في الوقت الذي يتعثر فيه مسار التطبيع
الإسرائيلي السعودي، ترجح قراءات إسرائيلية أن ولي العهد محمد بن سلمان يعتمد على دولة الاحتلال في نجاح رؤيته 2030، بيد أن هناك توجها إسرائيليا لمحاولة فرض احتلالها على مناطق الضفة.
يورام إتينغر، السفير السابق، وخبير العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، زعم أن "ولي العهد محمد بن سلمان يقدر أن إسرائيل ضرورية لرؤية 2030، الهادفة لدفع المملكة لمكانة قوة إقليمية ودولية، مع الاستفادة من موقعها بين الشرق الأقصى وأوروبا، ووجودها في الممرات البحرية الحيوية في الخليج العربي والمحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر، وترى هذه الرؤية في قدرات إسرائيل مساهمة كبيرة في تقدمها، ومصادر طاقة، وترى المملكة في القدرات التكنولوجية لإسرائيل وسيلة لتطوير اقتصادها، وتقليل الاعتماد بشكل كبير على النفط والغاز".
وأضاف في ورقة بحثية نشرها موقع ميدا، وترجمته "عربي21"، أن "ابن سلمان ينظر لإسرائيل على أنها حليف موثوق به، ولها علاقات خاصة في مجلسي الكونغرس، اللذين يتحكمان في الخزينة، ولهما السلطة ذاتها التي يتمتع بها الرئيس فيما يتعلق بتزويد أنظمة الأسلحة المتقدمة في الولايات المتحدة، ولعل صورة الردع الإسرائيلية هي العامل الرئيسي في تعميق العلاقة مع
السعودية، وتشير إلى القدرات العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية، واستعداد إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والعراق".
وأوضح أنه "في الوقت الذي يفضل فيه ولي العهد صورة إسرائيل التي تردع، وتصدّ الضغطـ، فإن إسرائيل الرادعة ذاتها تفقد حيويتها في عيون السعودية والولايات المتحدة أيضا، مع العلم أن السعودية واتفاقات التطبيع تؤكد أنها لا ترى في القضية
الفلسطينية عاملاً مركزياً في تشكيل مصالحها الأمنية والاقتصادية، ولهذا عملت على توسيع تعاونها الأمني والمدني مع إسرائيل، وتعزيز اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، ما يعني أن فترة صلاحية هذه الاتفاقات يعتمد على المصالح العربية، وليس الفلسطينية".
وأشار إلى أنه "في الوقت الذي تنظر فيه إسرائيل لتوطيد العلاقات مع السعودية على أنها ضرورية لأمنها وازدهارها، لكنها ثانوية مقارنة بحيوية السيطرة على مرتفعات الضفة الغربية، بزعم أنها الحدّ الأدنى الأساسي لأمن إسرائيل القومي في الشرق الأوسط المضطرب والمسعور، ويحمل عوامل أمنية متغيرة مقارنة بالعمق الجغرافي الذي يمثل عوامل أمنية ثابتة، وبالتالي فإن السيطرة على العوامل الدائمة تضمن الأمن القومي لإسرائيل، وترفع قوة ردعها بطريقة جعلت منها منذ 1967 قوة مضاعفة".
وأكد أن "التخلي عن السيطرة على مرتفعات الضفة الغربية، كجزء من اتفاقية تطبيع مع السعودية، سيضرّ بشكل خطير بالأمن الإسرائيلي، لأنها ستحولها من دولة تردع المقاومة، وقوة رصيدة للولايات المتحدة، إلى دولة تجتذب العنف، وتشكل عبئًا أمنيًا عليها، وهنا يمكن استحضار ما قامت به إسرائيل في 1981 حين قصفت المفاعل النووي في العراق، وفرضت سيادتها بمرتفعات الجولان، رغم ضغوط الولايات المتحدة، وتحذيرات أجهزة الأمن الإسرائيلية، وتخوفها من أن تسفر هذه التحركات عن تخلي مصر عن اتفاق السلام".
الخلاصة الإسرائيلية أن حرصها على التطبيع مع السعودية لا يعني أنها ستقدم عليه بكل ثمن، بل بما يخدم مصالحها الأمنية، بدليل أنها واصلت تكثيف بناء المستوطنات رغم توقيعها مع ست دول عربية لاتفاقيات سلام وتطبيع لتعزيز مصالحها، صحيح أن المملكة ومعها الدول العربية "المعتدلة" لا تنظر لدولة الاحتلال كخيار مفضّل في علاقاتها السياسية، لكنها في الوقت ذاته تقدر أمنها وتكنولوجيتها وقدراتها، خاصة قوتها الرادعة، ومن هنا تأتي أهمية وخطورة توقيع اتفاقيات التطبيع معها.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)