حقوق وحريات

كيف يبدو الوضع الإنساني في غزة بفعل استمرار العدوان؟

يعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في كل شيء- الأناضول
وصف عدد من المنظمات الدولية الوضع الإنساني في غزة، التي يقطنها 2.3 مليون نسمة، بكونه "كارثة إنسانية"، وذلك في ظل استمرار تجاهل المطالب المُلحّة لوقف إطلاق النار، واستمرار منع كل شيء تقريبا من الدخول للقطاع المحاصر من طرف الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء كميات محدودة جدا من المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى تفاقم نقص الأغذية والوقود ومياه الشرب والأدوية.

وفي هذا السياق، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن "ما يناهز 1.5 مليون، أي أكثر من نصف سكان قطاع غزة، فروا من منازلهم، يحتمي قرابة 700 ألف منهم بمبان تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كما يحتمي عشرات الآلاف في مستشفيات وكنائس".

وأوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن "ملاجئ الأونروا في الجنوب تؤوي ما يفوق طاقتها، ولم تعد قادرة على استقبال المزيد، وإن الكثير من النازحين ينامون في العراء في الشوارع قرب الملاجئ" مردفا أن "الأونروا لم تعد قادرة على منح مساعدات للنازحين في شمال القطاع الذي تتركز فيه حاليا العمليات البرية الإسرائيلية التي توسعت منذ 27  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تضررت ما يناهز 42 منشأة تابعة للأونروا، من القصف، سواء عبر استهداف مباشر من الاحتلال الإسرائيلي أو غير مباشر عبر الذي يصيب مباني قريبة. وخلال الساعات القليلة الماضية فقط، تعرّضت ثلاث من مدارس "الأونروا" لعدد من الأضرار، فيما استشهد نازح وأصيب 44 آخرون، بينهم تسعة أطفال، في قصف مدرسة في رفح تؤوي 4,600 نازح.

وبحسب بنود قانون منع الحرب أو القانون الدولي الإنساني فإنه يجب تقييد اللجوء إلى القوة، والحد من المعاناة الناجمة عن الحرب. بغض النظر عن مبرراتها أو أسبابها، أو منع نشوبها، ويحظر قصف كل من المساجد والكنائس، والمدارس، وهي الأماكن التي "لا يجوز مهاجمتها ما لم تُستغل لأغراض عسكرية"؛ غير أن الاحتلال الإسرائيلي، ومن يدعمه، ضربوا عرض الحائط كافة القوانين، وتجبّرو في غزة، بقصف انتقامي وعشوائي، طال كل شيء.

العدوان طال المستشفيات
تقول منظمة الصحة العالمية، إن "أكثر من ثلث مستشفيات غزة، والبالغ عددها خمسة وثلاثين، خرج من الخدمة، وإن المستشفيات التي ما زالت تعمل تبلغ عن وجود نقص حاد في الوقود، وهو ما قلص إمداداتها من الكهرباء بشكل كبير".

من جهته، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن "المولدات في مستشفيين هما الشفاء والإندونيسي توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود، وتعمل حاليا على المولدات الاحتياطية لبضع ساعات في اليوم للخدمات الحرجة فقط"؛ فيما وثقت منظمة الصحة العالمية، وقوع 93 هجوما على الأقل في قطاع غزة منذ بدء الصراع قتلت 16 مسعفا أثناء الخدمة وألحقت أضرارا ودمرت 28 سيارة إسعاف.

وأفادت المنظمة بأن "مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في مدينة غزة، وهو الوحيد الذي يعالج مرضى السرطان، نفد الوقود فيه، ولم يعد يعمل"، حيث اضطرت فرق الإنقاذ من الدفاع المدني الفلسطيني إلى تقليص أسطولها من سيارات الإسعاف بسبب نقص الوقود، مما أدى إلى اللجوء لاستخدام عربات الجر لنقل القتلى والجرحى إلى المستشفيات.

‌مساعدات عالقة..
يعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في كل شيء، خاصة في المياه، حيث توقفت محطتان لتحلية مياه البحر عن العمل، بسبب نقص الوقود، وتعمل أخرى بالحد الأدنى، وهناك بعض الآبار، مما يمكن بعض الأسر من الحصول على المياه لبضع ساعات فقط يوميا، بالإضافة إلى كميات محدودة يتم نقلها بالشاحنات؛ وذلك بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 

وأكد المكتب نفسه، أن المطحنة الوحيدة المتبقية في غزة لم تعد قادرة على طحن الدقيق، كذلك بسبب نقص الكهرباء والوقود، كما تعرض 11 مخبزا للاستهداف خلال الصراع. فيما كشف برنامج الأغذية العالمي بأن مخزونات السلع الغذائية الأساسية في القطاع مثل الأرز والزيوت النباتية على وشك النفاد في فترة تتراوح بين يوم وثلاثة أيام.

إلى ذلك، فإن جُل المساعدات تدخل من "معبر رفح"، وهو المعبر البري الوحيد الذي يفتح، لكن ما يمر منه لا يشكل سوى نقطة صغيرة في بحر ما باتت غزة في حاجة ماسّة إليه. ومنذ الانطلاق في إدخال المساعدات التي توصف بـ"المحدودة جدا"، في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دخلت 450 شاحنة على الأقل للقطاع محملة بالأغذية والمياه ومستلزمات صحية.

تجدر الإشارة إلى أن ‌وزارة الصحة في غزة، أعلنت، الاثنين، ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع إلى 10 آلاف و22 شهيدا، وأكثر من 25 ألف مصاب، فيما أعلنت جمعية الهلال الأحمر إغلاق مستشفى القدس غرب غزة.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، إن حصيلة الشهداء ارتفعت إلى 10022 فلسطينيا، بينهم 4104 أطفال و2641 سيدة، وإصابة أكثر من 25 ألف فلسطيني، متابعا: "تلقينا 2350 بلاغًا عن مفقودين تحت الأنقاض، منهم 1300 طفل، منذ بدء العدوان على غزة".

وأفاد القدرة باستشهاد 192 من الكوادر الصحية، وتدمير 32 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة جراء العدوان الإسرائيلي؛ مذكرا بأن الاحتلال استهدف أكثر من 113 مؤسسة صحية، ما أدى إلى خروج 16 مستشفى و32 مركزا للرعاية الأولية من الخدمة بسبب الاستهداف الإسرائيلي ونفاد الوقود.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع