في مقاله الأخير الذي نُشر على قناة 12 العبرية، وجه
الصحفي الصهيوني إيهود يعاري اتهامات لي بالتطرف، كما دعا أجهزة الموساد لاستهدافي
بشكل مباشر. يعود هذا الهجوم إلى دعمي المستمر للقضية
الفلسطينية، وهو ما اعتبره "يعاري"
نوعا من "تمجيد
الإرهاب"، بينما في الحقيقة، كل ما أقدمه هو تأييد لحقوق
الشعب الفلسطيني وفقا لما قررته القوانين الدولية وتعترف به المؤسسات العالمية.
الصراع في فلسطين: مركز صراع
عالمي:
"يعاري" حاول في مقاله تشويه الحقيقة
الجوهرية التي طرحتها في مقالاتي بصحيفة "
عربي21"، مثل "
هل أصبحت
غزة مركزا للصراع على قيادة العالم"، و"
أهداف وأبعاد استراتيجية للحرب
على غزة"، و"
كيف أسست طوفان الأقصى للخرائط السياسية الجديدة". هذه
المقالات توضح بجلاء أن الصراع في فلسطين لم يعد مجرد نزاع محلي أو إقليمي، بل
أصبح نقطة مركزية لصراع عالمي على قيادة النظام الدولي. الصهيونية، التي تمثل أحد
أذرع الهيمنة الغربية، تحاول ترسيخ وجودها من خلال
الاحتلال والاستعمار، فيما تقف
غزة كمحور مقاومة شرعية تقاتل من أجل الحرية والعدالة.
لقد بيّنت بوضوح في تلك المقالات أن الصراع في فلسطين
يمثل صداما حضاريا بين الغرب، الذي يعتمد في سياساته على الهيمنة العسكرية
والاقتصادية، وبين العالم الإسلامي الذي يعزز قيم الحرية والعدالة. هذا الصراع، من
وجهة نظري، ليس مع الغرب بحد ذاته، بل مع سياساته الداعمة للمشروع الصهيوني في
فلسطين.
الصراع في فلسطين يمثل صداما حضاريا بين الغرب، الذي يعتمد في سياساته على الهيمنة العسكرية والاقتصادية، وبين العالم الإسلامي الذي يعزز قيم الحرية والعدالة. هذا الصراع، من وجهة نظري، ليس مع الغرب بحد ذاته، بل مع سياساته الداعمة للمشروع الصهيوني في فلسطين
دور الولايات المتحدة في الحرب
على غزة:
"يعاري" ادعى في مقاله أنني أمجد "طوفان
الأقصى" الذي كشف عن تحول غزة إلى ساحة حاسمة في الصراع بين الإسلام والغرب،
وتحديدا الولايات المتحدة وإسرائيل. نعم، أنا أؤكد هذا الطرح وهو ما صرح به العديد
من القادة الغربيين والإسرائيليين. الولايات المتحدة لم تعد مجرد داعم غير مباشر
لإسرائيل، بل أصبحت تقود هذا العدوان بشكل علني وسافر، وهو ما ظهر بوضوح خلال
العمليات العسكرية ضد غزة. الدعم العسكري والسياسي اللامحدود الذي تقدمه الولايات
المتحدة لإسرائيل يعد تحديا صارخا لكل القوانين الدولية.
العدوان على غزة الذي أدنته مرارا وتكرارا هو انتهاك
صارخ لكل الأعراف والاتفاقيات الدولية. مجلس الأمن، المحكمة الجنائية الدولية،
ومحكمة العدل الدولية.. جميعها تقر بأن ما تقوم به إسرائيل في غزة يتعارض مع
القانون الدولي، ومع ذلك، تستمر واشنطن في دعمها للكيان الصهيوني في تحدٍ سافر
للإرادة الدولية.
دعم حقوق الشعب الفلسطيني حق
وليس جريمة:
إن ما أكتبه وأدافع عنه في مقالاتي لا يتعدى كونه دعما
قانونيا وسياسيا لحقوق الشعب الفلسطيني التي اعترفت بها الأمم المتحدة والعديد من
المؤسسات الدولية، دعمي للمقاومة الفلسطينية هو دعم للحق المشروع الذي أقرته
القوانين الدولية في مقاومة الاحتلال.
المقاومة ليست إرهابا، بل هي حق تكفله كل
الشرائع والقوانين.
"يعاري"، في محاولته تشويه مواقفي، يغفل أن
المجتمع الدولي ذاته يعترف بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، وأن العدوان على
غزة هو ما يخرق القوانين، وليس من يدافع عن حقوق الفلسطينيين. لا يمكن لمواقف كهذه
أن تبرر استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين في غزة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال
وصم كل من يعارض هذا العدوان بالتطرف أو الإرهاب.
حزب "البناء
والتنمية": حقائق لا يمكن إنكارها:
من ضمن ادعاءات يعاري التي لا أساس لها من الصحة؛ هو
زعمه أنني فشلت في تأسيس حزب سياسي في مصر. في الواقع، هذه الادعاءات تنافي
الحقيقة تماما. في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وبعد ثورة يناير، نجحت أنا وزملائي
في تأسيس حزب "البناء والتنمية" الذي حصد 25 مقعدا في البرلمان المصري.
هذا الحزب كان جزءا من المشهد السياسي المصري، يدافع عن الحريات والعدالة
الاجتماعية وعن ترسيخ الديمقراطية، إلى أن تم حظره في أيار/ مايو 2020 ضمن حملة
ملاحقة واسعة للأحزاب الإسلامية التي كانت تحظى بشعبية كبيرة في مصر، وهو ما جعلني
لاجئا في تركيا منذ سنوات.
"يعاري" يحاول إنكار هذا النجاح في محاولة
لتقليل من تأثيري وتأثير زملائي في المشهد السياسي المصري، وهو أمر يتماشى مع
سياسات النظام المصري الذي يسعى إلى قمع كل الحركات التي تدافع عن الحقوق السياسية
والحرية. الحقيقة هي أن حزب "البناء والتنمية" كان ولا يزال يمثل صوتا
للحريات السياسية والنضال من أجل العدالة في مصر.
التحريض على إغلاق حساباتي على
مواقع التواصل الاجتماعي:
هذه المنصات ليست ساحة حرة للرأي كما تدعي، بل يتم استخدام سياسات الحجب والإغلاق ضد الأصوات المعارضة للاحتلال الصهيوني والداعمة للقضية الفلسطينية
"يعاري" لم يكتفِ بالتحريض على استهدافي
شخصيا، بل دعا أيضا إلى إغلاق حساباتي على منصات التواصل الاجتماعي مثل إكس (تويتر
سابقا) وفيسبوك ويوتيوب. هذا ليس بالأمر الجديد، إذ أنني وكل من يدافع عن الحقوق
الشرعية للشعب الفلسطيني نتعرض دائما لمحاولات إسكاتنا على هذه المنصات، فالتحريض
على إغلاق الحسابات والمواقع الشخصية هو جزء من الحملة الشاملة التي تستهدف كل من
يقف إلى جانب الحق الفلسطيني.
من المهم التأكيد هنا أن هذه المنصات ليست ساحة حرة
للرأي كما تدعي، بل يتم استخدام سياسات الحجب والإغلاق ضد الأصوات المعارضة
للاحتلال الصهيوني والداعمة للقضية الفلسطينية. "يعاري"، بتحريضه هذا،
إنما يساهم في هذه الحملة القمعية ضد حرية التعبير وضد حق الشعوب في الدفاع عن قضاياها.
شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها:
في مقاله، زعم "يعاري" أنني غير معروف في
إسرائيل ولكنني مع ذلك معروف لدى الشباب العربي، خاصة في فلسطين، بل وفي رام الله،
وهم ينصتون لحواراتي بعناية. وهنا أقول ليعاري: هذا شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها؛
أن أكون معروفا في فلسطين وفي العالم العربي هو شرف لكل عربي ومسلم وكل حر، وخاصة
إذا كان ذلك متعلقا بالدفاع عن فلسطين. الدفاع عن قضية تحرير فلسطين هو واجب على
كل إنسان في هذا العالم، وأن يعرفني الشباب الفلسطيني في غزة وفي رام الله وفي
غيرها من المدن الفلسطينية هو وسام شرف أفتخر به.
القضية الفلسطينية هي أم القضايا العربية والإسلامية،
وهي القضية التي تجسد معاني النضال والحرية، والدفاع عنها هو أهم ما ورثته عن أبي.
من الطبيعي أن يكون لكل من يدافع عن هذه القضية مكانة خاصة في قلوب الشعوب العربية،
و"يعاري" يحاول تحويل هذا الشرف إلى تهمة، ولكن الحقيقة هي أن كل من يقف
إلى جانب الشعب الفلسطيني سيظل معروفا ومقدرا، ليس فقط في فلسطين، بل في كل أنحاء
العالم.
دعوة إلى مناظرة علنية:
ما أكتبه وأدافع عنه ليس إلا دعما للحق الفلسطيني المشروع وفقا للقانون الدولي. العدوان على غزة هو الذي يخرق القوانين الدولية، وليس من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني. كل محاولات التحريض والإسكات لن تغير من موقفنا
في ختام مقالي: يحاول "يعاري" أن يبرر
تحريضه واتهاماته لي بالتطرف. لكنني أقول له، وللجميع: إذا كان يعاري واثقا من صحة
ادعاءاته، فإنني أدعوه إلى مناظرة علنية تُبث على الهواء مباشرة وفي أي مكان
محايد. في هذه المناظرة يمكنه أن يطرح أمام الملأ ما يراه أدلة تدعم مواقفه. إن
هذه المناظرة ستكون فرصة حقيقية للكشف عن زيف الادعاءات الصهيونية، وفرصة لتبيان
حقيقة الصراع القائم في فلسطين.
لن تُثنيني اتهامات "يعاري"، ولا تحريضه
للموساد، عن مواصلة دفاعي عن القضية الفلسطينية، وأن أظل على استعداد لمواجهة أي
ادعاءات أو اتهامات وطرحها في العلن، لهذا فالمناظرة ضرورية لنرى من يقف على أرضية
قانونية وأخلاقية صلبة.
في النهاية، أؤكد أن ما أكتبه وأدافع عنه ليس إلا دعما
للحق الفلسطيني المشروع وفقا للقانون الدولي. العدوان على غزة هو الذي يخرق
القوانين الدولية، وليس من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني. كل محاولات التحريض
والإسكات لن تغير من موقفنا، وسنظل ندافع عن حق الشعوب في الحرية والعدالة، مهما
كانت التهديدات.
الفرصة سانحة لإظهار الحقيقة ولإسكات الافتراءات،
الشعب الفلسطيني له حق مشروع في مقاومة الاحتلال، ومن يحاول تشويه هذه الحقوق إنما
يحاول الدفاع عن نظام ظالم وغير شرعي.