من بين 102 مليون شخص يمثلون سكان
مصر في منتصف عام 2021، كان عدد الذين
ترددوا على دور
السينما 8.5 مليون شخص، وعدد المترددين على المسارح العامة حوالي
نصف مليون شخص، وعدد زوار المناطق الأثرية 3.4 مليون شخص، وعدد زوار المحميات
الطبيعية نصف مليون، وعدد زائري المعارض الزراعية والصناعية 63 ألف شخص، وذلك حسب
الإحصاءات الثقافية لجهاز الإحصاء الحكومي.
وبلغ عدد النسخ الموزعة للصحف الصباحية اليومية التسع 351 ألف نسخة، بمتوسط
39 ألف نسخة للصحيفة الواحدة، كما بلغ عدد زائري متاحف الفن والتاريخ 2.6 مليون
شخص، وعدد زوار متاحف العلوم 627 ألف زائر، وعدد الكتب المؤلفة التي تم إيداعها في
دار الكتب القومية خلال العام 13 ألفا و255 كتاب وعدد الكتب المترجمة 689 كتاب،
وبلغ عدد النسخ المطبوعة من الكتب والكتيبات 32.2 مليون نسخة.
والأغرب من ذلك أنه عند مقارنة الإحصاءات الثقافية لعام 2021، بما كانت
عليه بعام 2010 الذي يمثل آخر فترة الرئيس حسنى مبارك، أي قبل 11 عاما حين كان عدد
السكان 80.4 مليون نسمه، نجد أن عدد دور العرض السينمائي قد تراجع من 110 سينما حينذاك،
إلى 55 سينما عام 2021 رغم زيادة السكان بنحو 22 مليون نسمه ما بين عامي المقارنة.
يظل السؤال عن أسباب تراجع وسائل التثقيف بين المصريين، ليأتي الغلاء في مقدمة الأسباب، سواء غلاء المعيشة أو غلاء تكلفة استخدام الوسائل الثقافية. فمع استمرار حالة الغلاء في الأسواق المصرية منذ سنوات، فقد تغيرت الأولويات لدى الأسر
كما انخفض عدد الصحف العامة بمختلف دورياتها ولغاتها من 142 صحيفة إلى 61
صحيفة، كذلك تراجع عدد النسخ الموزعة لتلك الصحف من مليار وسبعة ملايين نسخة، إلى 224
مليون نسخة بنسبة تراجع 78 في المئة، كما انخفض عدد المترددين على المكتبات العامة
سواء للقراءة أو للاستعارة من 8 ملايين شخص إلى 3.9 مليون شخص. أيضا تراجع عدد
قصور وبيوت
الثقافة من 539 قصرا إلى 347 قصرا، كما انخفض عدد معارض الفنون التشكيلية
والتطبيقية من 322 معرضا إلى 101 معرض.
أسعار مرتفعة للسينما والمسرح والسيرك
ويظل السؤال عن أسباب تراجع وسائل التثقيف بين المصريين، ليأتي الغلاء في
مقدمة الأسباب، سواء غلاء المعيشة أو غلاء تكلفة استخدام الوسائل الثقافية. فمع
استمرار حالة الغلاء في الأسواق المصرية منذ سنوات، فقد تغيرت الأولويات لدى الأسر
ليصبح الغذاء له الأولوية الأولى، تليه تكلفة الدروس الخصوصية للطلاب في الأسرة،
ثم المرافق من كهرباء وغاز طبيعي ومياه ثم باقي مستلزمات الأسرة من ملابس
ومستلزمات منزلية للتنظيف والصيانة للأجهزة المنزلية والعلاج وغير ذلك، ومن هنا فقد
تم استبعاد بند وسائل الثقافة لدى الكثيرين.
وعلى الجانب الآخر فقد زادت أسعار وسائل الثقافة، حيث ارتفعت أسعار الصحف
والمجلات وتذاكر السينما والمسرح والسيرك والباليه والحفلات الغذائية والكتب. فأسعار
دور السينما في مدينتي القاهرة والجيزة تتراوح من 50 إلى 60 جنيها للعروض الصباحية،
وتزيد إلى 75- 90- 100- 120- 160 جنيها في العروض المسائية. وأسعار العروض المسرحية
تبدأ من 60 جنيه بالمسرح القومى التابع للدولة وحتى 110 جنيهات، لكنها في المسارح الخاصة
داخل الفنادق تبدأ من 220 جنيها وحتى 400 جنيه.
وعروض السيرك القومي تبدأ من 50 و75 جنيها وحتى مائة و150 جنيها، ويتم
احتساب الأطفال من سن ثلاث سنوات تذكرة كاملة، بينما تتراوح أسعار السيرك الخاص من
مائة جنيه إلى 200 و300 جنيه. أما أسعار دار الأوبرا فتختلف حسب نوع العرض لتبدأ
من 40 جنيها للإنشاد الديني، إلى 75- 90 جنيها للموسيقى العربية وما بين 110 و125
للحفلات الموسيقية، حتى تصل إلى 310 جنيهات للباليه.
ومن ناحية أخرى، فقد وفرت شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي العروض
السينمائية والأفلام والكتب بالمجان، وبالتالي فهي متوفرة على التليفونات المحمولة
ليتم مشاهدتها في أي وقت وفي أي مكان، دون الحاجة للانتقال إلى مكان المسرح أو
السينما ودفع تكلفة الدخول وارتداء ملابس مناسبة، والاحتجاز داخل قاعة السينما حتى
ينتهي العرض، حسب تعليمات الأمن بمنع الخروج لرواد السينما خلال العرض.
إغلاق دور نشر لضعف المبيعات
التدخل الرسمي في مضمون وسائل التثقيف، حتى أصبحت الصحف الحكومية والخاصة نسخة متشابهة في ظل إعلام الصوت الواحد، وتدخل الدولة من خلال شركة تابعة لها في الإنتاج السينمائي وإنتاج المسلسلات لأسباب دعائية، على حساب تناول القضايا الجماهيرية الحيوية، مما أدى لعزوف الكثيرين عن تلك الوسائل
عامل آخر يتمثل في التدخل الرسمي في مضمون وسائل التثقيف، حتى أصبحت الصحف
الحكومية والخاصة نسخة متشابهة في ظل إعلام الصوت الواحد، وتدخل الدولة من خلال
شركة تابعة لها في الإنتاج السينمائي وإنتاج المسلسلات لأسباب دعائية، على حساب
تناول القضايا الجماهيرية الحيوية، مما أدى لعزوف الكثيرين عن تلك الوسائل.
أمر آخر يتعلق بنسبة الأمية المرتفعة والسطحية وتراجع مكانة المثقفين
بالمجتمع، وتشهير وتنكيل النظام الحاكم بالعديد من المثقفين الذين أبدوا مواقف
معارضة، مما دفع البعض لإيثار السلامة والانغماس في وسائل بديلة كالألعاب
الإلكترونية أو الجلوس على المقاهي الأرخص بالتكلفة وممارسة الألعاب الشائعة بها، أو
تعاطى المخدرات أو الخمور أو ممارسة الزنا ونحو ذلك من وسائل الهروب من الواقع.
والنتيجة تراجع الانقرائية وإغلاق العديد من دور النشر بسبب ضعف المبيعات، والتي
لا تغطى التكلفة الأساسية من أجور للعمالة ومرافق، وخفض عدد النسخ المطبوعة من
الكتب إلى 300 نسخة و200 ومائة بل وإلى خمسين نسخة فقط، والاضطرار لبيع الكتب بالكرتونة
بأثمان بخسة لتدبير سيولة وإخلاء المخازن المكدسة، وجاء ارتفاع أسعار الورق ليزيد
المشكلة صعوبة.
وفي عام 2021 بلغ عدد دور السينما 55 دار عرض، تضم 250 قاعة سينما يصل عدد
المقاعد بها 78 ألف مقعد، تنتشر في 13 محافظة من بين المحافظات السبع والعشرين، أي
أن هناك 14 محافظة تخلو من وجود دور عرض سينمائي، كما تستحوذ القاهرة العاصمة على
30 سينما من الإجمالى بخلاف ثماني سينمات في الجيزة، ليصبح نصيب سبع محافظات سينما
واحدة بكل منها.
وبلغ عدد المسارح العامة 42 مسرحا تضم 20 ألفا و400 مقعد، وبلغ عدد الفرق
المسرحية الوطنية 73 فرقة يعمل فيها 3045 فردا في 19 محافظة. وتوزعت الفرق المسرحية
الوطنية ما بين 25 فرقة للفنون الاستعراضية، و18 فرقة للموسيقى والغناء، وست فرق
للفنون الشعبية، وأربع فرق للسيرك، وثلاث للباليه، واثنتين لمسرح العرائس واثنتين
للأوبرا.
غياب العدالة الثقافية بين المصريين
وبالنظر إلى نشاط فرقتي الأوبرا في القاهرة خلال العام، فقد قدمت 37 عرضا
حضرها ثمانية آلاف مشاهد دفعوا 768 ألف جنيه، رغم إلغاء التخفيضات التي كانت مقررة
للطلاب من قبل، ولهذا تتضمن الموازنة الحكومية دعما سنويا لدار الأوبرا.
وإلى جانب عروض الفرق الوطنية فقد شاركت 38 فرقة أجنبية بتقديم 99 عرضا، في
الفنون الشعبية والأوبرا والفنون الاستعراضية والموسيقى والغناء والتمثيليات
والأوبريت والباليه والأوبرا، وبلغ عدد المترديين على عروضها حوالي 13 ألف مشاهد.
وفي مصر توجد 71 حديقة للحيوان والأسماك والنباتات موزعة على 16 محافظة، وبما
يعني خلو 11 محافظة من الحدائق العامة، وبلغ عدد زائري تلك الحدائق 23.3 مليون
زائر دفعوا حوالي 115 مليون جنيه، وبما يعني أن 23 في المئة من السكان قد زاروا
الحدائق خلال العام، مع الأخذ في الاعتبار تكرار بعض هؤلاء للزيارة، وبما يعني أن
النسبة الحقيقية أقل من ذلك.
ويعد تراجع عدد قصور الثقافة التي تنتشر في مراكز المحافظات مؤشرا رئيسيا
لتراجع الاهتمام الحكومي بوسائل التثقيف، وتعاني الجامعات من التضييق عليها في عقد
الندوات أو المؤتمرات العلمية. ويتضح تدخل الدولة في المضمون الثقافي في عقد 741
نشاطا ثقافيا في صورة ندوات حول الإرهاب والتطرف، و918 احتفالية للأعياد القومية،
بينما تم عقد 150 ندوة في المدارس والجمعات حول تنمية الموهوبين والمبدعين، و58
صالونا ثقافيا و14 مؤتمرا علميا خلال العام.
ورغم عدم تضمن بيانات جهاز الإحصاء الأعمار لزوار الأماكن الثقافية من
متاحف ومعارض ودور سينما ومسرح، إلا أن تلك البيانات السابقة تشير إلى تراجع سينعكس
أثره على سلوكيات
المجتمع، ويتوقع استمرار تراجعه في ظل موجة الغلاء الحالية في مصر
مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، كما تشير إلى غياب العدالة الثقافية
بين المصريين، وتركز وسائل الثقافة في القاهرة والجيزة والإسكندرية وتراجعها في الأقاليم
عموما وخاصة في محافظات الجنوب.
twitter.com/mamdouh_alwaly