ملفات وتقارير

ملعب اليرموك بغزة من متنفس لكرة القدم إلى معسكر للاعتقال ثم ملجأ للنازحين (شاهد)

ملاعب غزة ونازحوها أهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي- صفحة الجيش الإسرائيلي
تحول ملعب اليرموك، أحد أكبر ملاعب قطاع غزة، من مكان يعج بالمشجعين وهتافات عشاق كرة القدم "الساحرة المستديرة" إلى ملجأ لعشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين الهاربين من القصف والإبادة الجماعية على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

 وبدلا من سماع أصوات وهتاف الجماهير٬ بات اللاجئون في الملعب يسمعون ضجيج الدبابات، والقصف، وصرخات الأطفال، والأمهات. حيث أصبحت شباك الملعب خياما، وساحاته المعشبة ملاذًا أخيرًا، بينما امتلأت المدرجات بالأسر التي لجأت إليها هربًا من القصف والصواريخ.


ولجأ آلاف النازحين في غزة إلى ملعب اليرموك، الذي كان يُعتبر سابقًا أكبر ملعب لكرة القدم في القطاع، حيث تعيش العائلات في ظروف قاسية مع القليل من الطعام والماء. وتحت ظلال مقاعد الاستاد، نصبت الخيام المؤقتة، وعلقت الملابس لتجف في أنحاء الملعب الجاف والمغبر.

ويضم الملعب العديد من سكان القطاع النازحين من حي الشجاعية الذي يقع على بُعد 3 كيلومترات٬ والذي تعرض لقصف عنيف وبات شبه خالٍ منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة. وانتهى المطاف بالكثيرين إلى الملعب حيث لم يعد لديهم شيء يعودون إليه.


استشهاد 342 رياضي
وصرّح الأمين العام للاتحاد الفلسطيني للإعلام الرياضي، مصطفى صيام، في 14 حزيران/ يوليو الماضي أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 342 رياضي في مختلف الرياضات، معظمهم من الأطفال المنتسبين للأكاديميات الرياضية.

وأضاف صيام، الذي يشغل أيضًا منصب مسؤول الإعلام في الاتحاد الفلسطيني، أن آخر الشهداء كان حارس مرمى نادي شباب خان يونس لكرة القدم، شادي أبو العراج، مؤكدًا أن هذا الاستهداف المباشر للرياضيين الفلسطينيين يأتي ضمن محاولات الاحتلال لتدمير الحركة الرياضية الفلسطينية، سواء من خلال اغتيال أو اعتقال الرياضيين، تقييد حركتهم، أو تدمير البنية التحتية الرياضية.

وأشار صيام إلى أن "90% من المرافق الرياضية في المحافظات الجنوبية الفلسطينية تعرضت للتدمير والتخريب منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع".

وأكّد أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قد خاطب الاتحادات الدولية والقارية بشأن الجرائم الإسرائيلية ضد الرياضة الفلسطينية، مطالبًا باتخاذ إجراءات عقابية بحق الاحتلال الإسرائيلي.

من ملعب إلى مركز اعتقال
في 27 من كانون الأول/ديسمبر الماضي أصدر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بياناً أعرب فيه عن اعتراضه الشديد على اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لملعب اليرموك في قطاع غزة، وتحويله إلى مركز للاعتقال والتعذيب والتحقيق. واعتبر الاتحاد هذا الإجراء انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، والميثاق الأولمبي، والمواثيق الدولية، والقارية.

وأكد الاتحاد الفلسطيني أن تحويل ملعب اليرموك إلى معسكر اعتقال يكشف عن نوايا الاحتلال العدوانية تجاه الأنشطة الرياضية والشبابية والكشفية الفلسطينية.

وأشار البيان إلى أن اقتحام هذا الملعب، الذي يُعد من أقدم الملاعب في فلسطين إذ تأسس عام 1952 ويتسع لنحو 15 ألف متفرج، ليس مجرد حدث منفصل، بل هو جزء من الاعتداءات المتكررة على الرياضة والحركة الفلسطينية في ظل العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.

 يُعدّ ملعب اليرموك في غزة أحد أكبر وأقدم الملاعب الرياضية في القطاع، ويحمل تاريخاً طويلاً من الأنشطة الرياضية والاحتفالات الوطنية. وقد تم تجهيزه وفق المعايير الدولية ليكون ملعباً بيتياً فلسطينياً.

وأضاف البيان أن هذا الانتهاك الصارخ للمواثيق الدولية يأتي ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات على حقوق الرياضة الفلسطينية، بما في ذلك قتل واعتقال الرياضيين.

ودعا الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا والاتحاد الآسيوي وجميع الجهات المعنية إلى اتخاذ موقف فوري إزاء هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق أحد أعضائها، وتحميل الاحتلال المسؤولية القانونية، وضمان حماية المنشآت الرياضية.

وأكد الاتحاد، في رسائله العاجلة إلى اللجان الدولية والقارية والإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الدولي والآسيوي والاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي والاتحاد العربي لكرة القدم وجميع الاتحادات الوطنية، على أن الأوضاع الرياضية في فلسطين تعاني تحت وطأة الاحتلال، مطالباً بإجراء تحقيق دولي عاجل في جرائم الاحتلال ضد الرياضة والرياضيين في فلسطين.

ولم يقتصر استهداف الاحتلال للملاعب على العدوان الأخير٬ ففي معركة "حجارة سجيل" عام 2012 تعرض ملعب اليرموك إلى قصف عنيف من طائرات جيش الاحتلال استهدف الجهة الجنوبية للملعب والمدرجات الشرقية، الأمر الذي تسبب بدمار كبير في الملعب.

الأورومتوسطي يطلب التدخل
من جانبه طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان٬ اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لمحاسبتها على الجرائم ضد الرياضيين الفلسطينيين المرتكبة في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة.

وأكد المرصد أن جيش الاحتلال "عمد إلى تحويل ملعب اليرموك في مدينة غزة إلى مركز احتجاز لاحتجاز وإذلال مئات الفلسطينيين، بمن فيهم أطفال، يظهرون عراة وتجريدهم من ملابسهم في لقطات نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وأضاف: "يجب على المنظمات الرياضية الدولية أن تدين بشدة انتهاكات إسرائيل للمرافق الرياضية المدنية والرياضيين في قطاع غزة". لأن جيش الاحتلال "يستهدف ويقتل مئات الرياضيين واللاعبين في جميع المحافظات، ويهدم البنية التحتية الرياضية، ويحول بعض الملاعب إلى مقابر جماعية ومراكز إساءة المعاملة ومواقع الاحتجاز، في تجاهل صارخ لجميع القوانين والاتفاقيات الإقليمية والوطنية والدولية".

تأسس بعد النكبة
يحمل ملعب اليرموك تاريخاً مميزاً في الحركة الرياضية الفلسطينية، حيث أصبح رمزاً رياضياً بارزاً بعد النكبة وقيام إسرائيل عام 1948.

وتعود فكرة إنشاء الملعب إلى الرياضي عبد الكريم أبو دف، الذي كان يشغل منصب مفتش التربية الرياضية في الأربعينيات، هو صاحب فكرة البناء، وساعده في هذا المشروع رفاقه عبد الكريم عبد المعطي، سليمان الشرفا، صبحي فرح، راشد الحلو، ومحمد سكيك. وبفضل جهودهم، أصبح ملعب اليرموك من أبرز المشاريع الرياضية في فلسطين بفضل حلته الخضراء.

وتم افتتاح الملعب رسمياً بمباراة كرة قدم جمعت بين نادي غزة الرياضي ونادي شباب خان يونس، حيث انتهى اللقاء التاريخي بفوز نادي غزة بهدف وحيد.

كما كان ملعب اليرموك مسرحًا للعديد من المناسبات الاجتماعية وتكريم البعثات الرياضية والمدرسية في الخمسينيات والستينيات. كما استضاف الملعب خلال تلك الفترة فرقًا من الأندية المصرية، واستمر هذا النشاط حتى اندلاع حرب حزيران/ يونيو 1967.

بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 أصبح ملعب اليرموك مقرًا لرابطة الأندية الرياضية، التي كانت أول مؤسسة رياضية تتولى تنظيم الأنشطة الرياضية بعد النكسة.

واستمر اليرموك في التفوق والتميز كمركز رياضي بارز، مستضيفًا البطولات والمسابقات والمهرجانات الرياضية للمدارس والأندية على مختلف مراحلها.