"عندما
سقطت تفاحة على الأرض اكتشف نيوتن قانون الجاذبية، كيف وقد سقط الآلاف من الشهداء في
قطاع
غزة ولم يكتشف العالم بعد قانون الإنسانية"!
استوقفتني
هذه الكلمات ولا أعلم من صاحبها أو من صاحب هذا الاقتباس، إلّا أنني رأيت فيه أصدق
تعبير عمّا نعيشه ونشهده في هذه الفترة من حيرة وعجز أمام الأحداث والأخبار اليومية،
وكيف بمقدور الواحد منّا أن يغضّ بصره ويمضي في حياته كما لو أن كل شيء يحدث طبيعيا..
هل باتت قيمة الإنسان رخيصة إلى هذه الدرجة؟ وهل أضحت رؤية مشاهد الإجرام الصهيوني
أمرا اعتياديا؟
لا بد
من التفكير في الأحداث والأخبار اليومية والتوقف عند ما نشاهده من مذابح بشعة وحرب إبادة
بحق شعبنا
الفلسطيني في قطاع غزة، ولا بد أن نشعر بجراح الناس وآلام الأطفال والنساء
المكلومة، ولا بد أن نسأل أنفسنا ماذا فعلنا لغزة؟ وهل يعقل أن تتبلّد مشاعرنا بهذا
الشكل؟ أين ذهبت
الغيرة والمروءة والكرامة عند العرب؟ وأين هي منظمات حقوق الإنسان وإنسانية العالم
أمام هذا الإجرام الهمجي؟
لا بد أن نسأل أنفسنا ماذا فعلنا لغزة؟ وهل يعقل أن تتبلّد مشاعرنا بهذا الشكل؟ أين ذهبت الغيرة والمروءة والكرامة عند العرب؟ وأين هي منظمات حقوق الإنسان وإنسانية العالم أمام هذا الإجرام الهمجي؟
استفسارات
كثيرة تداهمنا وغصّات عالقة في الحناجر في ظل تقصيرنا وصمت العالم عن المآسي والفجائع
وخذلان القريب والبعيد، وعجز المنظمات الدولية في إيقاف العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني!!
أتذكر
منذ أن كُنّا صغارا أننا سمعنا عن مخيم
صبرا وشاتيلا وعن المجزرة البشعة التي اُرتكبت بحق
المدنيين العزّل من الأطفال والنساء والشيوخ، وعن عمليات القتل والتنكيل بالجثث وأدمغة
الضحايا المتطايرة على جدران البيوت.
مئات بل
آلاف المشاهد والقصص يرويها الناجون بدموعهم وآهاتهم على ضحاياهم التي ما زالت رائحة
دمائهم تلاحق مرتكبيها؛ مختصرة تاريخ الصهاينة القائم على عقيدة القتل والإجرام وارتكاب
أبشع
المجازر في تاريخ الإنسانية.
مشاهد
مرعبة للجثث والأشلاء والدماء المبعثرة في كل مكان، والجرحى الذين تم التنكيل بأجسادهم
يصرخون ويستنجدون كما يستنجد الأهل في غزة، دون مجيب! كان المجرمون يُكبلون الفتيات
بالسلاسل قبل أن يغتصبوهن بوحشية ويقطعون أجسادهن بالسكاكين، جثث العشرات من الضحايا
تكوّمت بصورة مخيفة واختلطت أشلاء ولحوم الرجال والأطفال والنساء بركام المنازل بعد
أن داستها جنازير جرافات
الاحتلال، وكثير من جثث ذُبحت وشُوهت وأُلقيت فوقها خناجر
وبلطات وسواطير؛ كانت بعض أدوات المجزرة.
لا تزال
مشاهد عشرات الجثث المتناثرة في بيوت وأزقة مخيم صبرا وشاتيلا حاضرة بأدق تفاصيلها
في وجدان وذاكرة الفلسطيني، وكذلك مشاهد جثث النسوة يحتضنّ أطفالهن وعلامات الطعن بالسكاكين
والحراب والبلطات على أجسادهن واضحة وثقوب الرصاص المستقرة برؤوسهن.
في ذلك
الوقت أضحت مجزرة صبرا وشاتيلا رمزا للإرهاب الصهيوني والإبادة الجماعية، فيما جسد
قطاع غزة في هذه الأيام نموذجا لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال منذ 7 تشرين
الأول/ أكتوبر 2023.
تعيد مشاهد
العدوان والإجرام الصهيوني على قطاع غزة المنكوبة، للأذهان مأساة مخيم صبرا وشاتيلا،
مع فارق الاختلاف في وجوه المُنفذين وصنوف الأسلحة المستخدمة، فيما تواصل آلة الحرب
الصهيوأمريكية الفتك في قطاع غزة مخلّفة دمارا هائلا ومشاهد مرعبة وصادمة.
فمجزرة
صبرا وشاتيلا التي بدأت مع حلول ظلام يوم 16 أيلول/ سبتمبر عام 1982، وقيام جنود جيش
الاحتلال بإطلاق القنابل المضيئة فوق مخيم صبرا وشاتيلا وذلك لتسهيل عملية الاقتحام
وتنفيذ مهمة القتل من قبل المجموعات الانعزالية من مليشيا الكتائب اللبنانية وجيش لبنان
الجنوبي، والتقدم عبر الأزقة الجنوبية الغربية للمخيم.
فعلى مدار
ثلاثة أيام بلياليها ارتكبت المجموعات الانعزالية وجنود الاحتلال مذابح بشعة ضد الأهالي،
يعجز اللسان عن وصفها، غير أنها إحدى أفظع المجازر في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
لقد استفرد
واستخدم الاحتلال حينها أدواته وعملاءه من مليشيا الكتائب اللبنانية، وقتل الآلاف من
المدنيين الأبرياء في مخيمي صبرا وشاتيلا.
أما في
قطاع غزة فقد استخدم الاحتلال أسلحة ذات قدرة تدميرية هائلة لا تراعي مبدأ التناسب
وفق القانون الدولي، وتُحدث خسائر واسعة في صفوف المدنيين والبنية التحتية.
جرائم الاحتلال دائما تواجه بالصمت الدولي، وعجز العالم إزاء جرائم العصر التي يعيشها الفلسطينيين في قطاع غزة، الأمر الذي يتيح للاحتلال الاستمرار في عدوانه وجرائمه بلا عقاب، والعالم صامت كجثة هامدة
الاحتلال
استخدم أسلحة دمّر خلالها أبراجا سكنية من عدة طوابق فوق رؤوس ساكنيها، واستخدم أسلوب
الحزام الناري في استهداف أحياء سكنية بأكملها، متسببة في قتل وإصابة مئات المدنيين،
لتحقيق جريمة الإبادة الشاملة.
الاحتلال
يعتمد في عدوانه الحالي بالدرجة الأولى، على الدعم العسكري الأمريكي الكبير، بما في
ذلك الأسلحة المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة، حيث ألقى الاحتلال أكثر من 82 ألف طن من
المتفجرات، بما يعادل أكثر من 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي.
أمريكا
زودت الاحتلال بأكثر من 100 ألف قنبلة وصاروخ يزن بعضها 2000 رطل من المتفجرات، فيما
يواصل الاحتلال خوض حرب الإبادة الجماعية بهذا السلاح، وقتل النساء والأطفال وكبار
السن والمدنيين العزل، فلم يسلم أي من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من القصف
الجوي والبري والبحري غير المتناسب، فالاحتلال لا ينفذ عدوانا ضد فصيل معين بل عدوانا همجيا وحرب إبادة جماعية ضد كافة السكان وضد كل شيء.
صبرا وشاتيلا
شهدت مقتل ما يقارب الـ3000 شخص، فيما يصل عدد الضحايا في غزة إلى 150 ألفا بين شهيد وجريح.
الاحتلال
دمر أكثر من 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، و200 ألف وحدة بشكل جزئي، و80 ألف وحدة سكنية
غير صالحة للسكن، ودمر كافة مناحي الحياة في القطاع، واستهدف 15 قطاعا حيويا، وحوله
إلى منطقة بلا حياة وغير صالحة للحياة.
جرائم
الاحتلال دائما تواجه بالصمت الدولي، وعجز العالم إزاء جرائم العصر التي يعيشها الفلسطينيون
في قطاع غزة، الأمر الذي يتيح للاحتلال الاستمرار في عدوانه وجرائمه بلا عقاب، والعالم
صامت كجثة هامدة، لم يهتز له جفن ولم تتحرك الإنسانية تجاه إبادة وسحق مدينة بأكملها!!