يعتقد بأن
قرية الولجة من أقدم القرى في
فلسطين، وتمتاز بخصوبة
أراضيها ووفرة مياهها، والطبيعة الخلابة، وكثرة الينابيع والعيون على أراضيها، وتمر من أراضيها سكة حديد القدس-يافا التي شيدت خلال العهد العثماني في أوائل
القرن العشرين.
وهي قرية مهجرة تقع في الجنوب الغربي من مدينة القدس على أرض مساحتها
الأصلية تتجاوز الـ17 ألف دونم، ونشأت القرية فوق رقعة من أقدم جبال القدس، المشرفة
على وادي الصرار.
ويعتقد بأنها سميت الولجة نسبة إلى الفتحة الطبيعية التي تلجها طرق
المواصلات. وقد سكنها العرب الكنعانيون منذ 5 آلاف سنة لوفرة مياهها وخصوبة
أراضيها.
وتحتوي قرية الولجة على مواقع
تاريخية عريقة، فهي تضم في جنباتها
مدرجات الولجة التاريخية بالإضافة إلى آثار قديمة يعتقد أنها حمامات رومانية.
كما أنها تضم بين جنباتها أقدم شجرة زيتون في فلسطين والتي يزيد عمرها على الثلاثة آلاف وخمسمائة عام، وشرعت بلدية
الاحتلال بالقدس وجهات إسرائيلية عديدة،
كوزارة البيئة والسياحة، ودائرة الآثار الإسرائيلية، بحفريات ضخمة في موقع ومحيط
"عين الحنية"، بدعوى البحث والتنقيب عن آثار قديمة.
أحد سكان الولجة يحصد الزيتون في بستان العائلة
ويعتبر نفق عين الجوزة أكبر نفق لعين ماء في ريف فلسطين، حفر في
الصخور الصلبة، واعتبر تحفة بنائية تعود للعصر الحديدي. وإن كان علماء الآثار لا
يستبعدون أن النظام المائي في العين أسبق من ذلك.
وتتفاوت أراضي الولجة الزراعية بين المنحدرات الجبلية والسهول
والمنخفضات، وتزرع الحبوب في المناطق السهلية، في حين تزرع الأشجار المثمرة فوق
المنحدرات، وأهم محاصيلها الزراعية الزيتون.
ينابيع المياه في الولجة
ازداد عدد سكان الولجة من 910 عام 1922 إلى 1,206 نسمة عام
1931، وقدر عدد سكانها في عام 1945 بنحو 1,656 نسمة.
احتل الصهاينة الولجة عام 1948، ولم يدم احتلال الولجة طويلا فقد قام
المقاتلون العرب بهجمة مضادة طردوا المحتلين من القرية، وبمقتضى شروط اتفاقية
الهدنة التي وقعت مع الأردن في نيسان/ أبريل عام 194، دخل الجيش الإسرائيلي
القرية، إضافة إلى ثلاث قرى أخرى في منطقة القدس، وهي بيت صفاف وبتير والقبو، في
الأسابيع التي عقبت توقيع الاتفاقية.
وقام الصهاينة بطرد سكان الولجة من القرية. ولجأ معظم سكانها
إلى مخيم الدهيشة ومخيم شعفاط. وأنشئت
مستعمرة "عمينداف" على أراضي القرية في عام 1950.
ولم يتبق من سكان القرية إلا بضع عشرات، سكنوا في كهوف القرية وأخذوا
شيئا فشيئا يعيدون بناءها على جزء صغير من أراضيهم حتى هزمت الجيوش العربية في حرب
حزيران/ يونيو عام 1967 واحتلت باقي أراضي القرية.
مستوطنون يسرقون مياه الولجة
وبعد احتلال القدس وضمها لبلدية الاحتلال والإعلان أن "القدس
الموحدة هي عاصمة إسرائيل"، ضمت مساحات كبيرة من أراضي الولجة إلى حدود
"بلدية القدس" وأصبح البناء في القرية ممنوعا إلا بإذن من سلطات
الاحتلال التي ترفض منح التراخيص لأهالي القرية، بل على العكس باشرت في سبعينيات
القرن الماضي في هدم منازل المواطنين التي تقع ضمن حدود بلدية القدس بذريعة عدم الترخيص.
ولا يفرق الاحتلال في عملية الهدم أو قرارات منع البناء بين أراضي
القرية الواقعة ضمن حدود بلدية الاحتلال في القدس، أو بين الأراضي المصنفة
"ج" التي تخضع للإدارة المدنية، وهما تتقاسمان أراضي الولجة، ويهدف
الاحتلال إلى وقف الامتداد الفلسطيني في المنطقة، إذ تتوسط القرية عدة مستوطنات
إسرائيلية كمستوطنة "جيلو" ومستوطنة "هار جيلو" ومستوطنات
قرية المالحة.
القرية خالية تماما من شبكات الصرف الصحي وتعتمد في تصريف مجاريها
على الحفر الامتصاصية المنتشرة بين البيوت، ولم تخضع القرية لأي تطوير منذ
احتلالها.
وبعد أن قام المجلس المحلي للقرية بتعبيد طريق ترابي يخدم العشرات من
سكان القرية، فقد قامت سلطات الاحتلال بإزالة الإسفلت.
وتفتقر الولجة إلى وحدات صفية كافية لعدد الطلاب إذ إن القرية لا تضم
إلا مدرستين، وكلتا المدرستين لا تستوعب إلا 400 طالب من أصل ما يقارب الـ600، فيضطر
باقي الطلاب وخاصة ممن هم في المرحلة الثانوية إلى التوجه إلى مدارس محافظة بيت
لحم القريبة للدراسة.
ويقضم جدار الفصل العنصري الذي أقيم حول القرية أجزاء من أراضيها ولم
يبق لها إلا ثلاثة آلاف دونم، كما أنها فصلت عن قرى مدينة القدس الأخرى وأصبح
مدخلها إلى القدس عبارة عن حاجز عسكري يتجنب العديد من الطلاب الاقتراب منه.
و يوجد مسار واحد للدخول والخروج من القرية باتجاه بلدة بيت جالا
المجاورة، بحيث يقوم حاجز إسرائيلي في مدخل القرية بالإشراف على الحركة في هذا
المسار، ما يؤثر بشكل كبير على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والتعليمية والنفسية
لدى السكان.
داخل مستوطنة هار غيلوه المبنية على أراضي الولجة
في أواخر عام 2017 أعلنت سلطات الاحتلال عزمها على نقل الحاجز العسكري
المسمى "عين ياهل" والمعروف باسم حاجز "عين يالو" أيضا،
والواقع على الطريق بين مدينة القدس ومستوطنة "جيلو" مسافة 3 كم باتجاه
قرية الولجة، الأمر الذي يؤدي إلى مصادرة نحو 3000 دونم من الأراضي الزراعية
التابعة للقرية، بما فيها المنطقة التي تضم "عين الحنية" أكبر الينابيع
غربي القدس، وعين الماء الوحيدة التي تبقت لقرية الولجة، حيث تواصل سلطات الاحتلال
العمل في الحاجز العسكري الجديد ليصبح أحد المعابر المؤدية إلى مدينة القدس.
وخاض سكان الولجة العديد من النضالات القضائية في السنوات الأخيرة ضد
بناء الجدار حول قريتهم، بسبب عزل القرية، وأيضا بسبب الضرر الهائل الذي يلحقه
بناء الجدار بالمدرجات الزراعية القديمة، لكن محكمة الاحتلال العليا سمحت ببناء
هذا المقطع من جدار الفصل العنصري.
وفي خطوة تهدف لإحاطة مدينة القدس المحتلة بجدار من المستوطنات،
تمهيدا لفصلها عن الضفة الغربية المحتلة، فقد أقرت "اللجنة اللوائية للبناء
والتنظيم" الإسرائيلية العام الماضي مخططًا لبناء 700 وحدة استيطانية جديدة
على أراض فلسطينية في قرية الولجة جنوب غربي المدينة، لتوسيع مستوطنة "جفعات
مسوع".
وبعدما كانت القرية تتربع على مساحة 17.8 ألف دونم قبل النكبة، فقد ضاق
الحيز الفلسطيني فيها حتى وصل الآن إلى 4 آلاف دونم فقط، وتنقسم هذه الدونمات
القليلة بين الضفة الغربية والقدس، وما زالت حتى اللحظة تواجه هذه القرية الصغيرة
الخطط الاستيطانية ومحاولة طمس هويتها الفلسطينية.
المصادر
ـ الولجة (قرية)، الموسوعة الفلسطينية.
ـ وليد الخالدي، نبذة تاريخية عن الولجة- القدس، كتاب لكي لا ننسى .
ـ محمد أبو الفيلات، الولجة.. قرية مقدسية دمرتها النكبة واستهدفها
الاحتلال، الجزيرة نت، 26/11/2016.
ـ ورقة حقائق: قرية الولجة.. صمود حتى الرمق الأخير، مركز عبد الله
الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، مركز المعلومات
الفلسطيني 16/9/2018.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، 1974.
ـ الولجة.. قرية فلسطينية مهجرة تقاسي الاستيطان والتهجير القسري،
وكالة الأنباء صفا، 13/11/2021.
ـ أوليفر هولمز وحفصة جودة، الولجة.. قرية فلسطينية مقدسية تتقلص
ببطء على الخريطة، نون بوست، 13/5/2018.