تقارير

جحر الديك خاصرة غزة وبوابة الحروب الإسرائيلية.. الموقع والتاريخ والهوية

عاد الاحتلال خلال هذه الحرب، ودمر كل شيء، ولم يبق أي مظهر من مظاهر الحياة في القرية وفي غالبية أراضي قطاع غزة.
تعد خاصرة رخوة وضعيفة لقطاع غزة، وهي منطقة صغيرة ومحدودة لا يحسب حسابها في الميزان العسكري لكنها تكون المدخل لجميع الحروب التي شهدها قطاع غزة.

قرية وادي غزة، التي لا يعرفها الفلسطينيون إلا باسم جحر الديك، ورغم أنها مكب النفايات الوحيد في قطاع غزة، لكنها في الوقت نفسه جزء من سلة الخضروات المهمة في القطاع، كونها من المناطق الأكثر خصوبة للزراعة.

تتميز قرية جحر الديك بطبيعتها السهلية، وتتخللها بعض المرتفعات مثل تل الغلاييني، وتل جحر الديك، وتنحدر أراضيها من الشمال الشرقي نحو الجنوب حيث مجرى وادي غزة.

أرض خصبة للزراعة

تقع في جنوب محافظة غزة في منتصف المسافة بين مدينة غزة والمعسكرات الوسطى، وتبعد عن مدينة غزة مسافة 8 كم، يحدها شرقا الخط الأخضر، وغربا شارع صلاح الدين، أما شمالا فيحدها طريق كارني نيتساريم، ويحدها من الجنوب وادي غزة.

ويعود سبب تسمية قرية جحر الديك بهذا الاسم، بحسب روايات متناقلة، لواقعة دخول ديك أحد التجار المارين بالمنطقة في جحر، ولم يتمكن أحد من إنقاذه واستعادته رغم المحاولات الكثيرة.



ويبلغ عدد سكانها نحو 5 آلاف نسمة، يعتمدون بالأساس على زراعاتهم من ناحية اقتصادية، وأهم مزروعاتهم الزيتون والحمضيات والخضروات، رغم أن الخدمات المتوفرة في المنطقة قليلة.

ويعاني أهالي جحر الديك من حياة بائسة بسبب حالة التهميش وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر بشكل سلبي على السكان الذين يعيشون في الخيام والكرفانات والبيوت المصنوعة من الزينكو.

وتعتمد القرية على مياه الآبار الارتوازية للشرب وري المزروعات، وتعتبر معظم المياه مالحة في القرية بسبب حفر الجانب الإسرائيلي لأبار المياه على طول خط الهدنة من جهة الشرق.

وهي توفر جزءا كبير من المنتجات الزراعية لسكان القرية بشكل خاص وسكان قطاع غزة بشكلٍ عام. والواقع الموجود والمرير أنه كلما يزرع الفلاح مزروعاته يأتي الجيش الصهيوني ليدمرها.

موقع جيواستراتيجي

لموقع قرية جحر الديك أهمية جيواستراتيجية وذلك لأسباب عدة:

ـ محاذاتها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 (خط الهدنة) وما يعرضها لانتهاكات يومية من قبل جيش الاحتلال خصوصا أوقات العدوان على قطاع غزة.

ـ تقابلها من الناحية الشرقية تماما وعلى مسافة 6 كم فقط مستوطنة "بئيري" وهي من مستوطنات "غلاف غزة".

ـ قربها من مستوطنات غلاف غزة الأخرى: مستوطنة " ناحول عوز" من شمالها الشرقي على مسافة 5.8 كم عنها، مستوطنة "كفار غزة" على مسافة 9.2 كم أيضا من شمالها الشرقي، مستوطنة "عالوميم" مسافة 7.1 كم، ومستوطنة "رعيم" على مسافة 7.7 كم جنوبها الشرقي، بالإضافة لمستوطنة "كيسوفيم" على مسافة 9.4 كم جنوبا.

ـ كون معبر المنطار الحدودي مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 يقع على أراضيها الذي تتحكم بحركة فتحه وإغلاقه سلطات الاحتلال .

وتتعرض القرية بمزارعها وسكانها ومنازلها وممتلكاتها بشكل يومي للدمار والتجريف من قبل الاحتلال الصهيوني، حتى بات الأمر معتادا عليه من قبل الغزيين بشكل عام.

القرية تتعرض بشكل مستمر للعدوان الصهيوني حتى في غير أوقات الحروب حيث تعاني من تجريف الأراضي الزراعية بشكل مستمر.

 بوابة الاجتياحات الإسرائيلية

وقد احتلت جحر الديك مع قطاع غزة خلال عدوان الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967 وتحررت مع انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة في عام 2005.

وتفصل هذه القرية بين شمال القطاع ووسطه وهو ما يجعلها بوابة الاجتياحات الإسرائيلية، ومن أوائل المناطق التي تدمر.

وهو ما حدث بداية الحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وقد اختار جيش الاحتلال، من منظور عسكري، جحر الديك منطلقا لعملياته البرية باتجاه مدينة غزة، نظرا لقربها من السياج الفاصل من جهة، وباعتبارها منطقة رخوة بالنسبة للمقاومة من جهة أخرى، بالنظر إلى أن الحركة فيها مكشوفة لطبيعتها السهلية وخلوها من المنازل والمباني.

وأصبحت المنطقة موضع اهتمام الكثيرين بعد فيديو بثته كتائب القسام لمقاتلين حفاة الأقدام وبسلاح فردي خفيف يصعدون تلة ترابية يجهزون على جنود الاحتلال في خيامهم بمنطقة جحر الديك في قطاع غزة.

ونشرت كتائب القسام العديد من الفيديوهات لعمليات شنها مقاتلوها داخل جحر الديك، وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات من جنود الاحتلال. وقد ساعد موقع القرية بين وسط وشمال القطاع على تنقل عناصر من كتائب القسام من غزة والمحافظة الوسطى إليها لمساعدة المقاتلين في القرية.

ويقول صحافيون إن بقاء السكان رغم إجراءات الاحتلال هو "قصة صمود أسطورية"، وفي كل حرب تتعرض أراضيهم ومنازلهم للتدمير، لكنهم يعودون إلى تعميرها مجددا.

حتى إن بعضها دمر أكثر من 5 مرات في الحروب التي شهدها قطاع غزة في العشرين سنة الأخيرة.



وقد شهدت جحر الديك فترة ازدهار عقب حرب 2014 حيث أعاد السكان تعميرها بالإضافة إلى بناء حي سكني بتمويل من تركيا، لكن عاد الاحتلال خلال هذه الحرب، ودمر كل شيء، ولم يبق أي مظهر من مظاهر الحياة في القرية وفي غالبية أراضي قطاع غزة.

المصادر:

ـ عمر زقزوق، "جحر الديك..درس جديد من القسام لجيش الاحتلال الإسرائيلي"، الجزيرة نت، 17/12/2023.

ـ "جحر الديك..بوابة الاجتياحات الإسرائيلية ومسرح للمقاومة"، موقع إذاعة حسنى، 3/12/2023.

ـ توجه للاحتلال ضربات مميتة.. ما سر صمود المقاومة في جحر الديك؟، الجزيرة نت، 27/12/2023.

ـ فيدال شبير، رشا السهلي، جحر الديك، محافظة غزة (قرية حالية )، موسوعة القرى الفلسطينية.

ـ كمائن المقاومة فيها ترعب الاحتلال..ما الذي نعرفه عن منطقة جحر الديك؟ موقع التلفزيون العربي، 26/12/2023.