أعلن وزير الإعلام والثقافة السابق في الحكومة الأردنية، سميح المعايطة، عن فشل المبادرة العربية للحل في
سوريا مرجعاً ذلك إلى "تعنت
النظام السوري وعدم التزامه بشروطها".
وأضاف المعايطة في حوار لموقع "
السويداء24" أن مبادرة "خطوة بخطوة" التي قادها الأردن "وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم استجابة النظام السوري لمتطلباتها وتعامله الإيجابي الشكلي معها، والآن بعد العدوان على غزة لم يعد هناك اهتمام بهذه المبادرة أو محاولة إنقاذها".
وحظيت تصريحات المعايطة باهتمام واضح، خاصة أنها تأتي بعد زيادة التوترات على الحدود السورية-الأردنية، والاشتباكات غير المسبوقة التي خاضها حرس الحدود الأردني مع مجموعات تهريب
المخدرات والسلاح، واتهامات أردنية "غير رسمية" للنظام السوري وإيران بابتزاز الأردن، من خلال عمليات التسلل عبر الحدود لإغراق الأردن بالمخدرات والسلاح.
وقاد الأردن منذ العام 2021 مبادرة "خطوة بخطوة"، وهي المقاربة التي تستهدف تغييراً تدريجياً في سلوك النظام، مقابل حوافز يتم منحها للنظام السوري، ونجم عنها بعد اعتمادها عربياً، إعادة النظام السوري لجامعة الدول العربية في أيار/ مايو الماضي.
ومقابل تخفيف العقوبات المفروضة على النظام، تطالب المبادرة النظام السوري بـ"المشاركة الإيجابية" بتنفيذ القرار 2254 وعمل اللجنة الدستورية السورية والإفراج عن سجناء ومعتقلين وتحديد مصير مفقودين وإجراء انتخابات "تحت إشراف الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تشكيل الحكومة الشاملة"، وفق تسريبات إعلامية لمسودة المبادرة.
وكذلك تنص المبادرة على التعاون في مجال إعادة اللاجئين، ومعالجة كل التهديدات لأمن المنطقة التي ولدت من الأزمة السورية ومن الظروف التي أوجدتها الأزمة، في إشارة إلى المخدرات والإرهاب.
وتأتي تصريحات المعايطة عن فشل المبادرة، لتثير تساؤلات حول ما إذا كانت تأتي في إطار الرسائل غير المباشرة والردود الأردنية على تصاعد عمليات تهريب المخدرات والأسلحة.
المبادرة ما زالت سارية
وتعليقاً، يقول المحلل السياسي صلاح ملكاوي، المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، إن تصريحات معالي سميح المعايطة لا تُمثل رأي الحكومة الأردنية رغم أنه يعد من المقربين من دائرة صنع القرار، وبالتالي فهو يستمزج الآراء.
ويضيف لـ"عربي21"، أن حديث المعايطة لا يمكن اعتباره رسمياً، لأن معاليه يعد وزيراً سابقاً، ولو رغبت الدولة الأردنية بإعلان موقفها من المبادرة لأعلنت ذلك بشكل مباشر.
وبذلك يؤكد ملكاوي أن مبادرة "خطوة بخطوة" ما زالت سارية، ما لم تعلن الحكومة عن توقفها بشكل رسمي.
المبادرة ميتة
من جانبه، يقول الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور أحمد قربي لـ"عربي21" إن كل المعطيات تؤكد فشل مبادرة "خطوة بخطوة"، لأن النظام لا يستطيع تقديم أي تنازلات في الملفات الأساسية المطلوبة منه، أي المخدرات واللاجئين.
ويرجع ذلك إلى تحول اقتصاد النظام السوري إلى اقتصاد يشبه اقتصاد "العصابات" في ظل توقف الإنتاج والتجارة، أي التهريب وتجارة البشر والمخدرات والحواجز، موضحاً أن "النظام لا يستطيع حتى لو أراد أن يتنازل عن ورقة المخدرات. أما بشأن اللاجئين فالنظام يطالب بالأموال لإعادتهم، وبالتالي فالمبادرة ولدت ميتة".
وعن دلالة تصريحات المعايطة، يصف قربي التصعيد الأردني ضد النظام بـ"التراكمي"، ويقول: "عوّل الأردن كثيراً على النظام، وكان الأردن حريصاً على عدم التصعيد مع النظام، وفي المقابل فإنه لم يقدم النظام أي تنازلات"، ويستدرك: "لكن محاولة تهريب الأسلحة الأخيرة التي تحتوي على صواريخ، هي نقطة فارقة وقد تدفع إلى تغيير الموقف الأردني من النظام السوري".
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، أنه مع تزايد وتيرة تهريب المخدرات والأسلحة من الحدود السورية باتجاه الأردن، وتراجع مستويات الاقتصاد الأردني، فقد باتت حماية الحدود الأردنية مع سوريا تشكل واحداً من الأعباء الإضافية على عمان.
وفي حديثه لـ"عربي21" يتابع بأن "المبادرة الأردنية والمصافحة بين الملك عبدالله الثاني ورئيس النظام السوري بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة، لم تحد من استمرار تهريب المخدرات عبر الأردن ثم إلى دول الخليج، ما يعني أن حديث الوزير الأردني السابق، هو رسالة غير مباشرة إلى النظام".
ويتساءل خليفة: "هل يصمد الأردن بمفرده بمواجهة تدفق المخدرات عبر حدوده، وهو يقع ضمن مثلث ملتهب في ظل اشتعال المنطقة والحرب على غزة؟"، ويرى أن "هذا يتطلب الجهد والدعم الإضافي من دول الخليج والمساعدة من القوات الأمريكية".
وحول تجاوب النظام، يقول المحلل السياسي إن "التصريحات الإعلامية لن تردع النظام و"حزب الله" اللبناني و"الحرس الثوري" الإيراني، إذا بقي الصمت قائماً من قبل الدول التي صاغت اتفاقية إعادة قوات النظام إلى الجنوب السوري المجاور للأردن".