واصل
الدين الخارجي لمصر تحطيم الأرقام القياسية وقفز إلى مستوى تاريخي جديد وبلغ 162.9
مليار دولار بنهاية كانون الأول/ ديسمبر مقابل 154.9 مليار دولار في أيلول/ سبتمبر،
بحسب بيانات منشورة على موقع وزارة التخطيط.
وارتفع
الدين الخارجي لمصر 5.5% خلال الربع الأخير من العام الماضي، ومقارنة بنهاية 2021،
ارتفع الدين الخارجي 11.9% من مستوى 145.5 مليار دولار، وبزيادة نحو 17.4 مليار دولار.
يتماشى
ارتفاع الدين الخارجي مع توقعات وزارة المالية بارتفاع عجز الموازنة إلى 6.8% من الناتج
المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي، ارتفاعا من 6.1% العام الماضي، وفقا لتقرير
المراجعة نصف السنوية لموازنة العام المالي 2022-2023، والذي ينتهي في حزيران/ يونيو
المقبل.
وتتوقع
الوزارة أن يبلغ مستوى
الديون 93% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول حزيران/ يونيو
2023، ارتفاعا من 84%، تحت ضغوط انخفاض قيمة العملة المحلية، وزيادة الطلب على الدولار
نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات وارتفاع فوائد الديون وأقساطها.
منذ
تولي رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، زمام السلطة فإنه توسع في الاقتراض بشكل غير
مسبوق من أجل الإنفاق على مشروعات ضخمة بالبنية التحتية لا تحقق عوائد مادية لاقتصاد
يرزح تحت ضغوط مالية كبيرة.
وقفز
الدين الخارجي بنحو 5 أضعاف منذ عام 2011 عندما بلغ 34.9 مليار دولار إبان ثورة 25
يناير، وارتفع إلى 43.2 في عام 2013، وبلغ 46.1 مليار دولار في عام 2014، ثم 48.1 مليار
دولار في عام 2015، ثم قفز إلى 55.8 مليار دولار عام 2016، ثم حقق زيادة غير مسبوقة
وبلغ 73.9 مليار دولار عام 2017.
في الفترة
الثانية لولاية السيسي، واصل الدين الخارجي ارتفاعه بشكل مطرد، وقفز إلى 96.6 مليار
دولار في كانون الأول/ ديسمبر 2018، و112.7 مليار دولار في 2019، و129.2 مليار دولار
في 2020، و145.5 في 2021، ثم صعد بقوة إلى 162.9 مليار دولار في نهاية 2022.
كان
السيسي قد طالب الشعب بتحمل تكلفة ما حدث في عامي 2011 و2013 جنبا إلى جنب مع الحكومة
لما لهما من تأثيرات سلبية على الاقتصاد
المصري، مضيفا في تصريحات له في أيلول/ سبتمبر
الماضي أن حجم الدين وصل إلى 450 مليار دولار (الدين العام الخارجي والداخلي).
أسرع
وتيرة نمو ديون في تاريخ مصر
رأى
استشاري تمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، الدكتور علاء السيد، أن
"الديون الخارجية نمت بأسرع وتيرة ممكنة وزادت 8 مليارات دولار في ثلاثة أشهر، لكن
الواقع فإن الأرقام تشير إلى أن الدين الخارجي يتجاوز الأرقام الرسمية بنحو الضعف لأنها
غير متضمنة ديون البنوك المحلية والعاصمة الإدارية ومصر للطيران ومفاعل الضبعة وغيرها
من المشروعات".
وقال لـ"عربي21": " الأزمة تكمن في أن ارتفاع الدين الخارجي لا يصاحبه أي
ارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي، ولا في أرقام الصادرات، ولا في إيرادات السياحة،
ودون انخفاض في معدلات الفقر والبطالة، ودون استقرار لقيمة
الجنيه المصري، ودون أي
تقدم في التصنيف الائتماني للبلاد، بل بالعكس تماما فإن مصر تواصل تدهورها على كافة
المستويات وعلى كل الأصعدة وفي كل القطاعات للأسف الشديد؛ وهو ما يعني أن هذه الديون
لا تصب في مصلحة الاقتصاد المصري ولا تساهم في نموه ولا تحسن من أدائه ولا من مستوى
معيشة الشعب المصري".
وحذر
رئيس الأكاديمية المصرفية الدولية من أن "استمرار الاقتراض بما يؤدي إلى مزيد
من الضرائب على مجتمع الأعمال وعلى المواطنين ورفع تكلفة الإنتاج، وبالتالي استمرار
ارتفاع الأسعار وتفاقم معدلات التضخم، واستمرار تضخم الديون الخارجية سيصل حتما بمصر
إلى نقطة لن تستطيع معها سداد أقساطها، وأتصور أن الحكومة تعي ذلك تماما لذلك فقد أعدت
العدة بتجهيز وعرض كل ما يمكن التفريط فيه من الأصول والشركات، وفرض المزيد من الضرائب
على المواطنين".
5 أضعاف
الاحتياطي النقدي
يعادل
الدين الخارجي البالغ نحو 163 مليار دولار 5 أضعاف احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك
المركزي المصري البالغ 34.3 مليار دولار في شباط/ فبراير الماضي، والذي يتكون غالبيته
من ودائع لدول مجلس التعاون الخليجي.
وتواجه
مصر جدولا مزدحما بالديون، يتعين سداد ديون خارجية بنحو 9 مليارات دولار تستحق السداد
في عام 2023 الذي ينتهي في تموز/ يوليو المقبل، وتشير الأرقام إلى أن مصر تحتاج إلى
41 مليار دولار لتغطية مدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري حتى نهاية العام.
عواقب
وخيمة على الاقتصاد والمواطنين
من جهته،
اعتبر المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، أن "ارتفاع الدين الخارجي إلى نحو
163 مليار دولار هو مؤشر على أن الحكومة فشلت في خفض العجز في الموازنة ولم تستطع كبح
الإنفاق أو ترشيده كما يدل على عدم وجود مصادر أخرى لتمويل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات،
وأن الاقتراض أصبح الوسيلة الوحيدة لدى النظام، وهذا الأسلوب في إدارة الدولة أصبح
يشكل عبئا كبيرا على الجنيه المصري وعلى موازنة الدولة وعلى المواطنين".
في ما
يتعلق بالتأثيرات السلبية، أوضح لـ"عربي21": "التأثير المباشر لهذا
الارتفاع في الدين الخارجي أن الحكومة سترفع الأسعار، وتفرض المزيد من الضرائب، وتبيع
المزيد من الشركات حتى تتمكن من سداد أقساط الديون، والتخلص من هذه الشركات سيكون له
آثار سلبية اجتماعية واقتصادية لأنها لا تضمن بقاء الموظفين والعمال وبالتالي تسريح
الآلاف منهم من تلك الشركات".
وأكد
أن "التأثير الآخر وهو في غاية الأهمية سيكون ارتفاع كلفة الاقتراض من الأسواق
المالية لأن المقرضين يعلمون أن هذا الوضع يشكل خطورة كبيرة على أموالهم، والجزء الذي
لا يقل أهمية هو إحجام المستثمرين عن التواجد في السوق المصري وستكون النتيجة ضعف الاستثمارات".