نشرت مجلة "
نيوزويك" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن التحديات
التي تواجهها شركات السيارات
الصينية في سعيها لدخول سوق
السيارات الكهربائية الأمريكية،
وما يشكّله ذلك من منافسة لـ"تيسلا" وشركات أخرى محليّة.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه رغم
تشجيع إدارة بايدن على استعمال المركبات الكهربائية إلا أن الطريق لن يكون سهلا أمام
الشركات الصينية في مواجهة مشاعر المستهلكين الأمريكيين المشحونة سياسيًا تجاه بكين،
فضلا عن تكلفة جذب العملاء ودخول هذه السوق.
في كانون الثاني/ يناير، نقلت وكالة "رويترز" عن أربعة مصادر
مطّلعة على خطط عملاق السيارات الكهربائية الصيني "بي واي دي" أن الشركة
تعمل على التوسع العالمي وتسعى لإنشاء شبكة توزيع في الولايات المتحدة. وقد صرّح تشانغ
وي، أحد كبار المساهمين في الشركة، بأن "بي واي دي" في هذه المرحلة من صناعة
المركبات الكهربائية في وضع أفضل من "تيسلا" لأن معظم مكوناتها يتم إنتاجها
محليًا في الصين.
وذكرت المجلة أن خطط شركة "بي واي دي" تعكس اتجاهًا أوسع
في سوق السيارات الكهربائية الصينية الكبيرة بالفعل التي تتطلع إلى التوسع الخارجي.
وبحسب تحليل أجراه بنك "آي إن جي" الهولندي، فقد استأثرت المركبات الكهربائية
بنسبة 27 في المئة من المبيعات الصينية المحلية لسنة 2022، علمًا بأن مبيعات شركة
"بي واي دي" للسنة الماضية تجاوزت مبيعات "تيسلا" بأكثر من
500 ألف وحدة.
ووفقًا لمجموعة الأبحاث "كلين تكنيكا" المتخصصة في مجال الطاقة
الخضراء، فقد زادت مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بنسبة 65 في المئة على
أساس سنوي خلال سنة 2022، إلا أنها لا تزال تشكّل 5.7 في المئة فقط من مبيعات السيارات
المحليّة.
وأضافت المجلة أن دفع إدارة بايدن نحو الانتقال إلى استخدام السيارات
الكهربائية من خلال تدابير قانون خفض التضخم، فضلا عن إصدار العديد من الولايات تفويضات
للتخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالوقود، فاقم تحديات تغطية الطلب على السيارات
الكهربائية في ظل محدودية إمدادات المواد الخام اللازمة في صناعة بطارياتها.
وتستطيع الشركات الصينية، التي بدأت بالفعل زيادة إنتاجها بسرعة أكبر،
سدّ هذه الفجوة في الإمداد التي تعاني منها السوق الأمريكية. وقد سبق لشركات أجنبية
أخرى يابانية وكورية جنوبية اكتساب موطئ قدم في سوق السيارات الأمريكية وتحقيق نجاحات
كبيرة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ونقلت المجلة عن براين ماس، رئيس جمعية تجار السيارات الجديدة في كاليفورنيا،
أنه يتحتّم على الشركات الصينية إقناع المستهلكين ليس فقط بشراء سياراتهم وإنما اختيار
السيارات الكهربائية. وإلى جانب توفير أسعار أقل، على هذه الشركات أيضًا إقناع المستهلكين
بتغيير نمط قيادتهم ومعرفة كيفية شحن السيارة. ويضاف إلى ذلك تحديات أخرى في ما يتعلق
بالبنية التحتية، وتحديدًا مدى توفّر مرافق الشحن.
وأشارت المجلة إلى أن السعر يمثلّ عاملا حاسمًا في توسيع استعمال المركبات
الكهربائية. ودخول السيارات الكهربائية الصينية الأرخص السوق الأمريكية من شأنه أن
يفرض ضغطًا تنافسيًا على المصنعين المحليين مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار في المجمل.
لكن من غير الواضح ما إذا كانت الشركات الصينية ستسعى إلى الإطاحة بالمنتجين الأمريكيين
للسيارات الكهربائية.
مع ذلك، فإن الشركات المصنّعة الصينية تواجه العديد من العقبات العملية
لدخول السوق الأمريكية إلى جانب مناخ جيوسياسي مشحون، إذ ينص قانون الحد من التضخم
على أنها وحدها المركبات الكهربائية التي يتم تجميعها محليًا مؤهلة للحصول على ائتمان
ضريبي بقيمة 7500 دولار، مما يمنح السيارات الأمريكية ميزة التكلفة. وبالنسبة للشركات
الصينية، فإن ذلك يعني أن عليها تقديم سعر يتفوّق على السيارات الكهربائية المجمعة في الولايات
المتحدة مع خصم الامتياز الضريبي حتى تكون قادرة على المنافسة.
أما العقبة الأكبر أمام دخول الشركات الصينية السوق الأمريكية فهو النزاع
التجاري الحالي بين الصين والولايات المتحدة وتوتر العلاقات السياسية بسبب قضايا مثل
تايوان - التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها - وإسقاط بالون تجسّس صيني في شباط/
فبراير دخل المجال الجوي الأمريكي تدعي الصين أنه بالون طقس.
وأشارت المجلة إلى أن مصالح مالك شركة "
تسلا" إيلون ماسك
ستتأثر بدخوله منافسةً مباشرةً مع الشركات الصينية. وبما أنه لوحظ أن ماسك يتجنب انتقاد
الصين، فقد اتهمه ستيف بانون في وقت سابق من هذا الشهر بأنه "مملوك للحزب الشيوعي
الصيني". ولكن مهما كانت طبيعة العلاقة بين ماسك والصين، فإن سعي الشركات الصينية
لدخول سوق السيارات الكهربائية الأمريكية سيضعهما بالتأكيد في مسار تصادمي.