بعد توتر كبير خيم على أجواء ريف
حلب الشمالي واشتباكات محدودة، أجبرت الفصائل المعارضة المنضوية في تكتل "القوة المشتركة"، وهي "فرقة الحمزة" و"فرقة سليمان شاه" وفصيل "صقور الشمال"، على حل نفسه.
وبعد حصار مقراته من قبل "القوة المشتركة" المدعومة تركياً، أعلن فصيل "صقور الشمال" حل نفسه، مرجعاً ذلك في بيان إلى "المتطلبات الميدانية، ولجعل القوة العسكرية للثورة أكثر فاعلية في محاربة الأعداء وأكثر كفاءة".
وتابع البيان الذي اطلعت عليه "عربي21" بأن الفصيل أعلن خروجه من "الجبهة الشامية" التي اندمج معها قبل وقت قصير، وتسليم إدارته لوزارة الدفاع التابعة لـ"الحكومة المؤقتة".
وقال "صقور الشمال" إن "عملية إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري مستمرة منذ عامين وفي هذا السياق يتم الآن إعادة توزيع الأدوار والوظائف الموكلة لبعض التشكيلات".
ما أسباب ذلك؟
و"صقور الشمال" هو فصيل عسكري معارض تشكل في
إدلب في عام 2015، وشارك بعد ذلك في العمليات العسكرية التي شنها الجيش التركي في الشمال السوري، في "درع الفرات" ضد تنظيم الدولة (داعش) في العام 2016، و"غصن الزيتون" في العام 2018.
وتمركز الفصيل الذي يبلغ تعداده نحو 2000 مقاتل في عفرين وأعزاز، وقبل نحو شهر صدر قرار من "وزارة الدفاع" في الحكومة المؤقتة، بحل الفصيل وتسليم مقراته لـ"الشرطة العسكرية"، غير أن الأخير لم يخضع للقرار، وأعلن انضمامه لفصيل "الجبهة الشامية" الذي يشكل العمود الفقري للفيلق الثالث، في محاولة للاحتماء بالجبهة التي ليست على وفاق تام مع
تركيا و"الحكومة المؤقتة".
وعقب ذلك، تحركت "القوة المشتركة" المدعومة من تركيا، وحاصرت مقرات الفصيل في حوار كلس بمحيط أعزاز، وخاضت مع عناصره اشتباكات دامية، وأجبرته بالقوة على حل نفسه.
ومن الواضح أن قرار إنهاء "صقور الشمال" قد صدر عن الجانب التركي، وعن ذلك يقول مصدر من المعارضة لـ"عربي21" إن الفصيل يُتهم بارتكاب انتهاكات، منها المشاركة في "تهريب البشر" نحو تركيا، وتجارة المخدرات.
اتهامات متبادلة
وأضاف مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن "ما يثير الاستغراب، هو أن الفصائل التي تولت تنفيذ الأمر التركي، ليست بأفضل من صقور الشمال"، على حد قوله، في إشارة إلى "التجاوزات التي يتهم بها فصيل سليمان شاه الذي يقوده محمد الجاسم أبو عمشة، وفرقة الحمزة التي يقودها سيف أبو بكر".
وتحدث قيادي سابق في "صقور الشمال" عن "تقارير كيدية" قدّمت إلى الجانب التركي قبل قائد فصيل "سليمان شاه"، مؤكداً في حديث لموقع "عنب بلدي" أن "غالبية الفصائل لديها أشخاص مسؤولون عن تهريب البشر، ويرتكبون انتهاكات، ومنها فصيل "العمشات"، إلا أن الأخير تم "تبييض صفحته عند الأتراك فجأة وبطريقة غريبة".
الفوضى والفصائلية
من جهته، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علون لـ"عربي21" إن " فصيل صقور الشمال اختار الاستسلام في مواجهة داخلية ليست عادلة، وكل فريق له سرديته، وبالنهاية يمكن القول إن ما جرى تفسيره الفوضى".
وأضاف أن "كل فريق يتذرع برواية بعيدة عن الواقع، والواقع يقول إن المنطقة غير محوكمة أمنياً وعسكرياً وإدارياً، وما تزال الحالة الفصائلية هي الطاغية على الشمال السوري".
ما تأثير حل "صقور الشمال" على المشهد العسكري؟
وبحسب علوان، فإن حل "صقور الشمال" ليس له أي تأثير على المشهد العسكري في الشمال السوري، مؤكداً أن "مناطق المعارضة، تعيش هذه التجارب منذ سنوات، أي اقتتال الفصائل، والتوحد والاندماجات وتشكيل غرف عمليات مشتركة، وكل ذلك تتحكم به مصالح متغيرة ومتنقلة".
في المقابل، يرى الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، أن كل ما يجري من إعادة ترتيب الفصائل يأتي في إطار التحضيرات التركية للمرحلة القادمة، موضحاً لـ"عربي21" أن "تركيا تعيد ترتيب أوراق المنطقة، استعداداً لاستحقاقات قادمة، قد تفرضها التطورات على مستوى التطبيع مع النظام السوري، وخاصة أن ’القوة المشتركة’ تتبع لها".
ولفت الباحث إلى الأنباء عن أوامر تركية صدرت إلى فصيل "فرقة المعتصم" بالانضمام إلى "القوة المشتركة"، وقال: "بالتالي نحن أمام خطة متكاملة، تعدها تركيا لضبط المشهد العسكري في الشمال السوري".