تواجه
مصر حجب جزء من المعونة الأمريكية، بعد أن دعا عدد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي
إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى تعليق جزء من
المساعدات العسكرية السنوية البالغة
1.3 مليار دولار للعام الثالث على التوالي؛ للضغط على رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي،
لكبح جماح انتهاكات
حقوق الإنسان.
وتضمن
خطاب تسعة من الحزب الديمقراطي بالإضافة إلى السيناتور المستقل بيرني ساندرز، حجب 320 مليون
دولار من المساعدات بسبب عدم تحقيق تقدم مطلوب في مجال حقوق الإنسان، أنه "يوضح قرار
الإدارة حجب جزء من مخصصات مصر البالغة 1.3 مليار دولار لكل عام من العامين الماضيين،
أنه يمكن الحفاظ على العلاقة الأمنية الثنائية بشكل فعال بمستوى منخفض من المساعدة،
مع الحفاظ على قيمنا".
وأضاف
أعضاء مجلس الشيوخ، أنه "يمكننا الاستمرار في دعم هذه الأهداف أثناء تطبيق القانون
لحجب 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر بسبب نقص التقدم الضروري في مجال
حقوق الإنسان".
وأشار
الأعضاء في رسالة موجهة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى فشل الحكومة المصرية في تحقيق
تقدم ذي مغزى في التعامل مع المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، مشددين على ضرورة حجب
المساعدات وفقا للقانون.
ومن
المتوقع أن تبت الإدارة الأمريكية في قرارها بهذا الشأن الشهر المقبل، على الرغم من
أن الموعد القانوني النهائي هو 30 أيلول/ سبتمبر.
تقارير
مزرية عن الوضع الحقوقي بمصر
وكان
التقرير السنوي لوزارة الخارجية عن حقوق الإنسان، الصادر في آذار/ مارس الماضي، حمل
مصر التي تعد حليفا استراتيجيا مهما في المنطقة، مسؤولية عمليات القتل والتعذيب خارج
نطاق القضاء، واحتجاز الآلاف من الكتاب والمراسلين والمدافعين وغيرهم من السجناء السياسيين،
بالإضافة إلى قمع وسائل الإعلام الإخبارية وغيرها من الانتهاكات.
بشأن
أهمية الضغط المالي على نظام السيسي الذي يعاني من أزمة مالية، وجهت أكثر من 20 منظمة
حقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية، و"هيومن رايتس ووتش"، رسالة إلى الإدارة
الأمريكية نسبت الفضل فيها إلى الضغط المالي من قبل إدارة بايدن للمساعدة في إقناع مصر
بالإفراج عن أكثر من ألف معتقل سياسي، حيث يقول المدافعون عن حقوق الإنسان، إن مصر
احتجزت ما يقرب من 5 آلاف آخرين، وجددت احتجاز آلاف آخرين.
"المال
نقطة ضعف نظام السيسي"
قال
مدير مركز مونتغومري للدراسات القانونية في بنسلفانيا سعيد عفيفي: "مثلت تلك الإجراءات
جزءا من حملة سنوية يخوضها الحزب الديمقراطي في أمريكا تهدف إلى تقليص أموال المساعدات
الأمريكية المقدمة لمصر استنادا لقانون "ليهي"، الذي يخول وزارة الخارجية
ووزارة الدفاع الأمريكيتين تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لوحدة عسكرية أجنبية
محددة إذا وجدوا أنها ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "نظام السيسي لا يفهم إلا لغة المال، ولا يستجيب
إلا تحت ضغط الحاجة للمال، ولا يذعن إلا لسلطة المال، ولذلك فإن تقليص المساعدات يلامس
تلك المنطقة لدى نظام السيسي، ويهدف إلى الضغط عليه للحد من انتهاكات حقوق الإنسان،
خاصة أنها تمكنت حتى الآن من حجب نحو ربع المساعدات العسكرية المقدمة لمصر لعامين متتاليين".
وتوقع
عفيفي أن يستمر حجب جزء من المعونة الأمريكية، وقال: "نري نحن تكنوقراط مصر أنه
في الغالب سيتم حجب هذه الأموال نظراً لاستمرار تعنت النظام في ملف حقوق الإنسان ولوصول
معلومات موثقة عن تنكيل النظام بمسجوني الرأي، واستمرار الانتهاكات البشعة بحقهم وبحق
ذويهم".
حجب
جزء من المساعدات
حجب
الكونغرس الأمريكي في عام 2020 نحو 300 مليون دولار من المساعدات الأمريكية العسكرية
لمصر، من إجمالي 1.3 مليار دولار مُخصصة سنويًا، مشترطا إحراز تقدما في قضايا حقوق
الإنسان للحصول على الجزء المحجوب.
في عام
2021، قدمت الإدارة الأمريكية 170 مليون دولار من الـ300 مليون دولار، بينما رهنت الـ
130 مليون دولار المتبقية بإنهاء ملف قضية منظمات المجتمع المدني، والمعروفة باسم
"القضية 173"، بالإضافة إلى إسقاط التهم الموجهة ضد 16 شخصًا والإفراج عنهم،
وهي الأسماء التي حددتها الولايات المتحدة ورفعتها إلى القاهرة في وقت سابق.
في العام
الماضي 2022، ربط الكونغرس صرف 300 مليون دولار بتحقيق تقدم ملموس في قضايا حقوق الإنسان،
وفي وقت لاحق منع السيناتور باتريك ليهي رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ مساعدات بقيمة
75 مليون دولار إلى مصر بسبب مخاوف تتعلق بسجل القاهرة الحقوقي بما في ذلك احتجاز سجناء
سياسيين.
"ذر الرماد
في العيون"
قلل
وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري سابقا، الدكتور عز الدين الكومي، من أثر مثل
تلك الإجراءات ووصفها "بالهزيلة"، وقال إن "الإدارة الأمريكية والاتحاد
الأوروبي أعطوا النظام المصري شيكا على بياض من أجل حماية مصالحهم في المنطقة، مثل
حماية الكيان الصهيوني، وتفريغ شمال سيناء من سكانها، ومحاربة الإسلام السياسي، وبالتالي فإن مثل هذه القرارات هي لذر الرماد في العيون ليس أقل ولا أكثر، وكل ما وعد به وهدد به
بايدن أثناء حملته الانتخابية ذهب هباء".
وأضاف
في تصريحات لـ"عربي21": "كذلك الحال مع الغرب الأوروبي الذي لا يكترث
إلا لمصالحه الخاصة، أو ما يمس مواطنيه فقط، وهذا النظام قدم نفسه ككلب حراسة لجنوب
البحر المتوسط، ومصر الآن تتفوق على كثير من دول العالم في الهجرة إلى أوروبا، وبالتالي
فإن الأنظمة الغربية تساعد النظام على الاستمرار في انتهاكاته لملف حقوق الإنسان".
واستدرك
الكومي: "لكن الفضل في أي ضغط على النظام المصري يعود إلى المنظمات الحقوقية العالمية
التي تمارس ضغوطا حقيقية بهدف إحداث انفراجة في هذا الملف الشائك والمكدس بآلاف القضايا،
وبالتالي تستطيع نقل قلقها وإدانتها إلى المؤسسات الرسمية لحثها على التحرك وتحقيق
الحد الأدنى من مطالبها، أو جعل النظام المصري تحت ضغط التنديد المستمر".