياكس ضمن بطولة الدوري الأوروبي، لتعيد التذكير بالسبب الرئيسي الداعي لحظر الاتحاد الإسرائيلي وطرده من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

وأقدم مشجعو مكابي تل أبيب على إنزال علم فلسطيني من مبنى، والاعتداء على سيارة أجرة، وإحراق علم فلسطيني في إحدى الساحات، ما أشعل أحداث شغب واشتباكات بين مشجعي الفريق، وعدد من مؤيدي القضية الفلسطينية.

ولم تقتصر صور الانحياز الغربي إلى الاحتلال الإسرائيلي بعد أحداث أمستردام على تصريحات السياسيين الغربيين، بل تجندت تغطيات العديد من وسائل الإعلام الكبرى في الغرب للأحداث، لتنحاز بشكل واضح إلى الرواية الإسرائيلية في ظل غياب شبه تام لرواية الجانب الآخر.


ويأتي هذا رغم تأكيد قائد شرطة أمستردام في هولندا، بيتر هولا، أن مشجعي فريق مكابي هم من بدؤوا الاستفزازات، هو ما ظهر في تغطية قناة "سكاي نيوز" العالمية لتشرح مراسلتها الحقيقة حول مشجعي كرة القدم الإسرائيليين الذين قاموا بأعمال شغب عنصرية في المدينة هذا الأسبوع.


وبعد ذلك بساعات قامت القناة بحذف المقطع من منصاتها المختلفة، إلا أن العديد من الحسابات على أعادت نشره، معلقة أن هذه التصريحات "لا تهم كبرى وسائل الإعلام العالمية".


تواطؤ "الفيفا"
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، أجّل "الفيفا" اتخاذ قرار بشأن الدعوة الفلسطينية لحظر الاتحاد الإسرائيلي من المشاركة في كرة القدم الدولية، في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، قائلا؛ إن لجنته التأديبية "ستراجع هذه الادعاءات".

وخلال الحرب التي خلفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، أجل "الفيفا" التصويت على قرار حظر الاتحاد الإسرائيلي من المشاركة في كرة القدم الدولية ثلاث مرات.

وعندما تعلق الموضوع بجهة غير "إسرائيل" ومعادية للولايات المتحدة جرى اتخاذ عقوبات من قبل "الفيفا" والاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" ضد روسيا بعد أربعة أيام فقط من الغزو لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022.

وتضمنت العقوبات استبعاد "الفيفا" لروسيا من كأس العالم، مع إعلان إيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية وأنديتها "حتى إشعار آخر"، وذلك في بيان مشترك مع "الويفا".

ودعم "الفيفا" واتحاداته مظاهر التضامن العالمي مع أوكرانيا في ملاعب كرة القدم، التي شهدت رفع الأعلام الأوكرانية، ونشر مناشدات وقف الحرب على الشاشات ودخول اللاعبين للملاعب بالعلم الأوكراني، وإهداء الأهداف واحتفالات الفوز لـ "أوكرانيا". 

وجاء ذلك مع التضييق على التضامن مع القضية الفلسطينية، أو رفع أعلام أو عبارات تضامنية، باعتبار أنها سياسية وخارج نطاق الرياضة.

وخالف إنفانتينو ذريعة: "خلط السياسة بكرة القدم" حينما بادر لترويج التطبيع العربي مع "إسرائيل"، ودعوته لتنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم بين الإمارات و"إسرائيل".  


“الغسيل الرياضي"
قالت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" إن "إسرائيل" تسمح  لفرق كرة القدم وكرة السلة المتمركزة في المستوطنات غير القانونية المبنية على أراض فلسطينية مسروقة باللعب في دورياتها الرسمية. 

وأضافت في بيان سابق لها أن الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة السلة واللجنة الأولمبية الدولية فشلوا في اتخاذ أي إجراء ضد "إسرائيل" بسبب إدراجها لهذه الفرق غير القانونية في دورياتها الرسمية وهجماتها على الرياضة الفلسطينية. 

وأكدت أنه "من خلال الفشل في التصرف، تسمح هذه الهيئات الرياضية لإسرائيل بتبييض صورتها وممارسة الغسيل الرياضي تجاه التهجير القسري للفلسطينيين ونظام الفصل العنصري وهجماتها العسكرية والإبادة الجماعية على الفلسطينيين".


والغسيل الرياضي هو مصطلح يطلق على ممارسة يستخدمها فرد أو جماعة أو شركة أو دولة قومية للرياضة لتحسين سمعتهم السيئة، من خلال استضافة حدث رياضي أو شراء أو رعاية فرق رياضية أو من خلال المشاركة في الرياضة نفسها.

بيتار القدس 
خلال أحداث أمستردام جرى تداول اسم فريق مكابي تل أبيب بشكل كبير، وأقدمت جماهيره على ترديد عبارات مسيئة كان أبرزها: "دع جيش الدفاع الإسرائيلي يفوز من أجل … العرب"، إلا أن هذا لا يعد سوى القليل مما تتفاخر به الجماهير الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة.

"لا فاميليا"، وهي رابطة مشجعي نادي بيتار القدس، أكثر ناد عنصريّ على مستوى العالم، تتكون من عناصر متطرّفة دائما ما تردد في مباريات كرة القدم هتافات مثل "الموت للعرب"، و"محمد مات"، و"لتحترق القرية".



ويشترك أعضاء النادي في العديد من عمليات اقتحام المسجد الأقصى، وكذلك في اعتداءات على الفلسطينيين ومنازلهم ومساجدهم في مدينة اللد بمساعدة من منظمة "شومريم علهبايت" الاستيطانيّة المتطرفة.



كما أن هذا التنظيم هو نفسه الذي ردد في مسيرات داخل مدن الساحل الفلسطينيّ المحتلّة صرخات "الموت للعرب"، وعمل على حرق وتدمير واجهات المحلات العربيّة في "بات يام" المتاخمة لمدينة يافا.
وانضمّ لأعضاء ألتراس "لا فميليا" مجموعات من مؤيدي "كاهانا" الاستيطانية الإرهابيّة من أجل الانتقام والاعتداء على العرب في يافا، وهم يسيرون في جماعات.

ومن أبرز داعمي فريق بيتار شخص إسرائيلي اسمه موشيه نيسيم، ولقبه "دوبي"، وأحد جنود الاحتياط في وحدة الجرافات الذين تم تجنيدهم خلال اجتياح جنين عام 2002، نشرت "يديعوت أحرونوت" مقابلة معه تحت عنوان "انتقام الجرافة".


وقال "دوبي" في ذلك الوقت: "وضعت راية بيتار القدس على الجرافة العملاقة وقلت لعائلتي عندما تشاهدونها في التلفاز ستعرفونني، ولو كنت صاحب القرار، لرفعت الراية على المسجد بالمخيم.. هل تعلم كيف صمدت لمدة 75 ساعة لم أترجل بها عن الجرافة؟ كنت أشرب الويسكي طوال الوقت حتى لا أشعر بالتعب".

حراك دولي مستمر
في آب/ أغسطس 2018، تم الإعلان أنّ شركة "أديداس - Adidas" لم تعد الراعي التجاري لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي، وذلك بعد أن دعا أكثر من 130 نادي كرة قدم فلسطيني الشركة لإنهاء رعايتها للاتحاد الضالع في اضطهاد الشعب الفلسطيني.


وجاءت خطوة "أديداس" بعد حملة عالمية صاخبة، دعا من خلالها نشطاء المقاطعة ومدافعون عن حقوق الإنسان الشركة لإنهاء رعايتها للمباريات المقامة على أراضٍ فلسطينية منهوبة، وخلالها تسلمت عريضة دولية تحمل 16 ألف توقيع.

وحينها صرّحت الشركة بشكل صريح أنها أثارت موضوع أندية المستوطنات الإسرائيلية مع "الفيفا"، مشيرة إلى الحاجة لأن يقوم الجسم الحاكم في عالم الكرة "بالفصل في مسألة فرق المستوطنات الإسرائيلية من خلال اتباع مبادئ القانون الدولي وسياسة حقوق الإنسان لديهم".


ويذكر أن الاتحاد الإسرائيلي يضمّ ستة أندية كرة قدم موجودة في مستوطنات إسرائيلية غير شرعية تنهب أراضي الفلسطينيين ومواردهم في الضفة الغربية المحتلة. 

وفي نفس الوقت بدأت حملة أخرى تمثّلت في البداية بالضغط على "بوما" لإنهاء التعاقد مع "إسرائيل"، ثم تطورت لتشمل المقاطعة الاقتصادية للشركة والعمل ضدها، باعتبار أن رعاية "بوما" للاتحاد الإسرائيلي تعود إلى تسعينيات القرن الماضي.

وامتدت الحملة على مدار سنوات وحصلت على دعم عربي عالمي، وذلك حتى إعلان الشركة الألمانية في كانون الأول/ ديسمبر 2023 عدم تجديد عقدها مع اتحاد كرة القدم الإسرائيلي حين ينتهي في منتصف 2024، إلا أن تطبيق ذلك لم يحدث بعد.