نشر موقع "أويل برايس" مقالا للخبير سايمون واتكينز أشار فيه إلى أن
الصين والولايات المتحدة تتنافسان على
سلطنة عمان التي تعد ذات موقع جغرافي وجيوسياسي استراتيجي في عالم
النفط والغاز.
وقالت وزارة الطاقة والمعادن العمانية، إن السلطنة تعمل على طرح مجموعة جديدة من مناطق امتياز النفط والغاز للمزايدة بنهاية الربع الأول من عام 2023.
وستركز المجموعة الأولى من جولة الطرح على مناطق الامتياز البرية وسيتم طرح المجموعة الثانية من مناطق الامتياز بنهاية الربع الثاني وستركز على مناطق الامتياز البحرية.
ويقول الخبير في
المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن الصين ترى أهمية سلطنة عمان في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الأسس لتعهدات بكين المالية وحملتها الدبلوماسية لجذب دول الخليج وضعت عبر سلسلة من اللقاءات مع عمان والدول الجارة لها في كانون الثاني/ يناير 2022، بين مسؤولي الحكومة الصينية البارزين ووزراء خارجية الدول الخليجية.
وقدم الكاتب تحليلا معمقا لهذه اللقاءات في كتاب له حول أسواق النفط وتدور حول موضوع رئيسي وهو توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وتوثيق "تعاون استراتيجي أعمق" في المنطقة التي تظهر فيها
الولايات المتحدة تراجعا في تأثيرها.
وبالتالي فلدى الصين والولايات المتحدة الأسباب الحقيقية لتأمين هذه الامتيازات في منطقة حيوية للنفط في الشرق الأوسط.
وتحتل سلطنة عمان منطقة جغرافية وجيوسياسية مهمة في طرق النفط، ولدى البلد شاطئ طويل على
خليج عمان وبحر العرب بشكل يعطي فرصة لا تعوض للأسواق في الشرق والغرب.
وتقدم مخازن النفط وموانئ السلطنة البديل الوحيد في الشرق عن مضيق هرمز الذي تتحكم به إيران وتمر عبره ثلث إمدادات النفط العالمية والنفط الخام. ونظرا لمساحته الضيفة فمن السهل استهداف ناقلات النفط من خلال سفن أخرى أو من البر.
وأدى خلاف 2011-2012 حول مضيق هرمز لجعل عمان بلدا جذابا وواحدا من مراكز تخزين النفط العالمي إلى جانب سنغافورة في الشرق الأقصى و’إي آر إي‘ في أوروبا (أمستردام- روتردام- أنتويرب) وكوشينغ الأمريكية.
وبدأ الخلاف في كانون الأول/ ديسمبر 2011 عندما هددت إيران بالحد من مرور إمدادات النفط عبر المضيق إذا أدت العقوبات لعرقلة أو وقف صادرات النفط الإيرانية، وشملت التهديدات مناورات عسكرية استمرت 10 أيام قرب المياه الدولية، قرب نقطة الاختناق.
وما تريده الصين من عمان هو السيطرة على كل نقاط الاختناق المرورية من الشرق الأوسط إلى أوروبا والتي تحاول تجنب الطريق المكلف وتحديات الملاحة البحرية حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا ومنطقة مضيق هرمز الحساسة من الناحية السياسية.
ويتساوق هذا الهدف مع خطة الصين المتجسدة في "حزام واحد وطريق واحد" القائم على سلسلة من المشاريع المتعددة.
وتسيطر الصين على مضيق هرمز من خلال الاتفاقية التي وقعتها مع إيران وتشمل تعاونا لمدة 25 عاما واستثمارات في البنى التحتية البحرية والصناعات والنقل. وتعطي نفس الصفقة الصين سيطرة على مضيق باب المندب الذي تمر منه سفن النفط إلى البحر الأحمر وإلى قناة السويس وقبل أن تواصل إبحارها في البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب. وتم إنجاز هذا من خلال وقوع باب المندب بين اليمن الذي يسيطر فيه الحوثيون أنصار إيران، على مساحات واسعة، وجيبوتي التي أسست فيها الصين حضورا قويا.
وقبل اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في كانون الأول/ ديسمبر 2021 استخدمت الصين الدبلوماسية والمال لتوسيع حضورها في عمان.
وتمثل الصين نسبة 90 بالمئة من صادرات النفط العمانية والصادرات البتروكيماوية، حيث سارعت بالإعلان عن التزامها في استثمار 10 مليارات دولار إضافية في المشروع الرئيسي للبلاد وهو مشروع مصفاة الدقم.
ومع أن مزيدا من الاستثمارات الصينية كانت موجهة من الناحية النظرية نحو إكمال مشروع المصفاة إلا أن الصين تعهدت باستثمارات أخرى في مشروع منطقة للصناعات الثقيلة والخفيفة التي تستخدم لأغراض متنوعة على مساحة 11.72 كليومتر مربع بدقم. وهو ما سيسمح للصين بغرس علمها في المناطق الاستراتيجية بالسلطنة.
وجاءت الإشارات عن تحول عمان للفلك الصيني قبل اجتماعات مجلس التعاون الخليجي، ففي حزيران/ يونيو 2021 قال وزير الغاز والنفط محمد الرمحي إن السلطنة تريد إحياء خطة لنقل النفط من إيران في حال تمت العودة للاتفاقية النووية وأنها تفكر بتوسيع الخط إلى اليمن.
وكان خط النفط جزءا من اتفاقية موسعة وقعتها عمان مع إيران عام 2013 وتوسع مداها في 2014 وتمت المصادقة عليها عام 2015 وتركزت على استيراد عمان سنويا 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني ولمدة 25 عاما.
وكان من المتوقع البدء بتطبيق الاتفاقية في 2017، أي أقل من مليار متر مكعب في اليوم وقيمتها 60 مليار دولار في ذلك الوقت. وكان الهدف هو تغيير الكمية إلى 43 مليار متر مكعب في السنة ولمدة 15 عاما ومن ثم تعديلها إلى 28 مليار متر مكعب في العام لفترة أدناها 15 عاما.
وبحسب بيان للصفقة عام 2015، قال مدير الشركة الوطنية الإيرانية للنفط في حينه مهران أمير معيني، إن الشركة الإيرانية تعمل على آلية عقد مختلف يتعلق بالبنود الرئيسية للمشروع. وبشكل محدد، فالفقرة المتعلقة بالبر من المشروع ستغطي حوالي 200 كيلومتر لأنبوب بقياس 56 بوصة (سيتم تصنيعه في إيران) ويمتد من رودان إلى جبل مبارك في جنوب إقليم هرمزغان.
وسيشتمل الجزء البحري على خط بحجم 36 بوصة ويمتد على طول 192 كيلومترا على طول المنعطف لبحر عمان وبعمق 1.340 من إيران إلى ميناء صحار العماني. وكانت الفكرة هي فتح المجال لحرية الحركة للنفط والغاز الإيراني إلى عمان ومنها إلى الأسواق العالمية.
ولكن إيران تعرضت للعقوبات وتم تصميم هذا الخط لتدفق النفط الذي لا عقوبات عليه والذي كان يمر عبر العراق. وكان هذا سيفتح المجال أمام دخول إيران لسوق الغاز المسال السهل النقل.
وبشكل مخالف، فالغاز المنقول عبر الأنابيب يحتاج إلى مزيد من الوقت والمال وصيانة مستمرة قبل أن يتوفر. وفي عالم باتت فيه الحاجة ملحة لتعويض الغاز الروسي، أصبح الغاز الطبيعي المسال الإمداد "المرجح" في إمدادات الغاز، وطالما تطلعت إيران لأن تصبح رائدة عالميا في مجال الغاز الطبيعي المسال ولا تزال هذه الخطط قائمة.
ولتحقيق هذا فقد حاولت إيران وكجزء من اتفاقيتها مع عمان ما بين عامي 2013 و2015، الاستفادة من حوالي 25 بالمئة من منشآت إنتاج الغاز بالسلطنة. وعندما يتم تحويل الغاز إلى غاز مسال فسيتم تحميله في ناقلاته ودفع عموله لعمان. وكان من المتوقع البدء في هذا بعد إكمال الأنابيب البرية والبحرية.
وإلى جانب المنفعة من هذا التآزر في المحور الإيراني-الصيني فسيكمل الخط الذي يتم من خلاله التحايل على العقوبات وهو غوريه-جاسك ولديه قدرة على نقل مليون برميل في اليوم من الحقول الرئيسية في إيران.
ويمتد الخط من غوريه في شعيبية غربي في إقليم خوزستان وعلى مسافة 1100 كيلومتر إلى ميناء جاسك في هرمزغان على خليج عمان.
وبحسب تصريحات الرمحي وقت توقيع الاتفاقية وفي مناسبات أخرى فإن مسقط مستعدة لأن تكون معبرا لخطوط الغاز التي تبدأ من حقل إيران العظيم "جنوب بارس" إلى صحار شمال عمان. ويربط الخط هذا بآخر موجود ويمتد حتى صلالة قرب حدود اليمن ويمكن مده للأراضي اليمنية حيث يخوض الحوثيون حربا ضد السعودية.