دشنت مجموعة من المعارضين
المصريين لرئيس النظام المصري عبدالفتاح
السيسي، "المجلس
الاستشاري للتغيير والتجديد"، وذلك "بهدف التغيير السياسي في مصر بالعلم
والخبرة بسرعة وبلا عنف"، وفق ما تضمنه البيان التأسيسي.
المجلس
الاستشاري، وبحسب البيان الذي اطلعت عليه "عربي21"، يسعى إلى "وحدة
الاقتصاد والميزانية، والتخلص من النظام الطبقي القائم على المتسلقين
والمنتفعين"،
"وجوب
التغيير"
وأكد
بيان "المجلس الاستشاري"، أن "الوضع في مصر يفرض سرعة مشاركة
المهنيين في الداخل والخارج دون تمييز، في تغيير هذا الحكم وأصبح هذا الأمر واجباً
وطنياً وأخلاقياً وسياسياً في نفس الوقت".
وأضاف:
"لقد أصبح جلياً الحاجة إلى أن يكون البديل للنظام العسكري الحالي نظاماً
مدنياً بعيداً عن أي أيديولوجية عسكرية أو دينية وأن يشمل كافة طوائف الشعب المصري
من مسلمين وأقباط وشباب ومسنين ومن كافة المناطق الجغرافية بمصر في ظل دستور
مستنير وعصري".
وتابع:
"لقد خلق النظام هيكلا طبقيا دمر الطبقة الوسطى وترك طبقتين، فقراء جددا ومليارديرات جددا، بتفتيت الاقتصاد بين اقتصاد عام واقتصاد جيش واقتصاد صناديق
سيادية وخاصة".
وتأتي
فكرة المجلس في توقيت صعب تمر به البلاد سياسيا واقتصاديا، حيث إن من المقرر إجراء
انتخابات الرئاسة نهاية العام الجاري وسط رفض المعارضة لاستمرار السيسي بالحكم،
بجانب أزمة الديون التي تضع البلاد على شفا الإفلاس وبيع الأصول العامة، بجانب
حالة الغضب الشعبي التي تعم البلاد.
"ماهية
المجلس وأدواره"
تواصلت
"عربي21" مع المنسق العام للمجلس الاستشاري، محمود وهبه، وعضوي المجلس سعيد
عفيفي، ومحمد حافظ، والذين أجمعوا على إجابة واحدة على التساؤل، حول دور المجلس في
حل أزمات مصر.
وقالوا
إن "المجلس الاستشاري سيعمل ليحقق تغيير النظام العسكري بمصر، ثم سيعمل في المرحلة الانتقالية وبعدها، ويتعاون مع من يريدون التغيير بالداخل والخارج من كل
الاتجاهات".
واستبعد
المجلس الجديد أن يتم التغيير عبر الانتخابات، ما يدفعه لرفض المشاركة والدعوة
لمقاطعة أي انتخابات، لأنها "مضيعة للوقت لعدم مصداقيتها وجديتها".
"تغيير
النظام"
وبشأن
رؤية المجلس لطرق تغيير النظام الحالي، يرون أنه "نظام ليس لديه حل لمشاكله
السياسية مثل تركيز السلطة بيده أو الجوانب الإنسانية مثل التورط في جرائم ضد
الإنسانية".
"وكذلك
أزماته الاقتصادية التي تأخذ اهتماما أكبر لحساسيتها لدى الشعب، وليس أمامه حل
اقتصادي، إذن فالحل الوحيد في تغييره، ثم تجرى مفاوضات للإعفاء من كل أو بعض
الديون، لأنها ديون مكروهة".
وتابعوا:
"عملنا على مدار ثلاث سنوات للإعداد لإسقاط هذه الديون، ولدينا الخبرة، بل
استطعنا أن نوقف (يوروكلير) -شركة خدمات مالية ببلجيكا- من إقراض النظام".
"خطط
المستقبل"
وبشأن
ما لدى المجلس الاستشاري من خطط لمستقبل مصر وطرق إنقاذها من أزماتها، قالوا:
"سياسيا ستكون هناك فترة انتقالية مدة سنتين، بدستور جديد، مع إلغاء المحكمة
الدستورية العليا، ثم الاستفتاء على نظام رئاسي أم برلماني".
"وفصل
السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بل وتفويضهم لمراقبة بعضهم
البعض، مع ضمان حريات مطلقة للإنسان المصري ووسائل الإعلام، وتعويض الشهداء،
ومحاكمة كل من أضر بالبلاد".
"واستعادة
الأموال المهربة للخارج"، مشيرين إلى أن لديهم "قائمة بأسماء وعناوين
356 شركة مصرية لها حسابات سرية بالملاذات الآمنة Offshore
Company".
وأكد
الأعضاء الثلاثة بالمجلس، أن لديهم "خططا لأول يوم بعد التغيير، ثم خططا سنوية
بعد ذلك"، موضحين أنه "من اليوم الأول للتغيير، ستجرى المحاكمات لمن أضر
بمصر والمصريين، وفي مرحلة انتقالية سنبدأ الدخول باتفاقية المحكمة الجنائية
الدولية، حتى تتم معاقبة من لطخت يده بالدماء".
ولفتوا
إلى أنه "سيتم توحيد الميزانية والتخلص من اقتصاد الجيش واقتصاد الصندوق
السيادي والصناديق الخاصة، وضمها جميعا للميزانية العامة، وهذا سينفق على الشعب 12
تريليون جنيه، بدلا من الميزانية الحالية التي تنفق صفر على الشعب".
وقرر
المجلس أنه لن يكون هناك قروض ولا سداد "لحين الاتفاق على الإعفاء من
الديون"، مشيرين إلى أنه "ولو استمرت المفاوضات 6 سنوات كما تفعل
الأرجنتين الآن، وهذا معناه أن العملات الأجنبية المدفوعة لأقساط وفوائد الديون
ستبقى بالبلاد وتنفق على الشعب".
"رد
فعل النظام"
وحول
توقعاتهم لرد فعل النظام بحق المجلس وأعضائه، قال الأعضاء الثلاثة بالمجلس:
"النظام في أزمة، وقد يرى في بعض أفكارنا ما يسهل له الخروج منها، أو قد
يرانا أداة تغيير ونحن فعلا كذلك، ولكن تغييرا سلميا لأن النظام نفسه سيفلس والحل
الوحيد أمامه الرحيل بلا دماء".
وأكدوا
أن "هذا النظام سيسقط بأدوات اقتصادية من صنع يده، ولدينا بعض التكتيكات للإسراع في ذلك".
وعن كيفية خروجهم من عباءة تصنيف النظام لهم ككيان إرهابي أو وصفهم بأنهم أعداء للوطن، قالوا: "لم يصنفنا أحد كإرهابيين، ولو حدث فهو كلام الإعلام الموجه، وأية محكمة محترمة بمصر سترفضه".
"أما خارج مصر، فإن العالم يقدم لنا الشكر على دورنا في تنمية بلادهم، ويحترمنا لكفاءتنا، فنحن علماء وخبراء وأساتذة جامعات ورجال أعمال وأطباء ومهندسين وحرفيين، ويجمعنا حبنا لمصر ومعظمنا وصل لأعلى مراحل الترقيات والخبرة ببلاد الغربة"، بحسب قولهم.
"نتفوق في هذا"
وفي رؤيتهم للفارق بين الكيان الجديد وأية كيانات أخرى معارضة من الخارج، قال الأعضاء الثلاثة: "نحن نتعاون مع الجميع؛ ولكنا مجموعة فريدة ليس لها مثيل على ساحة الكيانات المعارضة كانت أو مؤيدة".
وأضافوا: "من حيث الهدف هذا مشروع ينبع من هذا العصر والزمان ولا يعتمد على السياسة أو السياسيين أو المشهورين؛ بل يعتمد على العلم والعلماء، فالعلم هو الحل".
ولفتوا إلى أنه "من حيث العضوية فهي تتطلب مهنية وكفاءة عالية في بلاد المهجر، ولا تعتمد على أيدلوجيات محددة بل على الجدارة وحدها، ولو كان بمصر نظام رشيد لرحب وتعاون مع المجلس، لأن نقل التكنولوجيا والإدارة المعاصرة يتم عن طريق أبناء وبنات المجتمع الذين درسوا وعملوا بالخارج، وبلغت دراساتهم للماجستير والدكتوراة بمصر".
وتابعوا: "انظر للهند، فالهنود الأمريكان يتحكمون في (سيليكون فالي بولاية كاليفورنيا) والتكنولوجيا بأمريكا، ونقلوا علمهم وخبرتهم إلى بلدهم، فأصبحت بالهند سيليكون فالي ينافس أمريكا".
وتابع الأعضاء الثلاثة "بل انظر إلى الصين، وبعثاتها من أبناءها إلى الغرب، حتى كوريا الشمالية استطاع أبناؤها نقل تكنولوجيا تطوير الطاقة الذرية، حتى امتلكت بلادهم قنابل ذرية من بعثاتهم للغرب".
وأشاروا إلى أنه "في تاريخ مصر مثالان فقط لنقل التكنولوجيا، كما تهدف هذه المجموعة،
المثال الأول:
أولاد الشوارع الذين جمعهم محمد علي باشا (1769- 1849)، وأرسلهم للدراسة وتعلم حرف مختلفة لأوروبا وعادوا لبناء ترسانة الإسكندرية والسفن والمصانع وأصبحت مصر قوة يخشاها الغرب.
المثال الثاني:
فترة التنوير في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، والتي ركزت أكثر على الثقافة والحضارة والأدب والفقه والفنون، ومن ينسى دور الشيخ محمد عبده، والشيخ رفاعة الطهطاوي، والدكتور طه حسين".
"ولكن التطور الآن يركز على نقل الإدارة والتكنولوجيا العصرية"، بحسب رؤية أعضاء المجلس الاستشاري، الذين أعربوا عن أسفهم من أن "النظام يقف ضده وقرر عزل مصر وخلق فجوة بينها وبين والعالم سيصعب تخطيها لو استمر النظام".
واستدركوا: "بينما لدى مصر الموارد، ومنها العقول لتصبح من مجموعة العشرين الأغنى بالعالم، والأرقى حضارة والأكمل في الحرية"، ملمحين إلى أن هناك نحو 12 مليون مصري مغترب ومعهم 15 مليون حاصلون على درجات الماجستير والدكتوراة.
وانتقدوا نظرة النظام الحالي لهم وتركيزه على تحويلاتهم النقدية التي تمثل ثاني أهم مورد للعملة الصعبة بمصر، مؤكدين أن "هؤلاء قيمتهم الأعلى والأرقى هي عقولهم وأفكارهم وخبراتهم، ولذا يهدف المجلس الاستشاري للاستفادة بهذه الثروة والثورة العصرية".
"كيانات سابقة"
ومنذ الانقلاب العسكري الذي تزعمه قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، منتصف العام 2013، غادر الكثير من المعارضين المصريين إلى الخارج وخاصة إلى تركيا التي سمحت لهم بتدشين فضائيات معارضة من اسطنبول وتأسيس العديد من الكيانات السياسية المعارضة.
وفي آب/ أغسطس 2014، دشنت قوي المعارضة بالخارج في اسطنبول التركية أول كيان معارض باسم "المجلس الثوري المصري"، فيما جرى تشكيله من العديد من الشخصيات المعارضة لنظام السيسي، برئاسة الدكتورة مها عزام.
فيما كان "تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤلف من قيادات بمن جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية من أولى الكيانات المعارضة التي انتقلت إثر الانقلاب العسكري للعمل من الخارج بمدينة اسطنبول التركية.
وبعد قدوم المرشح الرئاسي السابق أيمن نور، من مقر إقامته في لبنان إلى اسطنبول، وشراء فضائية "الشرق" المعارضة، عمل على تشكيل العديد من الكيانات المعارضة لنظام السيسي، بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين في البداية.
وتموز/ يوليو 2017، تم تأسيس "الجبهة الوطنية المصرية"، بمدينة إسطنبول، وكانت أهم وجوهها أيمن نور، والأكاديمي سيف عبد الفتاح، والوزير السابق محمد محسوب، ووزير الإعلام الأسبق صلاح عبد المقصود، ومحافظ البحيرة الأسبق أسامة سليمان، ورئيس حزب البناء والتنمية طارق الزمر.
وفي 11 شباط/ فبراير 2021، أعلنت قوى وشخصيات مصرية معارضة، من مدينة إسطنبول التركية عن تدشين "اتحاد القوى الوطنية المصرية"، برئاسة المعارض أيمن نور، كمظلة تنسيقية جامعة لقوى المعارضة من أوروبا وأمريكا وتركيا وكندا ونيوزيلندا وماليزيا وكوريا، وأقطار لعربية، للعمل على إحداث التغيير بالبلاد.
وضم حزب غد الثورة، والبرلمان المصري بالخارج، وشخصيات عامة وأكاديميين، وجماعة الإخوان المسلمين، والائتلاف العالمي في أوربا، والمنظمات الأهلية في الولايات المتحدة.
"فكرة مرفوضة"
معارضون مصريون أعربوا عن عدم قبولهم فكرة تدشين التكتلات السياسية دون أن يكون لها دور حقيقي على أرض الواقع، أو تأثير على مجريات الأمور في البلاد، مشيرين لضرورة التركيز على هدف المعارضة الرئيسي بإزاحة السيسي.
الناشط والمعارض المصري من أمريكا سعيد عباسي، يرى أن فكرة تشكيل مجلس استشاري مرفوضة، متسائلا: "على أي أساس يجري تشكيله"، مضيفا: "كنت أتمنى أن يكون هناك خطوات لإسقاط الانقلاب، وليس التفكير في مناصب وتوزيعها، خاتما بقوله: "كفانا كيانات لا تقدم للقضية شيئ".