تحل على العالم اليوم الأحد الذكرى الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فيما يواصل الاحتلال انتهاكه الصارخ للقوانين الدولية والإنسانية، عبر ارتكاب أشد المجازر دموية بحق الشعب
الفلسطيني في قطاع
غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 1948، اعتمدت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في خطوة للتخلص من مآسي الحرب العالمية الثانية التي أسفرت عن سقوط ملايين القتلى، وعن إحدى أفظع المجازر في التاريخ البشري، التي شهدت استخدام القنبلة الذرية من قبل الولايات المتحدة ضد اليابان في هيروشيما وناغازاكي.
وبعد 75 عاما على الإعلان العالمي، تنتهك دولة الاحتلال كافة القوانين الدولية والأعراف الإنسانية أمام أنظار العالم أجمع، في مجزرة مروعة متواصلة بحق الفلسطينيين، تحظى بدعم كامل من الولايات المتحدة، التي تمد "إسرائيل" بالسلاح والعتاد، وتنافح عنها في المجالس الدولية، فيما تتواصل المأساة الفلسطينية لليوم الـ65 على التوالي.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 17 ألف شهيد جلهم من النساء والأطفال، فضلا عن 7600 مفقود، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 48 ألف مصاب بجروح مختلفة، بحسب مصادر فلسطينية.
في السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال فعالية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة هي المكان الذي ينتهك فيه اليوم بشكل صارخ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وأوضح أردوغان أن "حوادث الهمجية المتزايدة وصرخات الأبرياء المتصاعدة (في غزة) مؤشران على اقترابنا من نقطة تحول"، مشددا على أن دولة الاحتلال "التي تحظى بدعم غير محدود من الدول الغربية، ترتكب فظائع وحشية ومجازر في غزة من شأنها أن تجعل البشرية جمعاء تشعر بالخجل".
وأعرب الرئيس التركي عن أسفه جراء إخفاق مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة؛ بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" للمرة الثانية منذ بدء العدوان على غزة،
والجمعة، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة للتصويت على مشروع قرار يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية، قدمته الإمارات العربية المتحدة، وشاركت فيه أكثر 80 دولة بينها تركيا.
ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع القرار، الذي حصل على تأييد 13 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو".
جرائم بحق الإنسانية
وجه المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، نداء للعالم في ذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من أجل وقف العدوان الإسرائيلي البربري بحق أهالي قطاع غزة.
وطالب القدرة في مؤتمر صحفي بوقف العدوان والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيين انتصارا للإنسانية، داعيا المؤسسات الصحية حول العالم لإقامة فعاليات (أسبوع التضامن مع القطاع الصحي) للتنديد بجرائم
الاحتلال الإسرائيلي وحربه المستمرة ضد المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الصحية.
وأضاف: "لطالما كان الهجوم على المشافي وتدميرها خطا أحمر وجريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، لكن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز هذا الخط مرات متتالية، وما زالت حربه ضد المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية مستمرة أمام سمع العالم وبصره، دون أن يحرك ساكنا للانتصار للإنسانية".
ويتعمد الاحتلال استهداف المستشفيات والمرافق الصحية، في إطار حربه الوحشية المتواصلة على قطاع غزة؛ بهدف تهجير الفلسطينيين قسريا عن أراضيهم.
وتسبب قصف الاحتلال العنيف في خروج معظم مستشفيات قطاع غزة عن الخدمة بشكل كامل، فيما تعمل باقي المرافق الصحية بما يفوق قدرتها الاستيعابية بأضعاف، وسط النقص الحاد في المستلزمات الطبية وتواصل توافد الجرحى والمصابين.
ويحظر القانون الدولي استهداف المستشفيات والمرافق الصحية ومزودي الخدمات الطبية من مسعفين وأطباء، كما يمنع الهجمات العشوائية، إلى جانب حظر العقوبات الجماعية.
وفي هذا الصدد، انتهكت دولة الاحتلال القانون الدولي مرات عديدة أمام أنظار العالم أجمع، حيث حاصرت العديد من المستشفيات والمرافق الطبية منذ بدء عدوانه على غزة، واقتحمت العديد منها بعد قصف عنيف متعمد، مرتكبة أبشع المجازر بحق المرضى والطواقم الطبية والنازحين الذين اختاروا اللجوء إلى المرافق الطبية من آلة الموت الإسرائيلية.
ولم يقتصر عدوان الاحتلال على انتهاك حرمة المستشفيات، حيث ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتسعى إلى تهجير المدنيين قسريا، فضلا عن الاستهداف العشوائي للمدنيين، وقصف مراكز الإيواء وفرق الدفاع المدني، واستخدام القنابل المحرمة دوليا.
"يوم العار لا يوم حقوق الإنسان".
الناشط الحقوقي المصري هيثم أبو خليل، ندد بالصمت العالمي إزاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال أبو خليل في حديثه لـ "عربي21"، إن اليوم العالمي لحقوق الإنسان هو يوم إعلان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتوقيع غالبية دول العالم عليه لوقف أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية كما كُتب في ديباجته، بينما أصبحت حقوق الإنسان اليوم مادة للتندر بعدما صمت العالم عن ما يحدث في غزة.
وأشار إلى "استخدام الولايات المتحدة واحة الديمقراطية المزعومة حق النقض لكي تستمر الإبادة الجماعية في قطاع غزة"، في إشارة إلى مشروع قرار وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية الذي أحبطته واشنطن في مجلس الأمن، ما أثار انتقادات واسعة على المستويين العالمي والعربي.
ودعا أبو خليل إلى إلغاء اليوم العالمي، قائلا: "يجب إلغاء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتسمية اليوم ذاته باليوم العالمي لعار المجتمع الدولي"، وأضاف: "لقد جعلونا نخجل أن نقول إننا نشطاء لحقوق الإنسان".
"فشل للمجتمع الدولي"
من جهتها، قالت منظمة "نضال لأجل الإنسان" اللبنانية (غير رسمية)، إن يوم "حقوق الإنسان" يحل هذا العام حزينا قاسيا بسبب استمرار دولة الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الدموية ضد الشعب الفلسطيني، غير عابئة بردود عالمية لا تزال أصلا خجولة.
وأضافت في بيان اطلعت عليه "عربي21"، أن الفلتان الوحشي ما هو إلا دليل قاطع على فشل المجتمع الدولي في فرض احترام القوانين التي سطرها على مدى العقود الماضية، وإجهاض وقف إطلاق النار، فالجرائم المتمادية في غزة تشكل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يخوّن توقيعه بمجرد غضّ النظر عن أكبر انتهاك لقوانين على يد مجرمي الحرب في إسرائيل.
وشددت على أن رفع الصوت رفضا للإجرام الإسرائيلي، ودعما مطلقا لحق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وتقرير المصير على أرضه هو "واجب أخلاقي".
بدورها، قالت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إن العالم "يخلد ذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة على وقع جرائم وفظائع غير مسبوقة يرتكبها قادة الكيان الصهيوني، متنصلين من كافة التزامات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقيم الإنسانية والرحمة".
وأشارت إلى أن "القتل الممنهج للأطفال والنساء والأبرياء من المدنيين (في غزة) أفقد كل أحرار العالم والمدافعين عن حقوق الإنسان الثقة في ضمان القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي لحقوق الإنسان ومن فعاليته ونجاعته في ردع مجرمي الحرب من سفاكي الدماء وقاتلي الأطفال بالآلاف، متحدّين كل قانون وكل اتفاق.
وأدانت الرابطة المغربية دولة الاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمها من أنظمة غربية بقيادة الولايات المتحدة، مطالبة بـ"إحالة جرائم قادة الكيان الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة خاصة بجرائمه".