- نادي القضاة يصدر بيانا ثم يقوم بمسحه بعد تسببه في غضب المحامين
- بيان القضاة تضمن أخطاء إملائية تسببت في سخرية واسعة
- بيان القضاة نشر واقعة مغلوطة عن اعتذار محام لقاض في واقعة مشاجرة
- المحامون وجدوا أن البيان فيه تهديد لهم وصعّدوا في الإضراب العام
- اشتعال الأزمة سببه مشاجرة بين قاض ومحام وأسرتيهما في مدينة ألعاب
تشهد
مصر "معركة" بين القضاة، والمحامين، مع توجه النقابة العامة للمحاماة والنقابات الفرعية للمحامين، إلى الدخول في إضراب عام، قبل أن يتم تعليقه اليوم الأحد.
بدأت شرارة الأزمة يوم 7 كانون الثاني/ يناير الجاري، حيث وقعت مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة وتشابك بالأيدي بين محام وموظف في محكمة مرسى مطروح، وتدخل عدد من المحامين والموظفين في المشاجرة، لتتم إحالة ستة منفردين للمحاكمة ويصدر ضدهم حكم بحبسهم لمدة سنتين.
وبعد غضب المحامين، فقد أصدرت نقابة المحامين العامة قرارا بتعليق العمل في محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة بدءا من يوم الخميس 19 كانون الثاني/ يناير الجاري وإلى أجل غير مسمى، مع التلويح بالدعوة لانعقاد جمعية عمومية طارئة بسبب التعسف في حبس زملائهم محامي مطروح.
وأعلن غالبية المحامين عن التزامهم بالإضراب عن العمل أمام المحاكم، بل إن هناك من زاد وهاجم القضاة وفي مقدمتهم المحامي أحمد حلمي الذي طالب بالإضراب الكامل.
وقال: "أعلن التزامي بقرار النقابة بالإضراب الكامل، وبخصوص الحديث عن تشكيل هيئة دفاع للحضور أمام المحكمة الاستئنافية بقضية مرسى مطروح، فالأمر لم يكن متعلقا بالدفاع، ولكنه متعلق بقضاء لم يكن محايدا وأحكام مبيتة وصادرة من قبل انعقاد الخصومة".
وتابع: "أقترح تفويض نقيب محامي مرسى مطروح ومعه ممثل للنقابة العامة وكفى.. أما باقي الجمعية العمومية فدورها الاحتجاجي أهم من دورها في هيئة الدفاع، فهذه ليس محاكم ولا هؤلاء قضاة، ونحن على استعداد لإغلاق مكاتبنا جميعها بشكل تام".
أزمة أخرى
وتزامن مع هذا الحكم وتبعاته، أزمة أخرى، وذلك بحدوث مشاجرة شهدتها مدينة "دريم بارك" للألعاب بين المحامي حسام فايد وزوجته وأسرته من جانب، وبين قاضي ورئيس محكمة بمحكمة شمال القاهرة دائرة مستأنف مدني وزوجته وأسرته من جانب آخر.
وخلال عرض المحامي وأسرته على نيابة قسم أول أكتوبر تواجد بالنيابة نحو 200 محام للتضامن معه، ورفضوا مثول المحامي للتحقيق إلا إذا تحققت العدالة برفع الحصانة عن رئيس المحكمة واستدعائه لأنه متهم في الواقعة، واستدعاء زوجة رئيس المحكمة لأنها متهمة بالتعدي بالضرب، وتفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالواقعة للتأكيد على تعدي القاضي وزوجته على المحامي وزوجته.
لتصدر النيابة - الخميس الماضي - قرارا يسمى "تعويد" المحامي وعرضه برفقة التحريات الأمنية صباح اليوم التالي، مع إخلاء سبيل زوجته كمجني عليها واستدعاء زوجة رئيس المحكمة لسؤالها في الواقعة.
بيان القضاة
بدوره، أصدر نادي القضاة بيانا اعتبره المحامون استفزازيا لهم، إذ تضمن تهديدات بالتصعيد ضدهم، كما أنه احتوى على أخطاء إملائية عديدة، استدعت حذفه لاحقا بسبب سخرية المعلقين منه.
وتضمن بيان نادي القضاة معلومات مغلوطة عن واقعة مشاجرة القاضي والمحامي في مدينة "دريم بارك" للألعاب، حيث ادعى تقديم اعتذار من قبل المحامي للقاضي وإنهاء القضية بالتصالح، وهو ما لم يحدث.
وتضمن بيان نادي القضاة تهديدا للمحامين باتخاذ خطوات تصعيدية ضدهم، لتصدر النقابة العامة للمحامين بجنوب القاهرة بيانا ردا على بيان نادي القضاة.
وجاء في بيان المحامين الصادر الخميس الماضي: "لقد هالنا وهال جموع المحامين في جميع أنحاء الجمهورية هذه التجاوزات الصارخة التي قامت بها الأجهزة المعنية من خروج صارخ على أحكام الدستور والقانون والعصف بكافة المعايير القانونية والواقعية... ويكون الأمر أدهى وأمر عندما تدور هذه التجاوزات في إطار من المنهجة والتوجه المذموم للعصف بالقانون".
وأصدر البيان قرارات بالإضراب العام أمام كافة المحاكم على اختلاف مسمياتها ودرجاتها، وعدم التعامل مع كافة إدارات قيد الدعاوى، ووقف التعامل أمام كافة النيابات، وهو ما يعني الإضراب الكامل عن العمل.
إخلاء سبيل ووقف الإضراب
في أحدث تطور للأزمة، نظرت محكمة استئناف مرسى مطروح، اليوم الأحد، بالاستئناف المقدم من المحامين الستة على حكم حبسهم سنتين، وقررت المحكمة إخلاء سبيل المحامين وحجز الدعوى لجلسة 5 شباط/ فبراير المقبل للنطق بالحكم.
وحضر جلسة اليوم وترافع عن المحامين وتضامن معهم مئات المحامين، وفي مقدمتهم نقيب المحامين عبدالحليم علام، ونقيب المحامين السابق سامح عاشور، والمحامي الشهير منتصر الزيات، والذين طلبوا في مرافعتهم تعديل القيد والوصف بالقضية مؤكدين أن الواقعة لم تتعدّ كونها مشادة كلامية بين الطرفين.
وجاء ذلك بعد حضور المجني عليهم موظفي محكمة مرسى مطروح وقد عدلوا عن أقوالهم وأكدوا عدم تعدي المحامين عليهم وأنها مشادة فقط.
بدورها، أعلنت نقابة المحامين عن تعليق قرار الإضراب، وذلك بعد إخلاء سبيل المحامين الستة.
"قتل مهنة المحاماة"
تعقيبا على الأزمات المذكورة، أكد صالح حسب الله المحامي والمستشار القانوني السابق لحركة استقلال جامعة عين شمس، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن المحامين مجني عليهم في الأزمات المتلاحقة والحل يبدأ برفع الظلم أولا، فلا يمكن الصمت أبدا على "قتل مهنة المحاماة" التي تواجه هجمات شرسة وممنهجة ومتلاحقة من مناحي مختلفة.
وأضاف أنه لا تراجع عن الإضراب العام عن العمل والالتزام بقرارات نقابة المحامين والنقيب العام والنقابات الفرعية بجميع محافظات الجمهورية حتى يتم رفع الظلم الواقع في الوقائع المتلاحقة التي تخص الزملاء المحامين سواء المحكوم عليهم بالحبس أو في الوقائع الأخرى.
وتابع، بأنه من الممكن بعد رفع الظلم أن تتم تهيئة المناخ لعمل حوار بين طرفي الأزمة، وإجراء مؤتمر عام يحضره أطراف الأزمة لتهدئة الأوضاع وإزالة حالة الغضب والاحتقان لدى جموع المحامين، شريطة رفع الظلم أولا.
لا حالة صراع
فيما أكد المستشار حازم رسمي الرئيس بمحكمة الاستئناف وعضو مجلس إدارة نادي القضاة، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن القضاة ليسوا في حالة صراع أو غضب تجاه أي من مؤسسات الدولة أو النقابات المختلفة أو أي جهة أو هيئة بما في ذلك نقابة المحامين وأعضاؤها من المحامين.
وأضاف أن أزمة محامي محكمة مطروح بيد القضاء ولا يمكن التدخل في أعمال القضاء، وهناك درجة تقاضي أخرى أمامهم، فالحكم الصادر بحبسهم ليس حكم نهائي وأمامهم درجة "استئنافية" لتعديل الحكم أو إلغائه.
وأوضح أن مجلس إدارة نادي القضاة وبصفته منتخب من قضاة مصر كان لزاما عليه الرد وتوضيح ما يحدث من هجمة وأزمات بحق القضاة، ولذلك صدر البيان من النادي.
وأضاف أن البيان لم يكن مقصودا به تهديد المحامين أو استفزازهم ولكن توضيح أمور تخص القضاة، وعندما وجد النادي أن البيان أخذ على محمل تهديد للمحامين وأثار غضبهم، فقد تم سحبه ومسحه للتأكيد على احترام المحامين ولنزع فتيل الفتنة الحادثة الآن بين طرفي العدالة.
ومن جانبه أكد شهاب محمد أمين إعلام حزب الجيل الديمقراطي والمتحدث الرسمي باسم الحزب، في تصريحات خاصة، بأن نادي القضاة أخطأ في البيان الذي أصدره بشأن أزمته مع المحامين.
وأضاف أن معظم الأحزاب والقوى السياسية وجدوا ذات الأمر، لأن أي شخص يقرأ البيان يجد فيه لهجة تهديد ووعيد بحق المحامين، ومن ثم كانت خطوة سحب البيان خطوة أولية جيدة لتهدئة الأمور بين الطرفين.
وتابع بأنه "يجب أن يعقب ذلك البدء في جولة أخرى من إبداء حسن النوايا بين الطرفين، وتدخل شيوخ المهنة من الطرفين وعمل لقاءات بينهما بحضور وسطاء لبدء مناقشات جادة لإزالة حالة الغضب الكبرى لدى المحامين حفاظا على الوطن وتحقيق العدالة في مصر التي لن تستقيم ولن توجد إلا بوجود الطرفين دون أن يبغي أحد على الآخر"، بحسب قوله.