ملفات وتقارير

ما هي "مفارقة أكتوبر" المرتبطة بمصير الأسرى الإسرائيليين؟

تناقص عدد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة من حوالي 250 إلى مئة أسير- جيتي
ارتبط مصير العديد من الأسرى الإسرائيليين تاريخيا بشهر تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك سواء في لبنان أو داخل فلسطين، وخلاله وقعت العديد من عمليات الأسر، التي كان أشهرها ما حصل في عملية "طوفان الأقصى" وغيرها، إضافة إلى صفقات التبادل نفسها وتفاصيلها.

وجاء تحذير الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، في كلمته المصورة التي جاءت بعد شهور من الغياب، من أن مصير وملف الأسرى الإسرائيليين قد يدخل إلى "نفق مظلم، ربما يخلق عشرات رون أراد" قبل أيام من ذكرى الاختفاء "المستمر" للطيار الإسرائيلي.

ووجه أبو عبيدة رسالة لجمهور الاحتلال وعائلات الأسرى الإسرائيليين في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقال فيها؛ إنه "كان بإمكانهم استعادة أسراهم أحياء منذ عام، لو أن ذلك تماشى مع طموحات نتنياهو ومصالحه، لكانت الصفقة تمت، حرصنا منذ اليوم الأول على حماية الأسرى والحفاظ على حياتهم".


وأضاف: "لدينا تعليمات واضحة لكل المجموعات المكلفة بحراسة الأسرى: دخول أي منطقة اشتباك يعرض الأسرى لخطر نيران المعارك، وهذا ما حدث في حالات سابقة وربما يتكرر مستقبلا، مصير أسرى العدو مرهون بتصرفات حكومته، فكلما طال تعنتها، ازدادت المخاطر على الأسرى".


ولم يكن هذا التحذير الأول من نوعه، ففي نيسان/ أبريل الماضي، حذّر أبو عبيدة في كلمة ألقاها بعد مرور 200 يوم على بدء "طوفان الأقصى"، من أن "سيناريو رون آراد، ربما يكون السيناريو الأوفر حظا للتكرار مع أسرى العدو في غزة.. الكرة في ملعب من يعنيه الأمر من جمهور العدو، لكن الوقت ضيق والفرص قليلة".


وأعلنت كتائب القسام، في أعقاب هجوم 7 أكتوبر ومعركة "طوفان الأقصى"، أن عدد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة ما بين 200 إلى 250 أسيرا أو يزيد على ذلك، لكن بعد مرور عام على هذه المعركة، أصبحت الأعداد قريبة من مئة أسير فقط.

رون آراد
طيّار إسرائيلي ولد 1958، وسقطت طائرته الحربية في لبنان عام 1986 ونجا من الحادث مع زميله  يشاي أفيرام، لكنه وقع أسيرا في أيدي حركة أمل، وفق ما أعلنت السلطات الإسرائيلية آنذاك.

وفي ذلك الوقت، تمكّن جيش الاحتلال حينها من تحديد موقع الطيار يشاي أفيرام، الذي كان برفقة آراد وإنقاذه، وبقي الغموض يحيط بمصير آراد لسنوات طويلة، ولم تتمكن "إسرائيل" من استعادته حيّا، أو استعادة جثته، بعدما رجحت تقارير وفاته في لبنان.

وأخر معلومات حقيقية عن آراد، كان تسليم صورتين وثلاث رسائل كتبها وأجزاء من مذكراته، إلى زوجته عام 2008 بعد 22 عاما من اختفائه، وذلك كان جزءا من تقرير مكون من 80 صفحة أعده حزب الله، بحسب ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" حينها.

ورغم الحديث عن أن آراد كان بحوزة حزب الله، إلا أن التقرير الذي صدر عنه في 2008، كان يتعلق بالجهود التي بذلها الحزب للعثور عليه، بعدما أكدت تقارير عدة أنه في قبضة حركة أمل ثم حزب الله، ثم اختفى أثره.

وناشدت يوفال آراد مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، وهي ابنة الطيّار المفقود وعمرها 38 عاما، في منشور على حساب والدتها تامي على فيسبوك، حكومة الاحتلال بأن "تتحمّل المسؤولية"، وأن "تأخذ قرارات مؤلمة" في مسألة التفاوض من أجل إطلاق سراح الأسرى لدى حماس.


وقالت: "التاريخ لا يعيد نفسه فحسب، بل الناس يرفضون التعلم من دروسه".

"مفارقة أكتوبر"

في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1986، حلق آراد برفقة أفيرام، خلال مهمّة تنفيذ غارات على مواقع لفصائل فلسطينية في لبنان، وبحسب الرواية الإسرائيلية، أطلقت الطائرة إحدى القذائف التي انفجرت على مسافة قريبة منها نتيجة خطأ تقني.

أصيبت الطائرة وسقطت في منطقة محاذية لمخيّم "المية ومية" للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة صيدا جنوب لبنان، لكنّ رون آراد ويشاي أفيرام تمكنا من القفز بمظلتيهما، وحاولا الهرب تحت وابل كثيف من رصاص "مجموعات مسلّحة" كانت تتعقّب سقوط الطائرة.

عقيد إسرائيلي
في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر أيضا، لكن من عام 2000، جرى اختطاف عقيد الاحتياط في جيش الاحتلال إلحانان تاننباوم، من قبل حزب الله اللبناني، واحتجز لمدة أكثر من ثلاث سنوات.

وتم استدراج تاننباوم، للمشاركة في صفقة تهريب مخدرات، واختطف إلى لبنان على يد قيس عبيد واللبناني كايد برو، بحسب قناة "i24news" الإسرائيلية.

وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر أيضا من العام ذاته، أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، على قناة المنار: "لدينا عقيد إسرائيلي في أيدينا".


وتم إطلاق سراح تاننباوم كجزء من صفقة تبادل أسرى تمت في 29 كانون الثاني/ يناير 2004 بين "إسرائيل" وحزب الله برعاية ألمانية، تم بموجبها إعادة جثث جنود إسرائيليين تم اختطافهم أيضا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000.

وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر أيضا، لكن من العام الجاري، أعلن الاحتلال عن وفاة تاننباوم عن عمر يناهز 78 عاما.

ثلاث جثث
في 7 تشرين الأول/ أكتوبر مرة أخرى من عام 2000، نفذ حزب الله عبر الحدود عملية تمكن فيها من أسر ثلاثة جنود إسرائيليين، هم: بيني أفراهام، وآدي أفيتان، وعمر سواعد، بينما كانوا يقومون بدورية في الجدار الأمني على طول الحدود مع لبنان، وليس من الواضح حتى الآن متى أو تحت أي ظروف قتل الجنود الذي أعيدت جثثهم إلى "إسرائيل" في صفقة التبادل عام 2004.


وبموجب الصفقة، أفرجت "إسرائيل" عن 431 أسيرا فلسطينيا من الضفة الغربية وقطاع غزة، و24 أسيرا لبنانيّا، و8 أسرى عرب، وقد كان من أبرزهم القيادي في حزب الله عبد الكريم عبيد، الذي اختطفه الإسرائيليون من لبنان عام 1989، ومصطفى الديراني الذي اختطفته "إسرائيل" عام 1994.

في رام الله
في 12 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000، قتل جنديان احتياط في جيش الاحتلال، هما: يوسي أفراهامي، وفاديم نورجيتش على يد المواطنين الفلسطينيين، بعدما دخلا عن "طريق الخطأ" إلى مدينة رام الله، الخاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية وسط الضفة الغربية. 


وكانت الشرطة المدنية الفلسطينية قد احتجزتهما في مركز شرطة مدينة البيرة، لكن حشدا من الفلسطينيين الغاضبين الذين كانوا في جنازة شاب فلسطيني قتلته "إسرائيل"، هاجم مركز الشرطة وقتل الجنود المحتجزين.


ملف شاليط
في تشرين الأول/ أكتوبر 2009، أصدرت كتائب القسام لأول مرة شريط فيديو مصورا، يظهر فيه الجندي الأسير جلعاد شاليط لمدة دقيقتين، مرتديا الزي العسكري وحاملا جريدة إخبارية فلسطينية بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 2009، وتحدث بالعبرية، مخاطبا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالموافقة على شروط حماس، وتأمين الإفراج عنه في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان. 

وبسبب هذا الشريط والمعلومات التي وردت فيه، نجحت كتائب القسام في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 بوساطة ألمانية مصرية، بتأمين الإفراج عن 19 أسيرة فلسطينية من ذوات المحكوميات العالية، مقابل إصدار دليل مادي يثبت بأن الجندي الأسير لا يزال على قيد الحياة. 



وبناء عليه، تمت الصفقة وسلمت حماس شريطا لـ "إسرائيل" يظهر فيه الجندي المختطف بصحة جيدة.

وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2011، أعلن التوصل لاتفاق بوساطة مصرية، لتبادل الأسير غلعاد شاليط، الذي تم أسره عام 2006، مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا، كان من ضمنهم رئيس المكتب السياسي الحالي لحركة حماس يحيى السنوار.

وتم إبرام الصفقة بشكل رسمي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته، وهي الصفقة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية، التي تمت فيها عملية الأسر ومكان الاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين، وأطلقت عليها حماس اسم "وفاء الأحرار".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع