أثارت الأزمة الجديدة والتلاسن بين الحكومة المصرية وحكومة الدبيبة في ليبيا بعض الأسئلة حول تداعيات هذه الأزمة على المشهد العام، وما إذا كانت القاهرة ستعود لدعم حفتر وحكومة باشاغا ضد الدبيبة.
ورفضت الحكومة المصرية بشدة الاتفاقية التي وقعتها حكومة الدبيبة مع دولة تركيا والتي تسمح للأخيرة بالتنقيب حول النفط والغاز في البحر المتوسط مقابل دفع قيمة إيجارية لدولة ليبيا، معتبرة أن الخطوة مرفوضة كونها جاءت من حكومة منتهية ولايتها ولا يحق لها توقيع اتفاقات، بحسب وزير الخارجية المصري.
كما أعلنت عدة دول أخرى رفضها للخطوة كونها قد تسبب انقسامات وردود فعل غاضبة خاصة مع وجود تنازع على السلطة التنفيذية في البلاد وأن الجميع يود إجراء انتخابات وليس توقيع اتفاقات، وهو ما أعلنه مجلس النواب الليبي برفضه للخطوة واعتبارها غير شرعية، مطالبا الأمم المتحدة والجامعة العربية برفضها.
"رد الدبيبة"
في المقابل، أعلنت الحكومة الليبية برئاسة الدبيبة رفضها للتصريحات المصرية وللاجتماع الذي عقد في القاهرة بين وزيري الخارجية المصري واليوناني بالخصوص، معتبرة هذه الخطوات تدخلا مرفوضا في الشأن الليبي وأن التلويح بانتهاء مدة الحكومة والتشكيك في شرعيتها هو دعوة للفراغ والانقسام والحرب.
واتهمت حكومة الدبيبة وزير الخارجية المصري، سامح شكري بأنه يتجاهل عن قصد موقف الأمم المتحدة والأطراف الدولية الواضح بأن تكون هناك انتخابات وطنية في ليبيا، والرفض الواسع لأي حلول تلفيقية أخرى، وفق مؤتمر صحفي للحكومة.
فهل تتسبب حالة الصدام بإعادة مصر دعمها لمعسكر الشرق الليبي وحكومة باشاغا أم سيتم احتواء الأزمة؟
"دعم الشرق عسكريا"
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إنه "رغم محاولة حكومة الدبيبة منذ مجيئها التقرب من الحكومة المصرية واستقبلت وفدا كبيرا ووقعت عددا من الاتفاقيات التزمت بموجبها مع شركات مصرية بعقود ضخمة في الطرق والكهرباء إلا أن الحكومة المصرية استمرت في دعمها لمشروع الكرامة (حفتر) لفرضه على الغرب الليبي بالقوة بعد النجاح في سيطرته على الشرق".
وأوضح خلال تصريحات لـ"عربي21" أن "الحكومات الليبية المتعاقبة تنظر إلى مصر على أنها الشقيقة الكبرى والجارة والراعي ولكن مصر للأسف ربطت بين وجه محدد والغرب الليبي ومن وجهة نظري أخفقت بشدة في هذه السياسة، وهذا الأمر لا علاقة له بالدبيبة وإنما تكرر مع كل الحكومات"، حسب كلامه.
وتابع: "والحقيقة أن مصر لم تتخل أبدا عن حلفائها في الشرق ودعمهم عسكريا وإعلاميا ولكنها صعدت من حملتها بعد مجيء حكومة الدبيبة، وسياسة مصر ضد مصالح ليبيا تزيد من شعبية حكومة الدبيبة وتجعل الناس يتغاضون عن أخطائها في مواجهة أجندة أخطر تعتزم تنصيب حكم عسكري والسيطرة على موارد ليبيا وسيادتها".
"اتفاقية عدائية"
في حين رأى وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "الاتفاقية اعترض عليها الشعب الليبي قبل مصر أو اليونان لأنها لن تفيد ليبيا بقدر ما تسبب لها العداء مع مصر وكذلك اليونان، خاصة القاهرة التي ترى أن ليبيا ليست في حاجة لاستغلال المياة الاقتصادية إذا كانت أراضيها تسبح فوق بحر من النفط والغاز".
وأشار إلى أن "ليبيا كدولة لن تستغني عن جارتها الأولى مصر لما لها من ثقل إقليمي ودولي وكذلك العلاقات المتميزة بين الشعبين التي لا تجدها بين جارتين على المستوى العربي والعالمي، لذا أعتقد أن الحكومة المصرية لا ترغب فقط في استغلال تركيا لخيرات ليبيا"، كما صرح.
وأضاف: "كل ما يحدث الآن هو عبارة عن زوبعة في فنجان ونحن نحتاج إلى مصر أكثر مما تحتاج هي لنا وقريبا ستسعى حكومة الدبيبة إلى المصالحة وكسب رضى مصر حكومة وشعبا"، بحسب تقديراته.
"توافق مصري_تركي"
المتحدث السابق باسم مجلس الدولة الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف قال من جانبه إن "ما يحصل حاليا من مناكفات سياسية في الإعلام بين حكومة الدبيبة والحكومة المصرية هو دليل جديد على فشل مسار جينيف الذي لم ينجز أي شيء ملموس يمكن الدفاع به عن جدوى استمرار حكومة الوحدة الوطنية في قيادة المرحلة الانتقالية الأصعب في تاريخ البلاد".
وأشار إلى أن "موقف مصر تطور إيجابيا إزاء الأزمة الليبية منذ مشاركتها في مؤتمر برلين الأول في يناير من العام 2020 واستضافة المحادثات العسكرية وكذلك الدستورية، لذا لا يمكن تصور تقدم العملية السياسية الليبية إلا بوجود توافق "مصري_تركي" حول التعامل مع الأزمة الليبية"، حسبما قال لـ"عربي21".
رد قاس من حكومة الوحدة الليبية على الخارجية المصرية
مبعوث ألماني يزور طرابلس لأول مرة.. ومباحثات حول "برلين 3"
سفير أمريكا بليبيا: باشاغا والدبيبة لا يستطيعان إدارة البلاد