تسببت نتائج امتحانات
الثانوية العامة في
مصر، بصدمة واسعة للطلبة والأهالي، بسبب صعوبة الأسئلة التي أدت إلى انخفاض المجاميع (المعدلات) بشكل حاد.
وأدت نتائج الثانوية العامة إلى صدمة بين الطلبة، ما دفع ستة طلاب على الأقل في محافظات مصرية إلى الانتحار، بحسب وسائل إعلام محلية.
وكانت "عربي21" نشرت تقريرا عن توجه حكومي رسمي بتعمد تصعيب الأسئلة على الطلبة، بهدف خفض المعدلات، للدفع نحو التوجه إلى الجامعات الأهلية (الخاصة).
وكشف مصدر في وزارة التربية والتعليم المصرية لـ"عربي21"، أن "هناك رغبة قوية لدى القيادة السياسية في خفض عدد الطلاب المقبولين في الجامعات الحكومية من أجل تخفيف الضغط على موازنة التعليم الجامعي وبالتالي موازنة الدولة، والتحول تدريجيا إلى التعليم الخاص والجامعات الأهلية وتوفير إيرادات للجامعات الحكومية من مصروفات الجامعات الأهلية التي تتوزع في العديد من المحافظات".
اقرأ أيضا: صعوبة امتحانات الثانوية العامة بمصر تفتح الباب للجامعات الأهلية بديلا للحكومية
من يقف خلف الجامعات الأهلية؟
في صيف عام 2020 وفي الأعوام التالية أصدر رئيس النظام، عبدالفتاح
السيسي، العديد من القرارات الجمهورية بإنشاء جامعات أهلية وخاصة.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية ظهرت العديد من الجامعات الأهلية بعضها مستقل والبعض الآخر منبثق عن جامعات حكومية، برسوم مرتفعة تضاهي الجامعات الخاصة ولكنها أقل بنسبة 20 بالمئة، إلى 30 بالمئة من أجل حث الطلاب على الالتحاق بها على حساب التعليم الجامعي المجاني.
وارتفع عدد تلك الجامعات إلى 20 جامعة أهلية، هي: جامعة الملك سلمان الدولية بشبه جزيرة سيناء، وجامعة العلمين الدولية بمدينة العلمين الجديدة، وجامعة الجلالة بالقرب من البحر الأحمر، وجامعة المنصورة الجديدة شمال الدلتا، و جامعة النيل، والجامعة الفرنسية الأهلية، والجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني.
وارتفع عدد الجامعات الخاصة والأهلية من 26 جامعة عام 2014 إلى 40 جامعة عام 2022، مقابل 27 جامعة حكومية على مستوى البلاد لم تشهد أي زيادة منذ سنوات في ظل توجه السلطات نحو زيادة عدد الجامعات الأهلية، وفقا لوزارة التعليم العالي.
نتائج مخيبة للآمال
أعلن وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي، الاثنين، نتيجة امتحانات شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي 2022-2023، وبلغت نسبة النجاح 78.8 بالمئة، بارتفاع أكثر من 3 بالمئة عن العام الماضي حيث كانت 75.4 بالمئة، لكنه أوضح أنّ تنسيق الجامعات لهذا العام سوف يكون أقلّ من العام الماضي بسبب تراجع درجات الطلاب.
للعام الدراسي الثالث على التوالي منذ تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد، لم يحصل أي طالب على الدرجة الكاملة 100 بالمئة، فيما حصل 0.39 بالمئة من الطلاب على مجموع تجاوز الـ95 بالمئة، وحصل 3.06 بالمئة منهم على مجموع تراوح ما بين 90 وأقلّ من 95 بالمئة، أمّا الـ6 بالمئة منهم فعلى مجموع تراوح ما بين 85 وأقلّ من 90 بالمئة، وكانت النسبة الأكبر للمجموع ما بين 50 بالمئة و 60 بالمئة بنسبة 23.52 بالمئة.
خاض امتحانات الثانوية العامة هذا العام 2022-2023 نحو 783 ألف طالب، من بينهم 276 ألف طالب في الشعبة الأدبية و391.6 ألف طالب في الشعبة العلمية، علوم، ونحو 98.6 ألف طالب في الشعبة العلمية، رياضيات.
واشتكى الطلاب وأولياء الأمور من صعوبة امتحانات الثانوية العامة بجميع فروعها، وتصدرت وسوم بأسماء المواد منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من تعمد وضع امتحانات صعبة تفوق قدرات الطلاب.
صدمة بين الأهالي والطلاب
وقال عدد من ذوي طلاب الثانوية العامة في تصريحات منفصلة لـ"عربي21"، إن "النتائج هذا العام كانت صادمة للجميع بما فيهم الطلاب المجتهدون في الدراسة، ولم تكن النتائج مرضية للبعض وغير متوقعة للبعض الآخر المعروف عنهم التفوق طوال السنوات الماضية".
وأعربوا عن خيبة أملهم في قدرة أبنائهم على الالتحاق بكليات القمة التي كانوا يأملون في الالتحاق بها، وأكدوا أنه لم يعد أمامهم سوى الالتحاق بالجامعات الأهلية ودفع مصروفات بعشرات الآلاف غير مصروفات الإقامة والمعيشة، وهي لن تكون متاحة إلا لأولياء الأمور المقتدرين ماديا على دفع تلك المضروفات، أو الالتحاق بأي كلية عادية بالجامعات الحكومية.
تشويه للتخصصات
انتقد عضو لجنة التعليم بمجلس النواب سابقا، الدكتور محمود عطية، "خضوع كليات القمة للمساومة ومن يستطيع دفع الرسوم وربطها بالقدرة المالية لذوي الطلاب وليس للمجموع والكفاءة، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، حيث كان يجب أن تظل الجامعات الحكومية هي الملاذ العادل لجميع الطلاب في المرحلة الثانوية وعدم الانحراف بها للتربح".
حذر في حديثه لـ"عربي21"، "من فتح الباب أمام غير المؤهلين لتصدر التخصصات العلمية التي تطلب مستوى معينا من الذكاء والاجتهاد، وأكثر ما نخشاه هو تخريج جيل من الأطباء والمهندسين من غير قاعدة علمية سليمة أو كفاءة علمية لأن بعضهم كان لا يستحق أن يكون طبيبا أو مهندسا، وما يجري هو شراء شهادات بالمال"، مشيرا إلى أن "الأزمة ليست في التربح بقدر ما هي في تدمير العملية التعليمية في البلاد وتشويهها".
وأضاف الخبير التربوي والتعليمي، أنه "في المستقبل ستظل الأزمة قائمة حيث سيتمكن أولئك الذين لديهم أموال في منافسة زملائهم خريجي الجامعات الحكومية في أعمالهم من خلال عمل منشآت طبية أو هندسية وغيرها، والخطورة ليست في الجامعات الخاصة إنما في فتح الباب أمام غير المستحقين، ومن هذا المقام نحذر من تدمير العملية التعليمية وتشويهها بمتخصصين غير كفؤين".
وتراوحت مصاريف الدراسة في العام الجديد في بعض كليات القمة ما بين 140 ألف جنيه (4.5 آلاف دولار) و 100 ألف جنيه (3.2 آلاف دولار) لكليات الطب وطب الأسنان والصيدلة، ورغم ذلك تقول الحكومة إن هذه الجامعات غير هادفة للربح وتقدم برامج تعليمية تلبي احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية محليا وإقليميا ودوليا، وإن المصروفات الطلابية تستثمر في تحديث المعامل وتطوير المنظومة التعليمية، وأعمال الصيانة اللازمة.
وبلغ عدد الطلاب المقيدين بالجامعات والمعاهد المصرية نحو 3.49 مليون طالب للعام الجامعي 2021-2022، بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي، بزيادة بلغت 70.9 ألف طالب بنسبة زيادة 2.1٪ عن العام 2020-2021.