نشر
المصرف المركزي تقريره الربع سنوي الخاص بالإيرادات والنفقات
العامة عن الفترة من 1 يناير 2023م إلى 31 مارس 2023م. وبحسب بيان المصرف المركزي
فقد بلغت الإيرادات 26 مليار دينار ليبي (ما يعادل 5.5 مليارات دولار تقريبا)، فيما
بلغت النفقات لنفس الفترة 18 مليار دينار (3.8 مليارات دولار)، وهذا يعني أن فائضا
قد تحقق يبلغ 8 مليارات دينار ليبي.
وبالنظر إلى أن بند الإيرادات قد تضمن عائدا لا علاقة له بالعام
الجاري وبالفترة محل البحث وهي الربع الأول من العام، وهنا نشير إلى مبلغ 10.6
مليارات دينار التي هي إتاوات نفطية عن سنوات ماضية حسب بيان المصرف المركزي، فإن
عجزا قد وقع مقداره 2.6 مليار دينار ليبي، مع التنبيه أن الإتاوات عن سنوات سابقة
قد تكررت في تقارير المصرف المركزي الأمر الذي يستلزم إيضاحا منه بالخصوص، بل إن
بيان المصرف خلال نفس الفترة عن العام 2022م ذكر أن إتاوات مستحقة على الشركات
النفطية عن سنوات سابقة بلغت 11.4 مليار دينار قد استخدمت في تمويل نفقات الربع
الأول من العام 2022م، فهل هي إتاوات غير التي وردت في التقرير العام 2023م، أم أن
حجم الإتاوات كبير وتم تحصيله خلال فترات عدة؟ هذا ما ينبغي إيضاحه من المصرف
المركزي.
بحساب بسيط لإيراد مبيعات النفط يظهر أن القيمة التي أوردها المصرف
المركزي هي عن بيع نحو 400 ألف برميل في اليوم من أصل 1.2 مليون برميل هو مستوى
الإنتاج اليومي، فسعر خام برنت تخطى الـ 84 دولار للبرميل.
هناك كميات من النفط لا تدخل في حساب الإيراد منها ما يستهلك بالسوق
المحلي والتي تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميا، وهناك حصة الشركات والتي تعادل قيمة
200 ألف برميل تقريبا، وذلك حسب ما هو متداول من
بيانات وأرقام لتقارير تخص
المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي، مع التنبيه إلى أن صفقات البيع تتعلق
بفترات زمنية تختلف فيها الأسعار عما هي عليه اليوم في الأسواق العالمية، وسيكون
مفيدا لو أن المصرف والمؤسسة نشرا بيانات محدَّثة وأكثر تفصيلا عن مبيعات النفط
وحجم الاستهلاك المحلي من الخام الأسود وحصص الشركات المنتجة.. إلخ، فهذا يحقق مبدأ
الشفافية بشكل أفضل، مع تقديرنا لجهود المؤسستين فيما يتعلق بالتقارير الدورية
والبيانات التي تجعلها متاحة على مواقعها.
سجلت الإيرادات السيادية (الضرائب والرسوم) مستوى أقل عما كانت عليه
بالربع الأول من العام الماضي والتي بلغت ما يزيد عن 850 مليون دينار في مقابل 562
مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الجاري.
البيانات التي أوردها المصرف المركزي تحتاج مزيدا من الإيضاح، كما تعكس الأرقام الزيادة المستمرة في الإنفاق، والذي هو في معظمه استهلاكي، على حساب مستوى شبه ثابت من الإيرادات، بل انخفاض في الإيرادات السيادية، الأمر الذي سينعكس سلبا على حجم الاحتياطي النقدي وعلى قدرة الحكومة على تمويل المشروعات التنموية
وبالعموم تشكل الإيرادات السيادية مقدارا ضئيلا من الإيراد العام وهو ما نسبته 4% تقريبا، والمشكلة تعود إلى
جملة من العوامل منها ما هو متعلق ببنية
الاقتصاد وضيق أو صغر حجم السوق الليبي
ومنها ما يرجع إلى ضعف منظومة الجباية والتحصيل.
على جانب النفقات، بلغت الزيادة في إجماليها خلال نفس الفترة عن
السنة الماضية 3.3 مليارات دينار ليبي، حيث سجلت معظم البنود زيادة ملحوظة عن السنة
الماضية، فقد بلغ إجمالي المرتبات خلال الربع الأول من هذه السنة 13.1 مليار دينار
في مقابل فقط 9.4 مليارات دينار عن نفس الفترة خلال العام 2022م، وبزيادة نحو 28%
تقريبا، وهو ما يعني أن إجمالي المرتبات مع نهاية العام يمكن أن يقترب من 55
مليار دينار وقد تتخطاه، ذلك أنها تسجل زيادة مطردة كل شهر تقريبا.
أيضا ارتفع الإنفاق التسييري من 676 مليون دينار خلال الربع الأول من
العام 2022م إلى 904 ملايين خلال نفس الفترة من العام 2023م وبزيادة تجاوزت 25%،
فيما تراجع بند الدعم من 4.6 مليارات دينار إلى 3.3 مليارات دينار خلال نفس الفترة.
والخلاصة أن البيانات التي أوردها المصرف المركزي تحتاج مزيدا من
الإيضاح، كما تعكس الأرقام الزيادة المستمرة في الإنفاق، والذي هو في معظمه
استهلاكي، على حساب مستوى شبه ثابت من الإيرادات، بل انخفاض في الإيرادات
السيادية، الأمر الذي سينعكس سلبا على حجم الاحتياطي النقدي وعلى قدرة الحكومة على
تمويل المشروعات التنموية التي تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لمعالجة التدهور الكبير في
البنية التحتية وما خلفته الحروب من دمار.