حل قائد عام الجيش التابع لمجلس النواب في
ليبيا، خليفة
حفتر، ضيفا على
إيطاليا وأجرى لقاءات مع مسؤوليها الكبار في مقدمتهم رئيسة
الوزراء، جورجيا ميلوني. وأثارت الزيارة جدلا وطُرحت أسئلة عن توقيتها وغاياتها،
وهل هي برغبة حفتر أم دعوة من الحكومة الإيطالية؟
بداية، الزيارة جاءت بطلب ودعوة من الحكومة الإيطالية،
أي إن غاياتها حددتها السياسة الإيطالية تجاه ليبيا، وهي تتعلق بملفات حيوية ذات
طبيعة أمنية. ودعوة حفتر تدلل على أنه في نظر الحكومة الإيطالية الحاكم الفعلي
والمتحكم في القرار في مناطق سيطرته، ويأتي ضمنا عدم اعتراف إيطاليا بالحكومة
الليبية بقيادة فتحي باشاغا، وأن سلطته الفعلية تأتي تحت مظلة حفتر ونفوذه.
ويبدو أن روما لا تريد أن تصل رسائل خاطئة لحفتر مفادها
أن الحليف الليبي هو الجبهة الغربية وحكومة الوحدة الوطنية، خاصة أنها تتجه إلى
استعادة نفوذها ومكانتها في خارطة العلاقات الخارجية لليبيا، مع إدراكها أن
مصالحها في الشرق تتطلب تقاربا وتفاهما مع الحاكم الفعلي هناك.
يبدو أن روما لا تريد أن تصل رسائل خاطئة لحفتر مفادها أن الحليف الليبي هو الجبهة الغربية وحكومة الوحدة الوطنية، خاصة أنها تتجه إلى استعادة نفوذها ومكانتها في خارطة العلاقات الخارجية لليبيا، مع إدراكها أن مصالحها في الشرق تتطلب تقاربا وتفاهما مع الحاكم الفعلي هناك.
قضايا حيوية عديدة عكست نفسها في أجندة اجتماع ميلوني
بحفتر، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، ذلك أن قلقا في أوساط الحكومة قد تعاظم
بعد ارتفاع أعداد الواصلين إلى إيطاليا عبر الساحل الليبي من 6237 مهاجرا في الربع
الأول من العام 2022م إلى 16637 عن نفس الفترة خلال العام 2023م، وهي زيادة كبيرة جدا. والمثير أن
ما يزيد عن 10000 منهم، أي نحو 60 في المئة، قدم إلى إيطاليا من المناطق التي
يسيطر عليها حفتر في الشرق الليبي.
المعلومات التي تناقلتها مصادر عدة، هي أن الزيادة
الكبيرة للمهاجرين المنطلقين من السواحل الشرقية لليبيا لها علاقة بتحركات
فاغنر.
وكان وزير الدفاع الإيطالي "جويدو كروسيتو" صرح مؤخرا بأن التطورات
المتعلقة بملف الهجرة غير النظامية، لها علاقة بمخطط "إشعال حرب ضد إيطاليا"
من قبل قوات فاغنر المدعومة من روسيا، مؤكدا أن الزيادة الكبيرة في أعداد
المهاجرين القادمين من الساحل الجنوبي للبحر المتوسط تأتي ضمن استراتيجية تنفذها
قوات فاغنر الروسية.
القلق الكبير والاهتمام المتزايد من قبل الساسة الإيطاليين
المتعلق بظاهرة الهجرة، لا يعني أنها كانت محور النقاش الوحيد في زيارة حفتر لإيطاليا،
ويبدو أن إيطاليا تشارك حلفاءها الغربيين، خاصة والولايات المتحدة والمملكة
المتحدة، في أن فاغنر تهدد الأمن والمصالح الغربية، ووجودها في ليبيا يجب ألا
يكون محل جدال أو مساومة. وعليه، يمكن أن يكون من ضمن مواقف الحكومة الإيطالية مما
يجري في مناطق نفوذ حفتر، الضغط عليه للتخلص من الوجود الروسي الذي تمثله فاغنر،
خاصة في ظل معلومات تحدثت عن حراك تقوده المملكة المتحدة يتعلق بتعبئة ذات طبيعة
أمنية، هدفها تأمين حقول وموانئ النفط وإبعاد قوات فاغنر منها.
القلق الكبير والاهتمام المتزايد من قبل الساسة الإيطاليين المتعلق بظاهرة الهجرة، لا يعني أنها كانت محور النقاش الوحيد في زيارة حفتر لإيطاليا، ويبدو أن إيطاليا تشارك حلفاءها الغربيين، خاصة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في أن فاغنر تهدد الأمن والمصالح الغربية، ووجودها في ليبيا يجب ألا يكون محل جدال أو مساومة.
هذه الزيارة تؤكد حيوية السياسة الخارجية الإيطالية
تجاه ليبيا في عهد ميلوني، فإذابة الجليد مع حفتر وإيجاد صيغة للتفاهم معه حول
ملفات بالغة الأهمية لروما، يعيد لإيطاليا بعض نفوذها وحضورها في الملف الليبي.
في المقابل، فإن الاقتراب من حفتر والاحتفاء به قد يضر
بسمعة إيطاليا حسب تأكيدات خبراء إيطاليين وغيرهم، منهم مدير مبادرة شمال أفريقيا ببرامج
الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، كريم ميزران، الذي حذر من أن منح حفتر كل هذا
الاهتمام يضر بملف إيطاليا. وهو ما أشار إليه مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في مركز الدراسات الدولية بروما، جوزيبي دينتشي، بقوله؛ إن سياق الاجتماع الذي جمع
بين حفتر ومسؤولين إيطاليين محفوف بالمخاطر؛ لأنه قد يفتح الباب أمام تسليط الضوء
على دور حفتر، وهو شخصية يدور حولها جدل.