رغم وجود 529 ألف عضو بالغرف التجارية التجارية
المصرية لهم حق الانتخاب،
لم يتقدم للترشح لانتخابات الدورة الجديدة للغرف الممتدة من العام الحالي وحتى
2027 سوى 425 مرشحا في 27 محافظة، كما تقدم نفس العدد المقرر لعضوية مجالس إدارات
أربع محافظات مما جعلهم يفوزون بالتزكية، رغم معاناة المجتمع التجاري من العديد من
المشاكل لتي تتطلب إعطاء دفعة للغرف التجارية، حتى تسعى للتخفيف من تلك المشاكل.
وأبرز المشكلات المنافسة غير المتكافئة من قبل
منافذ البيع التابعة للجيش
والشرطة ووزارتي التموين والزراعة، التي تستطيع إقامة منافذها في أي ميدان داخل
المدن، كما تتبعها سيارات متحركة لتوزيع السلع في المدن والقرى يمكنها التوقف في
أي مكان، ولا تخضع للرقابة من قبل أجهزة الرقابة الحكومية، بينما لا يستطيع أي من
المحلات التجارية تسيير سيارات لتوزيع السلع بالميادين أو أمام المساجد، وإلا كان
مصيرها توقيع غرامات مالية، كما تخضع لرقابة حكومية متعددة سواء من قبل وزارة
التموين، أو وزارة الصحة أو مباحث التموين التابعة لوزارة الداخلية، كما تمتد
المنافسة إلى سلاسل المولات والسوبر ماركت الخاصة، بما لديها من قدرات مالية
للشراء المُجمع، مما يمكنها من البيع بأسعار أقل من منافذ التجزئة الصغيرة أو حتى
المتوسطة، هذا إلى جانب توسع نشاط
التجارة الإلكترونية وتوصيل السلع للمنازل.
ضعف ثقة التجار في إمكانية قيام الغرف التجارية بدورها المطلوب تجاه مشاكلهم، يجعلهم يُحجمون عن الترشح لعضوية تلك الغرف، خاصة وأنهم يعرفون أن قانون الغرف التجارية يعطي لوزير التجارة والصناعة حق تعيين عدد مماثل لعدد الأعضاء المنتخبين في كل غرفة تجارية بالمحافظات، مما يجعل ولاءهم للجهة التي اختارتهم.
وكذلك إدراكهم للمناخ العام غير الديمقراطي
وتمتد مطالب التجار إلى ارتفاع أسعار الوحدات التجارية، وصغر مساحات
الأسواق الموجودة، مما يدفع كثيرا منهم إلى اتخاذ أماكن بشكل عشوائي لا تتوافر فيها
عوامل الأمان والسلامة للبائعين وللسلع المباعة، وتزيد معها كميات الفاقد خاصة في
السلع سريعة التلف مثل الخضر والفاكهة، كذلك حالة الركود في الأسواق وضعف حركة
المبيعات، والإتاوات التي تفرضها الأجهزة المحلية عليهم، وصعوبات التمويل من قبل
البنوك.
وزير التجارة يعين نصف أعضاء الغرف
إلا أن ضعف ثقة التجار في إمكانية قيام الغرف التجارية بدورها المطلوب تجاه
مشاكلهم، يجعلهم يُحجمون عن الترشح لعضوية تلك الغرف، خاصة وأنهم يعرفون أن قانون
الغرف التجارية يعطي لوزير التجارة والصناعة حق تعيين عدد مماثل لعدد الأعضاء
المنتخبين في كل غرفة تجارية بالمحافظات، مما يجعل ولاءهم للجهة التي اختارتهم.
وكذلك إدراكهم للمناخ العام غير الديمقراطي، فإذا كان البرلمان المنوط به
الرقابة على الحكومة، والحاصل أعضاؤه على حصانة برلمانية لا يقوم بدره الرقابي،
فهل تقوم الغرف التجارية بهذا الدور؟ أخذا في الاعتبار وجود بعض التجار بالسجن لأسباب
غير مُعلنة، وتعرضهم لإغلاق بعض فروع سلاسلهم التجارية.
وهكذا نجد محافظة الشرقية (شمال البلاد) البالغ عدد سكانها 7.7 مليون نسمه،
والتي تضم 17 مدينة ومجتمعين عمرانيين و509 قرى، لم يترشح بها سوى 11 عضوا مطلوب انتخاب
ثمانية أفراد منهم للغرفة التجارية للمحافظة، وكذلك في محافظة المنيا (جنوب البلاد)
البالغ عدد سكانها أكثر من ستة ملايين نسمه، والتي تضم تسعة عشر مركزا إداريا فيها
361 قرية، لم يترشح بها سوى تسعة مرشحين مطلوب انتخاب سبعة أشخاص منهم لعضوية
الغرفة التجارية للمحافظة.
وهكذا بلغ عدد المرشحين على مستوى المحافظات السبع والعشرين 425 شخصا مطلوب
انتخاب 194 عضوا منهم، رغم إعلان بيانات جهاز الإحصاء الحكومى بلوغ عدد العاملين
بقطاع تجارة الجملة والتجزئة، أكثر من أربعة ملايين مشتغل بنهاية العام الماضي،
ورغم أن عملية الترشح تتيح للمرشح دعاية تساعده في ترويج تجارته، كما تساعده في
تعاملاته مع الأجهزة التنفيذية لتسهيل نشاطه التجاري أو الحصول على قروض مصرفية.
لجنة انتخابية واحدة بالمحافظة
لا يقتصر العزوف على الترشح بل يمتد إلى ضعف الذهاب إلى اللجان الانتخابية، وهو ما تكرسه الإجراءات الانتخابية الحالية التي حددت لجنة انتخابية واحدة بمحافظة مطروح مترامية الأطراف
ولا يقتصر العزوف على الترشح بل يمتد إلى ضعف الذهاب إلى اللجان الانتخابية،
وهو ما تكرسه الإجراءات الانتخابية الحالية التي حددت لجنة انتخابية واحدة بمحافظة
مطروح مترامية الأطراف، الواقعة على الحدود الليبية وتضم ثماني مدن، مما يتطلب
السفر لمسافات طويلة للوصول للمقر الانتخابي في عاصمة المحافظة، وكذلك وجود لجنة انتخابية
واحدة بمحافظة الأقصر التي تضم ستة مراكز إدارية.
وهكذا في محافظة الإسماعيلية التي تضم سبعة مراكز إدارية ليس فيها سوى
لجنتين انتخابيتين، ومحافظة الوادي الجديد التي تضم خمس مدن ليس بها سوى لجنتين،
ومحافظة الفيوم التي تضم ثماني مراكز إدارية ليس بها سوى ثلاث لجان انتخابية،
والنتيجة ترشح سبعة أشخاص لشغل المقاعد السبعة المطلوبة وفوزهم بالتزكية، كما حدث
بمحافظات القليوبية وأسيوط والسويس.
ويحكم نشاط الغرف التجارية المصرية قانون صدر عام 1951، أي منذ 72 سنة وقد
جرى تعديله عام 2002، لكن التعديل كان لمزيد من القيود على الغرف التجارية وليس
لصالحها، فبعد أن كان من حق وزير التجارة والصناعة تعيين ربع عدد الأعضاء بالغرف،
أصبح من حقه تعيين نصف عدد الأعضا. والغريب أن أول قانون للغرف التجارية صدر في
عام 1933 بعهد الملك فؤاد كان أكثر ديمقراطية من النظام السائد حاليا.
انتخاب كل أعضاء الغرف من 90 سنة
بعد أن كان من حق وزير التجارة والصناعة تعيين ربع عدد الأعضاء بالغرف، أصبح من حقه تعيين نصف عدد الأعضا. والغريب أن أول قانون للغرف التجارية صدر في عام 1933 بعهد الملك فؤاد كان أكثر ديمقراطية من النظام السائد حاليا
فقد نص على انتخاب كامل أعضاء الغرف التجارية بالاقتراع السري، وحتى عندما
نص على وجود مندوب للحكومة لمراعاة تنفيذ القوانين، فقد نص على أنه ليس له صوت
معدود بالمناقشات، وحل مشكلة إمكانية غياب بعض التخصصات التجارية بين المنتخبين، بإمكانية
ضم أعضاء منتسبين لمجلس الإدارة حتى خمسة أعضاء لكن ليس لهم صوت معدود. ونص
القانون الذي مضت عليه تسعون عاما على عقد جمعية عمومية للتجار بكل غرفة سنويا، بينما
غاب ذلك النص عن القانون الحالي.
كما نص على إنشاء اتحاد للغرف التجارية والذي يطلق على رئيسه شهبندر تجار
مصر، وهو الاتحاد الذي تراجع دوره، بعد قيام رئيس الاتحاد رجل الأعمال محمود العربي
بالاعتراض على إصدار الحكومة قانون الضرائب على المبيعات عام 1991، مما دفع النظام
الحاكم في فترة الرئيس حسنى مبارك بالتدخل لإبعاده عن منصبه والإتيان بآخر موال
للحكومة، مما أوصل رسالة لرؤساء الاتحاد الذين توالوا على المنصب، بأن بقاءهم في
موقعهم مرهون بالسير في ركاب الإجراءات الحكومية.
وهو ما فعله إبراهيم محمود العربي، رئيس الاتحاد من عام 2019 وحتى العام الحالي،
أي ابن الرجل الذي تصدر لقانون ضريبة المبيعات، لكنه لم يترشح للدورة الجديدة
للغرف، مما يتيح المجال لآخر من رجال الحرس القديم الموالين، الموجودين بعضوية الاتحاد
بحكم رئاستهم لغرف تجارية في المحافظات منذ أواسط فترة حكم الرئيس مبارك وحتى الآن.
twitter.com/mamdouh_alwaly