رغم أن الضربة
الأخيرة في السويداء السورية التي تشير أصابع الاتهام فيها إلى الأردن، قد أودت
بحياة 10 أشخاص على الأقل، بينهم طفلتين و5 نساء، أمس الخميس، إلا أن أبعاد كثافة
الغارات الأردنية تُقرأ بأنها تخشى من خطر وشيك مقبل عليها.
وأغضبت الغارات المشتبه
بها أن تكون من قبل الجيش الأردني، سكان السويداء بعد أن استهدفت منزلين في بلدة
عرمان بمحافظة السويداء جنوب سوريا، وأسفرت عن سقوط قتلى.
أحد المنزلين مشتبه
لكن القصف مدان
وقد رجح مدير مركز إعلام الانتفاضة، مرهف الشاعر، وهو من أبناء السويداء أن الضربات الأخيرة أردنية بفعل هجوماتها المتكررة بعمق
الأراضي السورية، وحربها المعلنة ضد تجار المخدرات وخطوط التهريب، حسب قوله.
حول ما إذا كان
الضحايا مرتبطين بجماعات تتاجر بالمخدرات، قال الشاعر؛ إن "الضحايا في
غالبيتهم مدنيون من أطفال ونساء، فيما تطال بعض الاتهامات بالاتجار بالمخدرات لأحد
أصحاب المنازل المدمرة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "حدة العنفية
وتدمير حارة فوق رؤوس ساكنيها أمر غير مبرر من قبل المملكة الأردنية".
وبيّن في حديثه لـ "عربي21"،
أن "الأهالي استنكروا العمل وطالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، وبالأخص
حماية الأقلية الدرزية بالجنوب السوري".
وهذه هي الضربة
الرابعة التي تطال السويداء وريفها، دون أي تعليق رسمي أردني، الذي عادة ما ينشر بيانات
صحفية حول التوترات مع مهربي المخدرات.
في المقابل، تظهر
الحدية التي يتعامل بها الأردن في الفترة الأخيرة مع تجار المخدرات التي تطورت من
الحماية والإبعاد إلى تنفيذ عمليات جوية في العمق السوري، أنها تمنع مخططا يهدد
استقرار المملكة، حيث تصاعدت الأصوات التي تحذر من أن إيران تقف وراء هذه المجموعات
في الجنوب السوري.
عليه، يرى الشاعر
الذي يعد ناشطا في مجال التظاهرات الشعبية التي خرجت في الأشهر الماضية
بالمحافظة الجنوبية، أن "الصراع الإقليمي يرخي بظلاله على منطقة الجنوب
السوري التي تشهد صراعا للسيطرة"، موضحا أن إيران تهدف من دعم خط المخدرات
القادم من حزب الله إلى زعزعة أمن الخليج والأردن، وتشتيت النتباه عن انتفاضة
السويداء، ومحاولة إيجاد شقاق مع المملكة الأردنية، بالأخص عندما يتم المطالبة بفتح
معبر باتجاه الأردن من قبل أهل السويداء".
وفسح المجال أمام
إيران في الشريط الحدودي مع الأردن والجولان المحتلة، بعد أن كانت روسيا صاحبة
النفوذ فيها، ويبدو أن إدارة تلك المنطقة قد تعرضت لمقايضة بين البلدين.
تعليقا على ذلك، يعزو
الشاعر سبب ذلك إلى أن الجانب الروسي فشل بتعهداته بحماية الجنوب السوري، واختلفت
لديه الأولويات والمصالح بالأخص بعد دخولها بحرب اوكرانيا.
وتابع لـ
"عربي21": "بالمحصلة، أغلب القوى الدولية تعمل على تجميد الحل
السياسي في سوريا واستمرار صراعها لاقتسام النفوذ وإيران، أحد هذه القوى الفاعلة
والمؤثرة بالجنوب وتقاتل بشتى الوسائل لعدم خسارة تأثيرها بالمنطقة".
في أيلول/سبتمبر 2022،
حذر الوزير السابق والسفير الأردني الأسبق لدى إيران بسام العموش، خلال ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية من سياسة إيران
التوسعية في المنطقة العربية ومن ضمنها الأردن، مبينا أن طهران تسعى إلى العبث
بأمنه واستقراراه، داعيا أصحاب القرار إلى الحذر.
وأشار إلى نقطتين
قد تستغلها إيران في الأردن، أولها السياحة الدينية بحجة وجود قبور لبعض الصحابة
منهم جعفر بن أبي طالب، وكذلك عن طريق الاستثمار المائي، كما أنها تمكنت من اختراق
بعض الأجهزة في الأردن بملايين الدولارات، حسب قوله.
الضفة غاية إيران
من جانبه، ذكر الباحث
في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، أن "الأردن تنظر إلى تحركات حرس الثوري
الإيراني وحزب الله اللبناني، بالكثير من القلق والاستياء، وخاصة أن المجموعات
التابعة للحرس والحزب يستخدمون تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية في
موضوع تجنيد خلايا تابعة لهم، والعمل على الرصد والتجسس حتى على الحكومة الأردنية،
وليس فقط "إسرائيل" على حدود جنوب سوريا".
وأضاف لـ
"عربي21"؛ أن "تطور موضوع تهريب المخدرات بما فيه من محاذير أمنية
واجتماعية إلى موضوع السلاح والمتفجرات، وهذه الأسلحة قد تستهدف الأردن والخليج بخلايا
تتبع لإيران، لكن أيضا هو مسعى إيراني للدخول إلى الضفة الغربية من الأردن".
ولفت علوان إلى أن
طهران "تريد أن يكون لها في الأردن خلايا مجندة محلية تعمل على مهام أمنية،
لتستثمرها إيران سواء في الضغط أو التفاوض مع دول المنطقة، أو حتى بهدف زعزعة الأمن
والاستقرار".
حول مسألة الوصول
للضفة، أوضح الباحث السوري أن "إيران تهدف أن يكون لها مجموعات عمل عسكرية تابعة
لها في الضفة الغربية، لخلق قلق في المنطقة وتفاوض عليه إيران من أجل ضبطه وذلك مقابل
الحصول على مكتسبات، سواء من الولايات المتحدة أو الغرب أو الدول العربية"،
وفق رأيه.
تجنيد المئات
ولوحظ في الفترة الأخيرة، قيام مجموعات كبيرة بشن
حملات التهريب على حدود المملكة، وهو ما يضع استغلال السكان المحليين في خانة الشك.
حول ذلك، أوضح مدير المركز السوري لمكافحة
المخدرات، حسن جنيد أن "أعداد المهربين في ازدياد، إذ يتم تجنيد المئات من
الرجال والنساء من قبل التجار والمروجين".
وأردف لـ "عربي21" في وقت سابق:
"وبرز هذا جليّا بعد مقتل مرعي الرمثان، الذي يعتبر بابلو اسكوبار سوريا، في
غارة جوية خاصة شنّها سلاح الجو الأردني على منزله في مايو 2023".
ومضى يقول؛ إن "مرعي الرمثان كغيره من التجار
قام بتجنيد المئات من عمال النقل الذين بمجملهم من أبناء المنطقة الحدودية؛ بغية
تسهيل عملية التخزين والنقل والتهريب التي تتم غالبا عبر الحدود الأردنية".
كما يعود سبب ازدياد أعداد المهربين إلى
"استغلال النظام السوري والمليشيات الإيرانية انهيار الاقتصاد في سوريا، عن
طريق إغراء أبناء المناطق الحدودية بشكل خاص فئة الشباب من 18 إلى 35، فدخل
المواطن السوري حسب تقارير دولية لا يتجاوز 30 دولارا شهريا".
في شأن ذي صلة، زادت إيران من حجم محاصرتها للأردن عبر
الأطراف السياسية المنبقة من الفصائل العراقية التابعة لـ"الحرس الثوري"، التي تسعى إلى وقف تزويد الأردن بأي نفط عراقي بأسعار مخفضة بموجب اتفاقات رسميّة
بين الجانبين، من أجل زيادة الضغط على المملكة.
توجه سعودي لافتتاح سفارة في دمشق قريبا.. ما دلالة ذلك؟
ما حقيقة اعتزام واشنطن زيادة عدد قواتها في سوريا والعراق؟