من
البديهي أنه حينما تقع مصيبة أو تحل كارثة بمن يعنينا أمرهم، ويسوؤنا حالهم ويصيبنا
بالحزن بلاؤهم، ويشعرنا بالعجز مُصابهم، أن نسارع إلى نجدتهم، وأن نبادر إلى رفع المشقة
عنهم، بكل الطرق والوسائل الممكنة والأدوات المادية والمعنوية المتاحة دون كلل أو
ملل، وإن حال العجز بيننا وبينهم شعرنا بغُصة في حلوقنا، وضيق في صدورنا، وحزن في
قلوبنا، وضاعت منا لذة العيش وبَرَد الحياة واستحالت الملذات إلى مُنغّصات، هذا إن
صدق شعورنا!
لكن
أن يتحول البعض -على اختلاف مشاربهم- من المنتسبين إلى العروبة بل وإلى المروءة
والرجولة زورا وبهتانا بتصديرهم الإحباط للعامة والخاصة، وتوجيههم بوصلة المزاج
العام دوما إلى انتظار الهزيمة المُدوية والانكسار الذي لا قيام بعده لغزة! فتخرج
رؤيتهم مبنية على التشاؤم، وسوء الطَوية، وقِصر النظر، ودناءة الهِمّة، وفساد الفهم،
ثم يتحولون بعدها إلى جلادين للشعب الفلسطيني الأبيّ الذي سطّر ملحمة في قطاع
غزة
وفي الضفة بأحيائها جنين وطولكرم والخليل، ويسلطون ألسنتهم حِدادا على
المقاومة التي
ضحّت بالغالي والنفيس، مرددين كلمات التوهين والتثبيط والتعجيز، وصدق فيهم قوله
تعالى "لو خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُم إلّا خَبَالا ولأوضَعُوا خِلَالَكُمُ
الفتنة".. الآية، فهذا مما لا يُقبل ولا يصح مروره مرور الكرام..
يتحول البعض -على اختلاف مشاربهم- من المنتسبين إلى العروبة بل وإلى المروءة والرجولة زورا وبهتانا بتصديرهم الإحباط للعامة والخاصة، وتوجيههم بوصلة المزاج العام دوما إلى انتظار الهزيمة المُدوية والانكسار الذي لا قيام بعده لغزة! فتخرج رؤيتهم مبنية على التشاؤم، وسوء الطَوية، وقِصر النظر، ودناءة الهِمّة، وفساد الفهم، ثم يتحولون بعدها إلى جلادين للشعب الفلسطيني
والعجيب
أن هؤلاء يحاولون بتثبيطهم للهِمَم وتوهينهم للعزائم يريدون إيهامنا بأنهم يتألمون
لما حدث في البلاد وللعباد، وأن طرحهم ليس إلا ابتغاء وجه الله، وربما كان المتحدث
في مكر دُعاة الجامية والمَدخلية ومَن على شاكلتهم من متسلفي الخليج وتابعيهم ممن
يسوقون بعض القواعد الأصولية للتلاعب بعقول مستمعيهم، ذاكرين المصالح والمفاسد
متكلمين عن الدماء المعصومة -وعيونهم تذرف الدمع!- وهم يشيرون باللائمة على
المقاومة، ولا يشيرون إلى
الاحتلال الإجرامي الذي ولغ في دماء المسلمين ودمّر
بيوتهم ومستشفياتهم وهتك أعراضهم واعتدى على حرمة مساجدهم، لا يذكرون ذلك ولا
يشيرون إلى داعمي بني صهيون المسارعين إلى
تطبيع العلاقات معهم، المرتمين في
أحضانهم ممن يدين لهم هؤلاء الدعاة بالطاعة والولاء! فقط يصبّون جام غضبهم -المصطنع-
على المقاومة..
وربما
كانت لبرامج التوك شو المعروفة بكراهيتها لكل أشكال الممانعة وحملها لواء التطبيع
مع الاحتلال، واستضافتها لبعض دعاة الخنوع من إعلاميين وصحفيين وساسة مطبلين
مهللين لقرارات وأحلام طويلي العمر أيّا ما كانت سخافتها! ربما كانت لتلك المحطات دورها
الخبيث في قلب المفاهيم لدى العامة من الناس بحيث تصبح المقاومة في محل الاتهام، ويفسر
التطبيع مع العدو الفاجر المعتدي على حرمة الأقصى بأنه سلام الشجعان، ويُترجم التقارب
معه على أنه من صميم الحفاظ على الأمن القومي للبلاد، وتصبح المصالحة معه بمثابة
الخروج من شرنقة العداء التاريخي والذي لا يُعرف سببه -بزعمهم- ولم تستفد منه
شعوبنا ولم نعرف حتى تاريخه سبب العداء مع أولاد العم القريبين منا دون غيرهم!..
لم يقف أمر التخذيل والتهوين والإرجاف على المثقفين من إعلاميين وصحفيين وباحثين تجردوا من كل القيم إلا قيم المنافع التي يحصِّلونها من قربهم للأنظمة الحاكمة؛ بل ومن إقامتهم لجسور العلاقات مع مؤسسات ثقافية وبحثية وإعلامية صهيونية الهوى قد فضح الله توجهها لدى كلِ ذي بصيرة وفهم، بل تخطى أمر التخذيل والإرجاف إلى قطاع من عامة الناس
ولم
يقف أمر التخذيل والتهوين والإرجاف على المثقفين من إعلاميين وصحفيين وباحثين
تجردوا من كل القيم إلا قيم المنافع التي يحصِّلونها من قربهم للأنظمة الحاكمة؛ بل
ومن إقامتهم لجسور العلاقات مع مؤسسات ثقافية وبحثية وإعلامية صهيونية الهوى قد
فضح الله توجهها لدى كلِ ذي بصيرة وفهم، بل تخطى أمر التخذيل والإرجاف إلى قطاع من
عامة الناس، وهؤلاء لا يحملون همّا لأمة ولا يرفعون راية لقضية ولا يشلغهم ولا
يسعدهم أو يحزنهم شيء سوى طعامهم وشهواتهم وملذاتهم، وأما ما دون ذلك فلا يحرك
فيهم ساكنا مهما عَظُم قدره وارتفع شأنه وجلّ خطبه حتى ولو كانت المساجد التي يشد
إليها الرحال!..
وكل
هذا في وسط ما نرى ونسمع من كمّ التعاطف الدولي والعالمي مع غزة وشعبها، وما
تناقلته شاشات التلفاز من اعتصامات طلاب الجامعات الأمريكية والأوروبية وصدامهم مع
إدارات جامعاتهم ومع أجهزة الشرطة في بلادهم من أجل غزة، تنديدا بسياسات الحكومات أو
تنديدا كذلك بتعاون جامعاتهم مع جامعات دولة الاحتلال، بل وكثيرا ما رأينا فتيات
في عمر الزهور يبكين لأجل أطفال غزة ونسائها في ظل تَحجّر مُقلة البعض في أوطاننا
ممن نزع الله الرحمة من قلوبهم، مثل بعض العامة كما أسلفنا القول.. وفي ظل بذل بعض
الإعلاميين جهدهم لصرف الناس عن قضية غزة بترويج الأكاذيب تارة، وبإثارة النعرات
الوطنية العفنة التي يراد القول من خلالها كما خرج أحدهم ليقول: غزة ليست وطني!
نعم ليست وطنك أيها المُخذّل، ولا تشرف تلك البقعة المباركة التي حازت صك الكرامة
والرفعة ببشارة النبي صلى الله عليهم وسلم لها ولأهلها حين قال: "لا يضرهم من
خذلهم"، فلن يضرهم خذلانكم لها يا دعاة المدخلية، ولن يضرهم أكاذيبكم يا إعلاميي
السلطات الحاكمة، كما لن يضرهم حماقة بعض العامة من الناس ممن لا يستحقون شرف
الحديث عنهم، فالشرف نحصّله بحديثنا عن الكرام من أطفال غزة ونسائها لا بسواهم ممن
خالفهم أو خذلهم!
"والله
غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".. الأية.