تحدث الكاتب الإسرائيلي
جدعون ليفي عن الترجيحات المتزايدة حول توغل جيش الاحتلال في قطاع غزة برا.
وذكر ليفي في مقال بصحيفة "هآرتس" ترجمته "عربي21": "إسرائيل ستنطلق، وربما تكون قد انطلقت، عندما سترى هذه السطور النور، إلى عملية برية كارثية في قطاع غزة. هذا الغزو يمكن أن ينتهي بفشل ذريع لم تشاهده إسرائيل أو غزة من قبل. هذا الغزو يمكن أن يحول الصور التي تأتي من غزة في الفترة الأخيرة إلى المقدمة".
وتوقع ليفي أن يتعرض جيش الاحتلال إلى خسائر فادحة بحال دخوله برا، قائلا: "سنقف أمام مذبحة جماعية. جنود كثيرون سيقتلون بدون هدف، سكان غزة سيواجهون نكبة ثانية، علاماتها الأولية أصبحت توجد على الأرض. من هذه الفظائع لن يربح أي أحد".
وتاليا ترجمة المقال:
إسرائيل ستنطلق، وربما تكون قد انطلقت، عندما سترى هذه السطور النور، إلى عملية برية كارثية في قطاع غزة. هذا الغزو يمكن أن ينتهي بفشل ذريع لم تشاهده إسرائيل أو غزة من قبل. هذا الغزو يمكن أن يحول الصور التي تأتي من غزة في الفترة الأخيرة إلى المقدمة. سنقف أمام مذبحة جماعية. جنود كثيرون سيقتلون بدون هدف، سكان غزة سيواجهون نكبة ثانية، علاماتها الأولية أصبحت توجد على الأرض. من هذه الفظائع لن يربح أي أحد.
من ساعة إلى أخرى تصبح الصور من غزة مخيفة أكثر. وسائل الإعلام الإسرائيلية المجندة تخون دورها ويحركها من يستهلكونها. يكفيها خطاب الجنرالات الذي يأتي من السماء والذي لا نهاية له.
ولكن حقيقة أن إسرائيل لا تُظهر ما يجري في غزة، لا يعني بأن الكارثة لا تحدث هناك. أكثر من مليون شخص كانوا أمس يهربون للنجاة بحياتهم أو يتشبثون بطريقة انتحارية ببيوتهم المدمرة، نصفهم من الأطفال.
الشيوخ والنساء وذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى والأطفال يهربون نحو الجنوب سيرا على الأقدام، أو على الدراجات الهوائية، أو على مقدمة السيارات، أو على الحمير، ولا يحملون معهم إلا القليل من ممتلكاتهم.
أناس يسيرون نحو حتفهم وهم يعرفون ذلك. لا يوجد أي شخص في القوافل الكبيرة التي تذهب نحو الجنوب يؤمن بأنه سيكون له بيت يعود إليه. ولا يوجد أي شخص لم يتذكر مشاهد النكبة التي عاشها الآباء قبل 75 سنة. غزة كانت أمس تشبه ناغورنو كاراباخ. إلى أين سيذهب
الفلسطينيون من قطاع غزة؟ أين سيختبئون؟ أين سيجدون ملجأ أو بيتا؟ لا يوجد كهرباء أو مياه أو أدوية أو إنترنت.
هذا الإخلاء هو عقاب جماعي يُبشر بما سيأتي. إسرائيل تقول بأنها ستطهر شمال القطاع من حماس، وبعد ذلك ستنتقل إلى الجنوب. مليونا إنسان، أو من سيبقى منهم على قيد الحياة، سيأمرونهم بالهرب والعودة إلى الشمال من أجل تطهير الجنوب.
المهمة ستستكمل والجيش سيشير إلى عشرات آلاف القتلى الذين قتلهم بيديه، ويقول بأن معظمهم كانوا من أعضاء حماس. كل فتاة أو فتى يقتلونه سيتم تجريمهم كأعضاء في حماس. حسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 724 طفلا فلسطينيا قتلوا حتى ظهر أمس، قبل أن يبدأ الغزو البري. هم لم يكونوا حماس.
إسرائيل ستنتصر وغزة ستُسوى والأنفاق سيتم تطهيرها.
المخطوفون الإسرائيليون يمكن أن يدفعوا حياتهم ثمنا لذلك. وبعد ذلك سيبزغ الصباح على وقف إطلاق النار في غزة المدمرة: بماذا يهم ذلك؟ من الذي سيتولى الحكم في القطاع؟ ممثلو قيادة الوكالة اليهودية؟ العملاء في غزة؟ وما الذي ستكسبه إسرائيل من ذلك؟ حتى الآن لم نقل أي كلمة عن الحرب متعددة الجبهات التي يمكن أن تندلع وتغير قواعد اللعب كليا.
إسرائيل تنطلق إلى عملية خطيرة وخاسرة. هل يمكنها سؤال حلفائها في واشنطن ما الذي جلبته الحروب العبثية للولايات المتحدة من أجل استبدال الأنظمة في العالم؟ كم من ملايين الأشخاص قتلوا عبثا، ومن الذين تولوا الحكم على الحراب الأمريكية؟
لكن نحن لا نحتاج إلى أمريكا، وحتى لا نحتاج إلى التفكير بكارثة الفلسطينيين كي نعرف بأننا على شفا كارثة تاريخية أيضا لإسرائيل. إذا تم حقا استكمال المهمة وقامت إسرائيل بتدمير القطاع على رؤوس حكامه وسكانه، فسيتم نقش هذا لأجيال قادمة في وعي العالم العربي والإسلامي ووعي العالم الثالث أيضا.
“نكبة 2” ستمنع مئات ملايين الأشخاص في أرجاء العالم من قبول إسرائيل. ربما ستكون هناك أيضا أنظمة عربية تضبط نفسها في البداية، لكن الرأي العام فيها لن يسمح لها بالاستمرار في ضبط النفس. ولكن الثمن ستدفعه إسرائيل وسيكون ثمنا باهظا أكبر مما تتوقعه الآن.