أثار تضارب تصريحات المسؤولين
المصريين بشأن إقامة مستشفيات ميدانية في شمال سيناء من عدمه لاستقبال مصابي
العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة تساؤلات حول حقيقة إقامة هذا النوع المؤقت من المستشفيات ومدى الحاجة إليها والقدرة على التعامل مع الإصابات الخطيرة والهدف الحقيقي من إنشائها وهل للأمر علاقة باستقبال الغزيين "إنسانيا" في تلك المنطقة.
بعد أيام من تصريحات محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، بإنشاء
مستشفى ميداني في مدينة الشيخ زويد، ومستشفى آخر في مدينة بئر العبد، بهدف زيادة عدد الأسرة في المحافظة، استعدادًا لاستقبال
الجرحى الفلسطينيين، نفى وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، الحاجة إلى تلك المستشفيات للتعامل مع الجرحى الفلسطينيين.
وكان شوشة، قد صرح بأن مستشفيات المحافظة طاقتها 300 سرير بالإضافة إلى أسرة الحالات الحرجة والعناية المركزة، حيث يتم رفع طاقة المحافظة إلى 400 سرير، كل مستشفى ميداني منهما بطاقة 50 سريرًا.
يقع المستشفى الميداني، من جانبه، بحسب صالح أبو هولي رئيس مركز ومدينة الشيخ زويد، خلف مستشفى الشيخ زويد على مساحة نحو ألفي متر مربع و يحتوي على 12 كرفانا وأربع خيم كبيرة بطول 15 م، وسعة الواحدة منها 20 سريرا.
ميداني أم إنساني
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت وزارة الإنتاج الحربي أنها شاركت بمستشفى ميداني من إنتاج مصنع 200 لدعم المصابين بالأحداث الأخيرة من الشعب الفلسطيني الشقيق، وأشار وزير الدولة للإنتاج الحربي، محمد صلاح، إلى أن هذا المستشفى الميداني تم تجهيزه بمصنع إنتاج وإصلاح المدرعات (مصنع 200 الحربي) التابع للوزارة.
وأوضح الوزير أن المستشفى الميداني يتكون من 2 خيمة استراحة وممرات، و 3 غرف استقبال، وغرفة عناية مركزة، وغرفة عمليات، ومعمل تحاليل، وغرفة أشعة، و 4 غرف مرضى، وتضم كل غرفة 5 أسرّة، بالإضافة إلى دورات المياه ومحطة معالجة المياه وخزان مياه الشرب.
وأرفقت مواقع صحفية محلية تصريحات محافظ شمال سيناء بصور لمراحل إنشاء المستشفيات الميدانية في شمال سيناء بالقرب من الحدود مع قطاع غزة لاستقبال المصابين والتي تضمنت خياما وأسرة وبوابات وغيرها من أدوات البناء.
في المقابل، قال وزير الصحة خالد عبد الغفار، خلال مؤتمر صحفي في مدينة العريش، إنه لا يوجد احتياج لإقامة مستشفى ميداني خاصة أن المسافة بين معبر رفح ومستشفى الشيخ زويد 10-12 كم، موضحا أن إنشاء مستشفيات ميدانية لا قيمة له في هذا الوضع.
ولكن الوزير ألمح إلى أنه يمكن للجانب الفلسطيني أن يحتاج مستشفيات ميدانية عقب تهدئة الأوضاع بسبب تدمير المستشفيات القائمة بالفعل.
بشأن طبيعة الإصابات، أوضح الوزير أن معظمها خطيرة، وما لا يقل عن 60% من هذه الإصابات كانت لأطفال ونساء، بعضهم فقد أطرافه، بالإضافة إلى إصابات بشظايا في المخ، والعيون، والرئة، مشيرا إلى أن مصر تستقبل يوميا ما بين 40 إلى 50 حالة إصابة، مؤكدا قدرة مصر على استيعاب أضعاف الحالات التي تصل كل يوم.
حقيقة المستشفى الميداني
وصف وكيل وزارة الصحة المصرية، الدكتور مصطفى جاويش سابقا، "تعامل السلطات المصرية مع العدوان الإسرائيلي على القطاع يشوبه الكثير من الشك والريبة سواء فيما يتعلق بتصريحات أو تصرفات المسؤولين المصريين على أعلى مستوى، ولا أحد يدري على وجه التحديد ما يجري في الكواليس خاصة على الحدود المصرية الفلسطينية".
أما فيما يتعلق بالجانب الصحي، أوضح في حديثه لـ"عربي21": "بالنسبة للمصابين من واقع التصريحات الرسمية تحدثوا عن إقامة مستشفيات ميدانية لاستقبال الجرحى لكن وزير الصحة نفى استقبالهم في تلك المستشفيات وأوضح أنه يتم استقبال المصابين في عدد 7 محافظات قريبة بما فيها شمال سيناء، بالتالي ما الغرض من إقامة تلك المستشفيات الميدانية، وهل لها دور آخر، يبدو أن غياب التنسيق بين السادة الوزراء والمسؤولين أدى إلى هذا التضارب".
ورأى جاويش أن "مصر أمامها خيارين للتعامل مع أزمة مصابي قطاع غزة الذين يقدرون بعشرات الآلاف، الأول، إدخال سيارات إسعاف إلى قطاع غزة لنقل المصابين من هناك إلى المستشفيات المصرية بشكل مباشر، الثاني، إقامة مستشفى ميداني داخل قطاع غزة لمعالجة مصابي العدوان ونقابة الأطباء أعلنت استعداد مئات الأطباء للذهاب إلى هناك والمشاركة في علاج مصابي الحرب، وهو الحل الأكثر واقعية وسوف يظل الحل الكامل والشامل هو الوقف الكامل والشامل للحرب".
أبعاد إنسانية أم سياسية
أعرب الناشط السياسي السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، عن اعتقاده بأن "كل المؤشرات على الأرض أن هناك أمر ما يحاك في الخفاء، السيسي عندما قابل ترامب في واشنطن في أول لقاء قال إنه يدعم خطة صفقة القرن التي تقوم على منح امتداد لفلسطينيي غزة في شمال سيناء، وهذه الخطة صهيونية ودعمتها إسرائيل بقوة وفي ظل الوضع الراهن في قطاع غزة فإن المنفس الوحيد لسكان القطاع هو شمال سيناء، ما يؤكد أن البعد سياسي وليس إنساني".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "عندما أرى أن إقامة مستشفيات ميدانية لن يتم استخدامها لعلاج مصابي الحرب في ظل وجود المستشفيات الحكومية القريبة، وإقامة محطات تحلية مياه بقدرات عالية في شمال سيناء تفوق احتياجات السكان المحليين وتخدم أضعاف عدد سكان رفح والشيخ زويد على الرغم من الكثير من السكان هجروا قبل سكان بزعم الحرب على الإرهاب إلى خارج مدنهم".
الحقيقة الأخرى، بحسب الناشط السيناوي، أن الشروع في إقامة مشروعات وبنية تحتية كبيرة، مثل توسعة ميناء العريش البحري 16 ضعف مساحتة وقدراته الحالية، في ظل أن شمال سيناء منذ عام 2013 والأمور فيها للانكماش وليس للتطوير بالتالي لا منطق فيما يجري، هناك تضارب ما بين القيود المفروضة على الأفراد والسلع والوقود وبين إنشاء ميناء بحري ضخم لزيادة التجارة، وتهجير السكان المصريين فهل هذه لأهل سيناء وحدهم لا أعتقد ذلك.
وأوضح الأخرسي "إلى جانب ذلك تقوم السلطة بتوسيع مطار العريش إلى مطار دولي، ويطرح هذا سؤالا ما الغرض من هذا المطار الكبير في حين أن تعداد كل سكان شمال سيناء لا يتجاوز 450 ألف، ناهيك عن تهجير عشرات الآلاف من السكان الأصلين وهذا يقودنا للحقبة التالية أن أهالي رفح لم يعودا إلى أرضهم حتى الآن، المؤشرات على الأرض أن هناك خطة يتم التجهيز لها وهذا كله يعتمد على صمود المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني".